أَو الكَلالَةُ : مَن تَكَلَّلَ نَسَبُهُ بنَسَبِكَ كابنِ العَمِّ وشِبهِهِ ، كذا نَصُّ المحْكَمِ.
وفي الصِّحاحِ : ويقالُ : هو مَصْدر من تَكَلَّله النَّسبُ أَي تَطَرَّفه كأَنَّه أَخَذَ طَرَفَيْه. مِن جهةِ الوَلَدِ والوَالدِ وليسَ له منهما أَحدٌ ، فسُمِّي بالمَصْدر.
أَو هي الُأخُوَّةُ للُأمِّ ، بضمِ الهَمْزَة والخاءِ وتَشْديدِ الواوِ المَفْتُوحة ، كذا في النسخِ ؛ والذي في المحْكَمِ : قيلَ : هم الإخْوةُ للُأمِّ ، وهو المُسْتَعْمل ، والعَرَبُ تقولُ : لم يَرِثْه كَلالَةً أَي لم يَرِثه عن عُرُض بل عن قُرْب واسْتِحْقاق ؛ قالَ الفَرَزْدقُ.
ورِثْتم قَناةَ المُلْك غيرَ كَلالةٍ |
|
عن ابْنَيْ مَنافٍ عبدِ شمسٍ وهاشِم (١) |
قالَ الأَزْهَرِيُّ : ذَكَرَ اللهُ الكَلالَةَ في سُورَةِ النِّساءِ في مَوْضِعَيْن :
أَحَدُهما : قوْلُه : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) (٢). والمَوْضعُ الثاني في كتابِ اللهِ قوْلُه : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) (٣) ، الآية ؛ فجَعَلَ الكَلالَةَ هنا الأُخْت للأَب والأُمِّ والإِخْوَة للأَب والأُمِّ ، فجَعَلَ للأُخْت الواحِدَة نِصْفَ ما تَرَكَ المَيِّتُ ، وللأُخْتَين الثُّلُثين ، وللإِخْوَة والأَخَوات جَمِيع المَالِ بَيْنهم ، (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، وجَعَلَ للأَخ والأُخْت مِن الأُمِّ في الآيةِ الأُوْلى ، الثُّلُث لكلِّ واحدٍ منهما السُّدُس ، فبيَّنَ بسِياقِ الآيَتَيْن أَنَّ الكَلالَةَ تَشْتَمل على الإِخْوة للأُمِّ مرَّةً ، ومرَّةً على الإِخْوة والأَخَوات للأُمِّ والأَب ، ودَلَّ قَوْلُ الشاعِرِ أَنَّ الأَب ليسَ بكَلالَةٍ ، وأَنَّ سائِرَ الأَوْلياءِ مِن العَصَبة بعْدَ الوَلدِ كَلالةٌ ، وهو قَوْلُه :
فإنَّ أَبا المَرْء أَحْمَى له |
|
ومَوْلَى الكَلالَةِ لا يَغْضَب (٤) |
أَرادَ : أنَّ أَبا المَرْء أَغْضَب له إذا ظُلِم ، ومَوَالي الكَلالَةِ ، وهم الإِخْوة والأَعْمام وبَنُو الأعْمام وسَائِر القَرَابات ، لا يَغْضَبونَ للمَرْء غَضَب الأَب.
أَو الكَلَالَةُ : بَنُو العَمِّ الأَباعِدُ ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.
وحُكِي عن أَعْرابيٍّ أَنَّه قالَ : مالي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالَةٌ مُتَراخٍ نَسَبُهم.
أَو الكَلالَةُ مِن القَرَابةِ : ما خَلا الوالدَ والولَدَ ، نَقَلَه الأَخْفَش عن الفرَّاءِ قالَ : سموا كَلالَة لاسْتِدارَتِهم بنَسَبِ المَيِّت الأَقْرَب ، فالأَقْرَب مَن تَكَلله النَّسَب إذا اسْتدَارَ به ، قالَ : وسَمِعْته مرَّةً يقولُ : الكَلالَةُ مَنْ سَقَط عنه طَرَفَاه ، وهما أَبوه ووَلَده ، فصَارَ كَلًّا وكَلالَةً أَي عِيالاً على الأَصْل ، يقولُ : سَقَط مِن الطَّرَفَيْن فصَارَ عِيالاً عليهم ؛ قالَ : كَتَبْته حفْظاً عنه ، كذا في التّهْذِيبِ.
أَو هي من العَصَبَةِ مَنْ وَرِثَ منه الإخْوَةُ للأُمِّ ، ونَصُّ اللّحْيانيّ : مَن وَرِث معه الإِخْوة مِن العَمِّ (٥) وقد سَبَقَ قَرِيباً عن الأَزْهَرِيّ ما يفسِّرُه ، فهذه أَقْوالٌ سَبْعة في بَيانِ معْنَى الكَلالَةِ.
ورَوَى المنْذرِيُّ بسَنَده عن أَبي عُبَيْدَةَ أَنَّه قالَ : الكَلالَةُ مَن لم يَرِثه وَلَدٌ أَو أَبٌ أَو أَخٌ ونَحْو ذلِكَ.
وقالَ ابنُ بَرِّي : اعلم أَنَّ الكَلالَةَ في الأَصْل هي مَصْدر كَلَّ المَيِّت يَكِلُّ كَلًّا وكَلالَةً ، فهو كَلٌّ إذا لم يخلِّفْ وَلَداً ولا والداً يَرِثاه (٦) ، هذا أَصْلُها ، قالَ : ثم قد تَقَعُ الكَلالَةُ على العَيْن دُوْن الحدَثِ ، فتكونُ اسمْاً للمَيِّت المَوْرُوث ، وإن كانت في الأصْلِ اسْماً للحَدَثِ على حَدِّ قوْلِهم : (هذا خَلْقُ اللهِ) أَي مَخْلوق اللهِ ؛ قالَ وجازَ أَنْ تكونَ اسْماً للوَارِث على حدِّ قوْلِهم : رجُلٌ عَدْل أَي عَادِل ، وماءٌ غَوْر أَي غائِرٌ ؛ قالَ : والأَوَّل هو اخْتِيار البَصْرِيِّين مِن أَنَّ الكَلالَةَ اسمٌ للمَوْرُوث ، قالَ : وعليه جَاءَ التفْسِير في الآيةِ : إِنَّ الكَلالَةَ الذي لم يخلِّف وَلداً ولا والداً فإذا جَعَلْتها للمَيِّت كان انْتِصابها في الآيةِ على وَجْهَيْن :
أَحَدُهما أَنْ تكونَ خَبَرَ كان تقْدِيرُه : وإِن كانَ المَوْرُوث كَلالَةً أَي كَلًّا ليسَ له وَلَدٌ ولا وَالِدٌ.
__________________
(١) ديوانه ص ٨٥٢ واللسان والصحاح والمقاييس ٥ / ١٢٢.
(٢) النساء الآية ١٢.
(٣) النساء الآية ١٧٦.
(٤) اللسان والتهذيب.
(٥) اللسان : من الأم.
(٦) اللسان : يرثانه.