وفي الحدِيْث : «مَنْ مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حُرٌّ».
قالَ ابنُ الأَثيرِ : ذو (١) الرَّحِمِ هُم الأَقارِبُ ، ويَقَعُ على كلِّ مَن يَجْمعُ بَيْنك وبَيْنه نسَبٌ ، ويطْلقُ في الفَرائِضِ على الأَقارِبِ مِن جهَةِ النِّساءِ ، يقالُ : خذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ ومُحَرَّم ، وهو مَنْ لا يَحِلُّ نِكاحه كالْأُمِّ والبنْتِ والْأُخْت والعمَّة والخَالَة.
والذي ذَهَبَ إليه أَكْثَر العُلَماءِ مِن الصَّحابَة والتابِعِيْن وأَبو حَنيفَةَ وأَصْحابُه وأَحْمدُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عليه ، ذَكَراً كانَ أَو أُنْثَى.
قالَ : وذَهَبَ الشافِعِيُّ وغيرُهُ مِن الأَئمَّةِ والصَّحابَةِ والتابِعِيْن إلى أَنَّه يَعْتِقُ عليه الأَوْلادُ والآباءُ والْأُمَّهاتُ ولا يَعْتِقُ عليه غيرُهُم.
ج أَرْحامٌ لا يُكَسَّرُ على غيرِ ذلِكَ ؛ ومنه قوْلُه تعالَى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (٢).
قالَ الأَزْهَرِيُّ : مَن نَصَب أَرادَ واتَّقُوا الأَرْحامَ أَنْ تَقْطعُوها ، ومَنْ خَفَض أَرادَ تَساءَلون به وبالأَرْحامِ ، وهو قوْلُكَ : نَشَدْتُكَ الله (٣) وبالرَّحِمِ.
وأُمُّ رُحْمٍ ، بالضمِّ ، وأُمُّ الرُّحْمِ ، معرَّفاً باللامِ ، مكَّةُ ، قد جاءَ هكذا في الحدِيْث ، أَي هي أَصْلُ الرَّحْمَةِ.
والمَرْحومةُ : المَدينةُ ، شَرَّفَها اللهُ تعالَى وصلَّى على ساكِنِها ، يَذْهَبُونَ بذلِكَ إلى مُؤْمِنِي أَهْلِها.
والرَّحومُ والرَّحماءُ مِنَّا ومِن الإِبِلِ والشاءِ : التي تَشْتَكي رَحِمَها بعدَ الوِلادَةِ.
ولم يقيِّدْه في المُحْكَمِ بالوِلادَةِ.
وقيَّدَه اللّحْيانيُّ ونَصّه : ناقَةٌ رَحومٌ هي التي تَشْتَكي رَحِمَها بعدَ الوِلادَةِ فَتَموتُ منه.
وفي الصِّحاحِ : بعدَ النِّتاجِ ؛ وقد رَحُمَتْ ، ككَرُمَ وفَرِحَ وعُنِيَ ؛ واقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ على الْأُولَيَيْن ، رَحامَةً ورَحْماً ، بفتْحِهما ويُحَرَّكُ ، الأَوّل مَصدرُ رَحُمَ ككَرُمَ ، والثاني مَصْدرُ رُحِمَ كعُنِيَ ، والثالِثُ مَصْدرُ رَحِمَ كفَرِحَ ، ففيه لفٌّ ونشرٌ غيرُ مرتَّبٍ ، وكلُّ ذات رَحِمٍ تُرْحَمُ.
أَو هو ، أَي الرَّحِمُ ، داءٌ يأْخُذُ في رَحِمِها فلا تَقْبَلُ اللِّقاحَ ، أَو أَنْ تَلِدَ فلا يَسْقُطُ سَلاها ، وهذا قَوْلُ اللّحْيانيّ ، لكنَّه فسَّرَ به الرُّحامَ ، كغُرابٍ ، ونصُّه : الرُّحامُ في الشاءِ : أَنْ تَلِدَ إلى آخِرِ العِبارَةِ. ففي سِياقِ المصنِّفِ مُخالفَةٌ لا تَخْفَى.
ثم قالَ اللّحْيانيُّ : وشاةٌ راحِمٌ : وارِمَةُ الرَّحِمِ ، وعَنْزٌ راحِمٌ.
ومحمدُ بنُ رَحْمَوَيْهِ ، كعَمْرَوَيْهِ (٤) ، البُخارِيُّ.
ورُحَيْمٌ ، كزُبَيْرٍ ، ابنُ مالِكٍ الخَزْرَجيُّ سَمِعَ منه عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ. ورُحَيْمُ بنُ حَسَنٍ (٥) الدِّهْقانُ الكُوفيُّ عن عُبيدِ بنِ سعيدٍ الأُمويُّ.
ومَرْحومُ بنُ عبدِ العَزيزِ البَصْريُّ العَطَّارُ عن أَبي عمْران الجونيّ وثابِتٍ ، وعنه ابنُ المَدِينيّ وبندارُ وأَحْمدُ بنُ إبراهيمَ الدّورقيّ ، ثِقَةٌ عَبَّادٌ ، تُوفي سَنَة ثَمَان وثَمَانِيْن ومَائَةٍ ، مُحَدِّثونَ.
ورَحْمَةُ : من أَسْمائِهِنَّ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
تَراحَمَ القَوْمُ : رَحِمَ بعضُهم بعضاً ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
والرَّحْمَةُ : الرِّزْقُ ، وبه فُسِّر قوْلُه تعالَى : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ) (٦).
وسُمِّي الغَيْثُ رَحْمَةً ، لأنَّه برَحْمَتِه ينزلُ مِن السَّماءِ ؛ وقوْلُه تعالَى : (وَإِذا أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً) (٧) ، أَي حَيا وخِصْباً بعدَ المَجاعَةِ.
واسْتَرْحَمَهُ : سأَلَهُ الرَّحْمَةَ.
ورجُلٌ مَرْحومٌ ومُرَحَّمٌ ، شُدِّدَ للمُبالَغَةِ ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
__________________
(١) في اللسان : ذوو الرحم.
(٢) النساء الآية الأولى.
(٣) في اللسان : بالله.
(٤) ضبطت في التبصير بضم الميم ، ضبط حركات ٢ / ٥٩٥.
(٥) في التبصير ٢ / ٥٩٦ «الحسن» وفي الإكمال لابن ماكولا ١ / ٢٩٨ الحسين.
(٦) هود الآية ٩.
(٧) يونس الآية ٢١.