وقد تَزْدَري العينُ الفَتى وهو عاقِلٌ |
|
ويُؤْفَنُ بَعْضُ القومِ وهو جَرِيمُ |
ويُرْوَى : وهو حَزِيمُ. وهي جَرِيمَة ، بهاءٍ ، أَي ذاتُ جِرْم وجِسْم ، كالمَجْرومِ ج جِرامٌ ، بالكَسْرِ ، ككَرِيمٍ وكِرَامٍ ، نَقَلَه الجوْهَرِيّ.
قالَ : ويقالُ : جِلَّةٌ جَرِيمٌ أَي عِظامُ الأَجْرامِ ، والجِلَّةُ : الإِبِلُ المَسانُّ.
وحَوْلٌ مُجَرَّمٌ ، كمُعَظَّمٍ ، أَي تامُّ.
وقالَ أَبو زَيْدٍ : العامُ المُجَرَّمُ : الماضِي المُكَمَّلُ ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعُمَر بنِ أَبي رَبيعَةَ :
ولكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً |
|
مُجَرَّمةً ثم اسْتَمَرَّتْ بناغِبَّا (١) |
وقالَ ابنُ هانىءٍ : سَنَةٌ مُجَرَّمَةٌ ، وشَهْرٌ مُجَرَّمٌ وكَريتٌ ، وهو التامُّ ، وقد تَجَرَّمَ أَي انَقَضَى ، قالَ لَبِيدٌ :
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها |
|
حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وحَرامُها (٢) |
أَي تَكَمَّلَ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ : وهذا كُلُّه مِن القَطْع كأَنَّ السَّنَةَ لمَّا مَضَت صارَتْ مَقْطوعَةً من المُسْتَقبلَةِ.
وجَرَّمْناهُم تَجْرِيماً : أَي خَرَجْنا عنهم ، نَقَلَه اللّيْثُ.
ولا جَرَمَ ، ويقالُ : لا ذا جَرَمَ ولا أَنْ ذا جَرَمَ ولا عن ذا جَرَمَ ولا جَرَ ، بِلا مِيمٍ. قالَ الكِسائيُّ حُذِفَتِ المِيمُ لكَثْرةِ اسْتِعْمالِهِم إيَّاه كما قالوا : حاشَ للهِ ، وهو في الأَصْلِ حاشَا للهِ ، وكما قالوا : أَيْشْ وإنَّما هو أَيُّ شيءٍ ، وكما قالوا : سَوْتَرَى وإنَّما هو سَوْفَ تَرَى. ويقالُ أَيْضاً : لا جَرُمَ ، ككَرُمَ ، ولا جُرْمَ بالضَّمِ ، كلُّ ذلِكَ : أَي لا بُدَّ ، أَو معْناه حَقًّا ، أَو لا مَحالَةَ ، أَو هذا أَصْلُه ثم كَثُرَ اسْتِعْمالَهم إِيَّاه حتى تَحَوَّلَ إلى معنى القَسَمِ.
ونصّ الصِّحاحِ : قالَ الفرَّاءُ : لا جَرَمَ كَلِمةٌ كانتْ في الأَصْلِ بمنْزِلَةِ لا مَحالَةَ ولا بُدَّ ، فَجَرَتْ على ذلِكَ وكَثُرَتْ حتى تَحَوَّلَتْ إلى معْنَى القَسَمِ وصارَتْ بمنْزِلَةِ حَقًّا ، فلذَلِكَ يُجابُ عنه ، كذا بخطِّ أَبي زَكَريا وفي سائِرِ نسخِ الصِّحاحِ : عنها ، باللَّامِ كما يُجابُ بها عن القَسَمِ ، فيُقالُ ، وفي الصِّحاحِ : ألا تَرَاهُم يقُولُون ، : لا جَرَمَ لآتِيَنَّك؟ قالَ : وليسَ قَوْلُ مَن قالَ : جَرَمْتَ حَقَقْتُ بشيءٍ ، وإنَّما لَبَّسَ عليهم قَوْلَ الشاعِرِ ، وهو أَبو أَسْماء بنُ الضَّريبَةِ ، ويقالُ للحَوْفَزان ، قالَ ابنُ بَرِّي : ويقالُ لعَطِية بنِ عَفِيف :
ولقد طَعَنْتُ أَبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً |
|
جَرَمَتْ فَزارة بعدَها أَن يَغْضَبُوا (٣) |
فرَفَعُوا فَزارةَ ، كأَنَّه قالَ : حَقَّ لها الغَضَب. قالَ : وفَزارَةُ مَنْصوبَةٌ أَي جَرَمَتْهُم الطَّعنةُ أَن يَغْضَبوا.
قالَ أَبو عُبَيْدَةَ : أَحَقَّت عليهم الغَضَبَ أَي أَحَقَّت الطَّعنةُ فَزارَةَ أَن يَغْضَبوا ، وحَقَّتْ أَيْضاً : مِن قَوْلِهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أَي حَقًّا.
قالَ ابنُ بَرِّي : وهذا القَوْلُ ردُّ على سِيْبَوَيْه والخَلِيل لأَنَّهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارَةَ الغضَبَ ، أَي بالغَضَب فأَسْقَط الباءَ ، قالَ : وفي قَوْلِ الفرَّاءِ لا يحتاجُ إلى إسْقاطِ حَرْف الجَرِّ فيه ، لأنَّ تَقْديرَهُ عنْدَه كسَبَتْ فَزارةَ الغَضَبَ عليك ، قالَ : والصَّوابُ في إنْشادِ البيت : وقد طعنتَ ، بفتحِ التاءِ ، لأَنَّه يُخاطِبُ كُرْزاً العُقَيْليَّ يَرْثيه ، وقبْلَ البَيْتِ :
يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ |
|
بَطَلٍ إذا هابَ الكُماةُ وجَبَّبُوا (٤) |
وكان كُرْزٌ قد طَعَنَ : أَبا عيينة ، وهو حِصْنُ بن حذيفَةَ بنِ بَدْر الفَزارِيُّ.
قالَ ابنُ سِيْدَه : وزَعَمَ الخَلِيلُ أَنَّ جَرَمَ إنَّما تكونُ جَواباً لمَا قَبْلها مِن الكَلامِ ، يقولُ الرجُلُ : كانَ كذا وكذا ، وفَعَلوا كذا فتَقولُ : لا جَرَمَ أَنَّهم سَيَنْدمُونَ ، أَو أَنَّه سيكونُ كذا وكذا.
وقالَ ثَعْلَب : الفرَّاء والكِسائيّ يقُولان لا جَرَمَ تَبْرِئَةٌ.
قالَ الأزْهَرِيُّ : وقد قيلَ لا صِلَةَ في لا جَرَم والمعْنَى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم.
__________________
(١) ديوانه واللسان.
(٢) من معلقته ، واللسان والتهذيب.
(٣) اللسان والصحاح والمقاييس ١ / ٤٤٦ وعجزه في التهذيب.
(٤) اللسان.