[عقل] : العَقْلُ : العِلْمُ ، وعليه اقْتَصَرَ كَثِيرُونَ.
وفي العُبَابِ
: العَقْلُ الحِجْر والنّهْيَة ، ومِثْلُه في الصِّحاحِ.
وفي المُحْكَمِ
: العَقْلُ : ضِدُّ الحُمْقِ
أَو هو العِلْمُ بصِفاتِ الأَشْياءِ من حُسْنِها
وقُبْحِها وكَمالِها ونُقْصانِها. أَو هو
العِلْمُ بخَيْرِ الخَيْرَيْنِ وشَرِّ الشَّرَّيْنِ ، أَو مُطْلَقٌ لأُمورٍ أَو لقُوَّةٍ
بها يكونُ التمييزُ بينَ القُبْح والحُسْن ولِمَعَانٍ مُجْتَمِعةٍ في الذّهْنِ
يكونُ بمُقَدِّماتٍ يَسْتَتِبُّ بها الأَغْراضُ والمصالِحُ ، ولهَيْئَةٍ مَحْمودةٍ
للإنْسانِ في حَرَكاتِه وكَلامِه ، هذه الأَقْوالُ التي ذَكَرَها المصنِّفُ كُلُّها في مصنَّفاتِ
المَعْقُولات لم يعرج عليها أَئِمّة اللّغَةِ ، وهناك أَقْوالٌ غيرُها لم
يَذْكُرها المصنِّفُ.
قالَ الرَّاغبُ
: العَقْلُ يقالُ للقُوَّةِ المُتَهَيِّئَةِ لقُبُول العِلْمِ ،
ويقالُ للذي يَسْتَنْبطُه الإنْسانُ بتِلْك القُوَّةِ عَقْلٌ ، ولهذا قالَ عليٌّ ، رَضِيَ اللهُ تعالى عنه : العَقْل عَقْلان مَطْبوعٌ ومَسْموعٌ ، فلا يَنْفع مَطْبوع إذا
لم يَكُ مَسْموع ، كما لا يَنْفَعُ ضَوْء الشَّمْس وضَوْء العَيْن مَمْنوع ، وإلى
الأوَّلِ أَشَارَ النبيُّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، «ما خَلَقَ اللهُ خَلْقاً أَكْرَمَ مِنَ العَقْلِ» ، وإلى الثاني أَشَارَ بقولِه : «ما كسبَ أَحدٌ شيئاً
أَفْضَل مِنْ عَقْل يَهْديه إلى هُدًى أَو يَردّه عن رَدًى». وهذا العَقْل هو المَعْنيُّ بقوله عزوجل : (وَما يَعْقِلُها
إِلَّا الْعالِمُونَ) ، وكلُّ مَوْضع ذمَّ اللهُ الكُفَّار بعَدَمِ العَقْل فإشَارَة إلى الثاني دوْنَ الأوَّل كقَوْلِه تعالَى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ، ونَحْو ذلِكَ من الآياتِ ، وكلُّ مَوْضِعٍ رُفِعَ
التَّكْلِيفُ عن العَبْدِ لعَدَمِ
العَقْل فإشارَةٌ إلى
الأوَّلِ ، انتَهَى.
وفي شَرْح
شيْخنا قالَ ابنُ مَرْزوقٍ : قالَ أَبو المَعَالي في الإرْشادِ : العَقْل هو عُلُوم ضرورية بها يَتَميَّز العاقِلُ من غيرِه إذا اتَّصَفَ ، وهي العِلْم بوُجُوب
الوَاجِبات واسْتِحالَةِ المُسْتَحِيلات وجَوَاز الجائِزَات ، قالَ : وهو تفْسِيرُ العَقْل الذي هو شَرْطٌ في التَّكْلِيف ، ولَسْنا نَذْكُرُ
تَفْسِيرَه بغيرِ هذا ، وهو عنْدَ غيرِه من الهَيْئاتِ والكَيْفِيات الرَّاسِخَة
من مَقُولةِ الكَيْف ، فهو صفَةٌ رَاسِخةٌ تُوجِب لمَنْ قامت به إدْرَاك
المُدْرَكات على ما هي عليه ما لم تَتَّصف بضدِّها. وفي حَوَاشِي المطالعِ : العَقْلُ جَوْهر مُجَرَّد عن المادَّةِ لا يَتَعَلَّق بالبَدَنِ
تَعَلُّق التَّدْبير بل تَعَلُّق التَّأْثِير.
