وتُعطِّل إمكاناتها في وجودها الإنساني فوق الأرض ، أمَّا الإمامة فقد حُجِر عليها في سقيفة أُخرى طيلة هذه السنين ، كأنَّها شهادة زور ، أو كذبة نَطق بها عنسيٌّ أسود ، أو مَزحة تَخفَّف بها جَدِّي وهو ينزف في غدير خُمٍّ!!!
إنْ نَسْتَفِقْ قبليَّات الجزيرة وتَعُدْ إلى رقصها في الساحات ، فتلك هي الرُّدَّة في وطأتها الثقيلة على المُجتمع الطريِّ العود! أمَّا أنْ نصل نحن بعد غياب ثلاثين سنة ونقول لها : أزيحي لِثامك مِن الدرب ، فقد شوَّشت الرسالة وزعزعت وحدة الأُمَّة ، فإنَّ ذلك هو الذي ، أصلا ضَاَمَ تيميَّة أبي بكر ، وضيَّع عمر عن الصواب ، وخبَّل عثمان بحِقد أُمويٍّ!!!
ولكنَّنا فعلاً وصلنا ، وبدأنا ننفض الغُبار عن ورقة الغار ، ولكنَّ الشَّنار بقي الشَّنار!! لقد تمكَّن مِن زرعه شناراً ثلاثة خُلفاء تعهَّدوه وتداركوه على مَدى ثلاثين سنة ، لقد جاء مَضريَّاً ، حميريَّاً ، كلبيَّاً ، تغلُبيَّاً ، قيسيَّاً ، يمنيَّاً ... ابتداء مِن مَكَّة ومروراً بالبصرة ، ومربوطاً مسموماً بالشام!!!
ولقد أجبرنا ـ إذ وصلنا ـ على خوضها معركة بنمط قَبَلِي ، واضطررنا على صَبغها بالدم حفاظاً على الإسلام ، ولقد اختلط دمُ جمل عائشة بدمٍ تفجَّر مِن صدر طلحة في معركة البصرة المشهورة بيوم الجمل ، وقفلنا راجعين إلى الكوفة ونحن نحسب أنَّنا ربحنا! ولكنَّ الحقيقة إنَّ الربح ذاته كان الهزيمة! لقد تجلَّت الهزيمة في اقتتالنا ضمن بيوتنا ، على أيِّنا هو الأحَقُّ بالوصول إلى صينيَّة الطعام : هل هو طلحة؟ أمْ الزبير؟ أمْ هذاك الطالبيُّ الملصوق بأهل البيت؟!
لقد كان القتال وهدر الدم ضمن العائلة الواحدة ، وضمن البيت الواحد ، وفوق الأرض الواحدة! يا لتعس الأُمَّة التي