وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : لا جَرَمَ (١) لقد كانَ كذا وكذا ، ولا ذا جَرَ ولا ذا جَرَمَ ، والعَرَبُ تَصِلُ كَلامَها بذي وذا وذو فتكونُ حَشْواً ولا يُعْتَدُّ بها ، وأَنْشَدَ :
إِنَّ كِلاباً والِدِي لا ذا جَرَمْ (٢)
وقالَ ابنُ الأَثيرِ : لا جَرَمَ كَلِمةٌ تَردُ بمعْنَى تَحْقِيق الشيءِ ، وقد اخْتُلِفَ في تقْدِيرِها فقيلَ : أَصْلُها التَّبرِئَةُ بمعْنَى لا بُدَّ ، وقد اسْتُعْمِلَتْ في معْنَى حَقّاً ، وقيلَ : جَرَمَ بمعْنَى كَسَبَ ، وقيلَ : بمعْنَى وَجَبَ وحَقَّ ولا رَدُّ لمَا قَبْلها مِن الكَلامِ ثم يُبْتدأُ بها كقَوْلِهِ تعالَى : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ) (٣) ، أَي ليسَ الأَمْرُ كما قالوا ، ثم ابْتَدأَ وقالَ : وَجَبَ لهم النار.
قلْتُ : وقد حَقَّقَ الكَلامَ فيه ابنُ هِشامٍ في المغْنِي في بَحْثِ لا ، والجلالُ في همْعِ الهَوامِع أَثْناء بَحْثِ ان والقَسَم ، والخَفاجيُّ في العِنايَةِ أَثْناء غافِرٍ ، وأَشارَ إليه أَثْناء النَّحْل ، وفيمَا أَوْرَدْناه كِفايَة.
والجَرْمُ : الحارُّ ، فارِسِيُّ مُعَرَّب كرم.
وأَيْضاً : الأَرْضُ الشَّديدَةُ الحَرِّ.
وقالَ أَبو حَنيفَةَ : أَرْضٌ جَرْمٌ : دَفِئةٌ ، والجَمْعُ جُرُومٌ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : أَرْضٌ جَرْمٌ تُوصَفُ بالحَرِّ ، وهو دَخِيلٌ.
وقالَ اللَّيْثُ : الجَرْمُ نَقِيضُ الصَّرْد ، يقالُ : هذه أَرْضٌ جَرْمٌ وهذه أَرْضٌ صَرْدٌ ، وهُما دَخِيلان في الحَرِّ والبَرْدِ.
وقالَ الجوْهَرِيُّ : الجُرُومُ مِن البِلادِ خلافُ الصُّرُودِ.
والجَرْمُ : زَورَقٌ يَمَنيُّ ، ج جُرُومٌ ، وهي النَّقيرةُ جَمْعُها نَقائِرُ.
وجَرْمٌ : بَطْنٌ في طَيِّىءٍ ، وهو ثَعْلَبَةُ بنُ عَمْرو بنِ الغَوْث بنِ جلهمَةَ وهو طيىء ، مَساكِنُهم صَعِيدُ مِصْرَ ، قالَهُ صاحِبُ العبر ، ومنهم بقيَّةٌ في نواحِي غزَّةَ ، ومِن ولدِهِ حيَّانُ بنُ ثعْلَبَةَ وإليه يَنْتَسِبُ أَبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ مالِكٍ النّحَويُّ المِصْريُّ ، وعَمْرو بنُ سَلَمَةَ الجرميُّ له صُحْبَةٌ ، وأَبو قلابَةَ عبدُ اللهِ بنُ يَزيدِ الجرميُّ البَصْريُّ تابِعِيُّ جَليلٌ ، وأَبو عُمَر صالحُ بنُ إسْحقَ الجرميُّ لُغَويُّ مَشْهورٌ أَخَذَ عن الأَخْفش وأَبي عُبَيْدَةَ وأَبي ذَرٍّ والأَصْمَعِيّ ، ورَوَى الحَدِيْث ، تُوفي سَنَة مائَتَيْن وخَمْس وعِشْرِيْن.
وجَرْمُ بنُ زَبَّانَ بنِ حلوان بنِ عمْران بنِ الحافي : بَطْنٌ في قُضاعَةَ ، منهم : شهابُ بنُ المجنونِ صَحابيُّ وأَخُوه عامِرٌ مدرج الرِّيحِ شاعِرٌ ، وهوذَةُ بنُ عَمْرو الجرميُّ له وِفادَةٌ.
والجِرْمُ ، بالكسْرِ : بِلادٌ وَرَاء وَلْوالج قُرْبَ بَذَخْشانَ ، ولم يَذْكُرِ المصنِّفُ بَذَخْشان في مَوْضِعِه ، ومنها الفَقِيهُ أَبو عبدِ الله سعيدُ بنُ حيدرٍ الجرميُّ ، سَمِعَ أَبا يعقوب يوسف بن أيوب الهمدانيّ ، تُوفي ببَلَدِه سَنَة خَمْسمائة وثلاث (٤) وأَرْبَعِين.
وبَنُو جارِمٍ : بَطْنانِ : أَحَدُهما في بنِي ضَبَّةَ ، والآخَرُ في بنِي سَعْدٍ ، فالتي في ضَبَّة هم بَنُو جارِمِ بنِ مالِكِ بنِ بكْرِ بنِ سعْدِ بنِ ضَبَّةَ ، ذَكَرَه ابنُ الكَلْبي ، وكان له خطة بالبَصْرَةِ ، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ :
إذا ما رأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ |
|
إلى رَمْلِها والجارِميُّ عَمِيدُها (٥) |
وأَنْشَدَ الحافِظُ في التَّبْصير للفَرَزْدقِ :
ولو أَنَّ ما في سفْن دَارِين صبَّحَتْ |
|
بنِي جارِمٍ ما طيَّبتْ ريحَ خَنْبَش (٦) |
وجَرِمَ الرجُلُ ، كفَرِحَ : صارَ يأْكُلُ جُرامَةَ النَّخْلِ بينَ السَّعَفِ ، عن أَبي عَمْرو.
وأَجْرَمَ الرَّجُلُ : عَظُمَ جُرْمُه ، هكذا في النسخِ ، والصَّوابُ : جرم ثلاثِيّاً ، وكذا ما بَعْده.
جَرِمَ لَوْنُهُ إذا صَفَا.
وجرمَ الدَّمُ بِهِ : لَصِقَ.
وجرمَ الرجُلُ : صَفا صَوْتُهُ.
__________________
(١) في اللسان : لا جَرَ.
(٢) اللسان والتهذيب ، وخزانة الأدب ٤ / ٣١٣ ونسبه لبعض بني كلاب ، وبعده :
لا هدرن اليوم هدر في النعم
(٣) النحل الآية ٦٢.
(٤) في معجم البلدان : سنة نيف وأربعين وخمسمئة.
(٥) اللسان وكتب مصححه بحاشيته : «قوله إذا ما الخ تقدم في عمد :شمساً بدل حرباً والجلهمي بدل الجارمي ، والذي هناك هو ما في المحكم» وجزء منه في الصحاح والمقاييس ١ / ٤٤٦.
(٦) التبصير ٢ / ٤٨٤ ولم أعثر عليه في ديوانه.