وفي العَقائِدِ
النَّسْفية : أَمَّا
العَقْل وهو قُوَّةٌ
للنَّفْس بها تَسْتَعِدّ للعُلُومِ والإدْرَاكاتِ وهو المَعْنِيّ بقَوْلِهم :
غَرِيزَة يتبعها العِلْمُ بالضَّرُورِيَّات عنْدَ سَلامَةِ الآلاتِ وقيلَ.
جَوْهَرٌ يُدْركُ به الغَائِبات بالوَسَائِطِ والمُشَاهَدَات بالمشاهَدَةِ.
وفي المَواقِفِ
: قالَ الحُكَماءُ الجَوْهَر إن كانَ حالاً في آخرَ فصُورَةٌ وإن كانَ محلاً لها
فهَيُولَى ، وإن كان مُرَكَّباً منهما فجِسْم وإلَّا فإن كان مُتَعَلِّقاً
بالجِسْم تَعَلُّق التَّدْبِير والتَّصَرُّف فنَفْس وإلَّا فعقل ، انتَهَى.
وقالَ قومٌ : العَقْلُ قُوَّةٌ وغَرِيزَةٌ أَوْدَعَها اللهُ سُبْحانه في
الإنْسانِ ليَتَميَّز بها عن الحَيَوان بإدْرَاكِ الأُمُورِ النَّظِرِيَّة ، والحَقُّ أَنَّه نورٌ رُوحانِيٌّ يُقْذَف به في القَلْب أَو الدِّماغِ ، به تُدْرِكُ النَّفسُ العلومَ
الضَّرورِيَّةَ والنَّظَرِيَّةَ ، واشْتِقَاقه من
العَقْل وهو المَنْع
لمنْعِهِ صاحِبِه ممَّا لا يليقُ أَو من
المعقل وهو المَلْجأ
لالْتِجَاء صاحِبِه إليه كذا في التَّحْريرِ لابنِ الهمام.
وقالَ بعضُ
أَهْلِ الاشْتِقَاقِ : العَقْلُ أَصْلٌ معْناه المَنْعُ ، ومنه العقالُ للبَعيرِ سُمِّي به لأنّه يُمْنَعُ عمَّا لا يليقُ قالَ
:
قد عَقَلْنا والعَقْل أَيّ وثاقِ
|
|
وصَبَرْنا
والصَّبْر مُرّ المَذَاق
|
وفي الإرْشادِ
لإمامِ الحَرَمَيْن : العَقْلُ من العُلُومِ الضَّرُوريَّةِ ، والدَّلِيلُ على أَنَّه
من العُلومِ اسْتِحالَة الاتِّصاف به مع تَقْدِيرِ الخُلُوِّ من جَمِيع العُلومِ ،
وليسَ العَقْل من العُلوم النَّظَرِيَّةِ إذ شَرْط النَّظَر تَعَذّر العَقْل ، وليسَ
العَقْل جَمِيْع
العُلوم الضَّرُورِيَّة فإنَّ الضَّرِيرَ ومن لا يُدْرِكُ يَتَّصِفُ بالعَقْلِ مع انْتِفاءِ عُلُومٍ ضَرُورِيَّةٍ عنه ، فبَانَ بهذا
أَنَّ العَقْلَ من العُلومِ الضَّرُورِيَّةِ وليسَ كُلّها ، انتهَى.
وقالَ بعضُهم :
اخْتلفَ الناسُ في
العَقْلِ من جِهَات هل
له حَقِيقَة تُدْرَكُ أَو لا قولان ، وعلى أَنَّ حَقِيقَةً هل هو جَوْهَر أَو
عَرْض قولان ، وهل مَحَلّه الرأْس أَو القَلْب قولان ، وهل العُقُولُ مُتَفاوِتَة أَو مُتَساوِيَة قولان ، وهل هو اسمُ جنْس
أَو
__________________