ومِن المجازِ : الحَاطُومُ : الهاضُومُ ، يقالُ : نعْمَ حَاطومُ الطَّعامِ البَّطيخُ ، كما في الأَساسِ.
وسِياقُ المصنِّفِ يَقْتَضِي أَنْ يكونَ كلُّ مِن الألْفاظِ الثلاثَةِ بمعْنَى الهاضُومِ وليسَ كَذلِكَ.
والحَطُومُ ، كصَبُورٍ وشَدَّادٍ ومِنْبَرٍ : الأسَدُ يَحْطِمُ كلَّ شيءٍ أَتَى عليه ، أَي يَدُقَّه.
والحُطَمَةُ ، كهُمَزَةٍ : الكثيرُ من الإِبِلِ والغَنَمِ تَحْطِمُ الأَرْضَ بخِفافِها وأَظْلافِها ، وتَحْطِمُ شجَرَها وبَقْلَها فتأْكُلُه.
وفي الصِّحاحِ : ويقالُ للعَكَرَةِ مِن الإِبِلِ حُطَمَةٌ لأَنَّها تَحْطِمُ كلَّ شيءٍ.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ لحَطْمِها الكَلَأَ ، وكَذلِكَ الغَنَم إذا كَثُرَتْ.
والحُطَمَةُ : الشَّديدَةُ من النِّيرانِ تَجْعَل كلَّ شيءٍ يُلْقى فيها حُطاماً ، أَي مُتَحَطِّماً مُتَكَسِّراً.
وقوْلُه تعالَى : (كَلّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) (١) ، هو اسمٌ لجَهَنَّمَ ، نَعُوذُ باللهِ منها ، لأَنَّها تَحْطِمُ ما يُلْقى فيها ، وهو مِن أَبْنِيةِ المُبالَغَة.
وفي الحَدِيْث : «رأَيْت جَهَنَّم يَحْطِمُ بعضُها بعضا ، أَو بابٌ لها ، وكلُّ ذلِكَ مِن الحَطْمِ الذي هو الكَسْرُ والدَّقُّ.
ومِن المجازِ : الحُطَمَةُ : الرَّاعي الظَّلومُ للماشِيَةِ ، وفي الصِّحاحِ : قليلُ الرَّحْمة للماشِيَةِ يَهْشِمُ بعضَها ببعضٍ كالحُطَمِ ، كصُرَدٍ ، ومنه حَدِيْثُ عليٍّ ، رضياللهعنه : «كانتْ قُرَيْش إذا رأَتْهُ في الحَرْبِ قالَتْ : احْذَرُوا الحُطَمَ ، احْذَرُوا القُطَمَ».
وفي الأَساسِ : كأَنَّه يَحْطِمُ المالَ بعنْفِهِ في السُّوقِ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : الحُطَمَةُ هو الرَّاعِي الذي لا يُمَكِّنُ رَعِيَّتَهُ مِن المراتِعِ الخَصِيْبَةِ ويقْبضُها ولا يَدَعُها تَنْتشِرُ في المَرْعى ، وحُطَمٌ إذا كان عَنِيفاً كأَنَّه يَحْطِمُها أَي يَكْسرُها إذا سَاقَها أَو أَسامها يَعْنُفُ بها ، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للرَّاجزِ ، قالَ ابنُ بَرِّي للحُطَمِ القَيْسيِّ ، ويُرْوَى لأَبي زُغْبَةَ الخَزْرَجيّ يومَ أُحُدٍ ، وفيها :
أَنا أَبو زُغْبَةَ أَعْدو بالهَزَمْ |
|
لن تُمْنَعَ المَخْزاةُ إلَّا بالأَلَمْ |
يَحْمِي الذِّمار خَزْرَجِيُّ من جُشَمْ |
|
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ(٢) |
أَي رجُلٌ شَديدُ السَّوقِ لها يَحْطِمُها لشِدَّةِ سَوْقِه ، وهذا مَثَل ، ولم يردْ إبِلاً يَسُوقُها وإنَّما يُريدُ أَنَّه داهِيَةٌ مُتَصرّف ، قالَ : ويُرْوَى البَيْتُ لرُشَيْد بنِ رُمَيْضٍ العَنَزِيّ مِن أَبْياتٍ :
باتوا نِياماً وابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ |
|
بات يُقاسِيها غُلام كالزَّلَمْ |
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّافُ القَدَمْ |
|
ليسَ براعي إبِلٍ ولا غَنَمْ |
ولا بِجَزَّار على ظهْر وَضَمْ (٣)
قلْتُ : وأَوْرَدَه الحَجَّاجُ في خطْبَتِه مُتَمَثِّلاً.
وفي مَجْمَعِ البَحْرَينِ للصَّاغانيّ قوْلُهم : «شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمَةُ» ، حَديثٌ صحيحٌ ، رَوَاهُ عائِذُ بنُ عَمْرو بنِ هِلالٍ المُزَنيُّ أَبو هُبَيرَةَ مِن صالِحِي الصَّحابَةِ ، رضياللهعنه ، أَخْرَجَه مُسْلم في صَحِيحِه مِن طَريقِه.
ووَهِمَ الجوهريُّ في قوْلِه : مَثَلٌ.
ونَصّ الصَّاغانيّ : وقَوْلُ الجوْهرِيِّ في المَثَلِ سَهْو وإنَّما هو حَدِيثٌ.
قالَ شيْخُنا : وهذا لا يُنافِي كَوْنَه مَثَلاً ، وكم مِن الأَحادِيثِ الصَّحيحَةِ عُدَّت في الأَمْثالِ النَّبويَّةِ.
وقد ذَكَرَه الزَّمَخْشرِيُّ في المُسْتَقْصَى وقالَ : يُضْرَبُ في سُوءِ المَمْلكَةِ والسِّياسَةِ. والميدانيُّ في مَجْمعِ الأمْثالِ وقالَ : يُضْرَبُ لمن يَلِي ما لا يُحْسِن وِلايَته.
وحُطَمَةُ (٤) بنُ مُحارِبِ بنِ وديعَةَ بنِ لُكَيْزِ بنِ أَفْصى ، أَبو بَطْنٍ مِن عبدِ القيسِ ، كانَ يَعْمَلُ الدُّروعَ ، والحُطَمِيَّاتُ منه ، كذا في كفايَةِ المتحفظِ. أَو هي التي تَكْسِرُ السُّيوفَ ، أَو الثَّقِيلَةُ العَرِيضَة ، والأَوَّل أَشْبَه الأَقْوالِ ، قالَهُ ابنُ الأَثيرِ.
__________________
(١) الهمزة الاية ٤.
(٢) اللسان والأخير في الصحاح والمقاييس ٢ / ٧٨ والتهذيب بدون عزو فيها.
(٣) اللسان وفيه «خفاق» بدل «خفاف».
(٤) ضبطت بالقلم في جمهرة ابن حزم ص ٢٩٧ بفتح الحاء والطاء.