والحَوْرَمُ ، كَجَوْهَرٍ : المالُ الكثيرُ من الصَّامِتِ والنَّاطِقِ ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.
ويقالُ : إنَّهُ لمُحْرِمٌ عنك ، كمُحْسِنٍ ، أَي يَحْرُمُ أَذاهُ عليك. والذي نَقَلَه ثَعْلَب عن ابنِ الأَعْرَابيِّ : أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه.
قالَ الأزْهَرِيُّ : وهذا بمعْنَى الخَبَر ، أَرادَ أَنَّه يَحْرُمُ على كلِّ واحِدٍ منهما أَنْ يُؤْذِي صاحبَهُ لحُرْمَةِ الإِسْلامِ المَانِعَةِ عن ظُلْمِه.
ويقالُ : مُسْلم مُحْرِمُ وهو الذي لم يُحِلَّ مِن نفْسِه شَيئاً يُوقِعُ به ، يُريدُ أَنَّ المُسْلم مُعْتَصِمٌ بالإِسْلامِ مُمْتَنِع بحُرْمتِهِ ممَّن أَرادَه وأَرادَ مالَهُ.
وذَكَرَ أَبو القاسِمِ الزَّجَّاجيُّ عن اليَزِيدِيِّ أَنَّه قالَ : سأَلْت عمِّي عن قوْلِ النبيِّ صلىاللهعليهوسلم : «كلُّ مُسْلم عن مُسْلم مُحْرِمٌ : ، قالَ : المُحْرِمُ المُمْسِكُ ، معْناهُ أَنَّ المُسْلمَ مُمْسِك عن مالِ المُسْلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ ، وأَنْشَدَ لمِسْكِيْن الدَّارِميّ :
أَتَتْني هَناتٌ عن رجالٍ كأَنَّها |
|
خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ |
أَحَلُّوا على عِرْضِي وأَحْرَمْتُ عنهُمُ |
|
وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ (١) |
قالَ : وأَنْشَدَ المفضَّلُ لأَخْضَرَ بنِ عَبَّاد المازِنيّ جاهِلِيّ :
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي |
|
كرِهْتُ ومنها في القُلوب نُدُوبُ (٢) |
وقالَ العُقَيلِيُّونَ : حَرامُ اللهِ لا أَفْعَلُ ذلِكَ ، كقَوْلِهِم : يَمِينُ اللهِ لا أَفْعَلُ ذلِكَ ، ومنه حَدِيْث عُمَرَ : «في الحَرامِ كَفَّارةُ يَمينٍ» ، ويُحْتَملُ أَن يُريدَ تَحْريمَ الزَّوْجةِ والجارِيَةِ مِن غيرِ نيَّةِ الطَّلاقِ ، ومنه قوْلُه تعالَى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (٣) ، ثم قالَ ، عزوجل : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) (٤). وفي حَدِيْث ابنِ عَبَّاس : «إذا حَرَّمَ الرجُلُ امرأَتَه فهي يمينٌ يُكَفِّرُها».
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
المُحَرَّمُ ، كمُعَظَّم : أَوَّلُ الشُّهورِ العَربيَّة ، ذَكَرَه الجوْهَرِيُّ وغيرُهُ مِن الأَئمَّةِ ، والمصنِّفُ أَوْرَدَه في أَثْناءِ ذِكْر الأَشْهُرِ الحُرُمِ اسْتِطْراداً وهو لا يَكْفي.
وقالَ أَبو جَعْفرٍ النحَّاس : أَدْخَلوا عليه اللامَ مِن دُوْن الشُّهورِ.
والمَنْسوبُ إلى الحَرَمِ مِن الناسِ حِرْميُّ ، بالكسْرِ ، فإذا كان في غيرِ الناسِ قالوا : ثَوْبٌ حَرَمِيُّ ، والأُنْثَى حِرْمِيَّةٌ ، وهو مِن المَعْدولِ الذي يَأْتي على غيرِ قِياسٍ.
وقالَ المبرِّدُ : يقالُ : امْرَأَةٌ حِرْمِيَّةٌ وحُرْمِيَّةٌ ، وأَصْلُه مِن قوْلِهِم : وحِرْمَةُ (٥) البَيْتِ وحُرْمَةُ البَيْتِ ، قالَ الأَعْشَى :
لا تَأْوِيَنَّ لِحرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به |
|
يوماً وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النارِ |
الباخِسينَ لمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ |
|
والدَّاخِلِين على عُثْمان في الدَّار (٦) |
هكذا أَنْشَدَه ابنُ سِيْدَه في المُحْكَمِ.
قالَ ابنُ بَرِّي : وهو تَصْحيفٌ ، وإنَّما هو لجَرْميّ ، بالجيمِ في الموْضِعَيْن.
وشاهِدُ الحِرْمِيَّةِ قولُ النابِغَة الذُّبيانيّ :
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي |
|
بذي المَجازِ لم تَحْسُسْ به نَغَما |
من قولِ حِرْمِيَّةٍ قالت وقد ظَعَنوا |
|
هل في مُخفِّيكُمُ مَن يَشْتَري أَدَما؟ (٧) |
وفي الحَدِيْث : أَنَّ عِياضَ بنِ حِمارِ المُجاشِعيّ كانَ حِرْميَّ رَسُول اللهِ صلىاللهعليهوسلم ، فكانَ إذا حَجَّ طافَ في ثيابِهِ ، وكان أَشْرافُ العَرَبِ الَّذِينَ يَتَحَمَّسون على دِينِهم ، أَي يتَشدَّدُونَ ، إذا حَجَّ أَحَدُهُم لم يَأْكُلْ إلَّا طعامَ رجُلٍ مِن الحَرَمِ ، ولم
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان.
(٣) التحريم الآية الأولى.
(٤) التحريم الآية الثانية.
(٥) نبه إلى ضبطها وضبط «حرمة» التي تليها مصحح المطبوعة المصرية.
(٦) اللسان والأول في التهذيب والمعجم البلدان «الحرم».
(٧) الديوان ط بيروت ص ١٠٣ برواية «نعما» بالعين المهملة. واللسان.