وما زِلْتُ أَفْعَلُهُ ، كما تقُولُ : ما برِحْتُ ومُضارِعُهُ (١) أَزالُ وأَزيلُ.
قالَ الأَزْهَريُّ : وقلَّما يُتَكَلَّم به إِلَّا بحرفِ النَّفْي.
قالَ ابنُ كَيْسان : ليسَ يُرادُ بما زَالَ ولا يَزالُ الفعلُ من زَالَ يَزُولُ إِذا انْصَرَفَ من حالٍ إلى حالٍ ، وزالَ عن مَكَانِه ، ولكنّه يُرادُ بهما مُلازَمَةُ الشيءِ والحالُ الدّائِمَةُ ، انتَهَى.
فهي والتامَّةُ مُخْتَلِفانِ في المادَّةِ تِلْكَ مُرَكَّبَةٌ من «زول» ، وهذه من «ز ي ل» ، أَو النَّاقِصَةُ مُغَيَّرَةٌ من التَّامَّةِ بَنَوْها على فَعِلَ بكسرِ العَيْنِ بعدَ أَنْ كانَتْ مَفْتوحَةً ، أَو هي من زالَهُ يَزيلُهُ إِذا مازَهُ.
وقالَ الرَّاغِبُ : قَوْلُهم : ما زَالَ ولا يَزالُ أُجْرِيا مَجْرَى كانَ في رَفْعِ الاسمِ ونَصْبِ الخَبَرِ ، وأَصْلُه من الياءِ لقَوْلِهم : زَيَّلْتُ أَي ما بَرِحْتُ ، ولا يصح أَنْ يقالَ : ما زَالَ زَيْدٌ إِلَّا مُنْطلقاً كما يقالُ : ما كانَ زَيْدٌ إِلَّا مُنْطلقاً ، وذلِكَ أَنَّ زَالَ يَقْتَضِي معْنَى النَّفْي إِذ هو ضِدُّ الثَّباتِ ، وما ولا يَقْتَضِيان النَّفْي ، والنَّفْيان إِذا اجْتَمَعَا اقْتَضَيَا الإِثْبات ، فصارَ قَوْلُهم : ما زَالَ يَجْرِي مَجْرَى كانَ في كوْنِه إِثْباتاً ، وكمالا يقال : كانَ زَيْدٌ إِلَّا مُنْطلقاً ، لا يقالُ : ما زَالَ زَيْدٌ إِلَّا مُنْطلقاً. وما زِلْتُ بزَيْدٍ وما زِلْتُ وزَيْداً حتى فَعَلَ ذلِكَ زِيالاً أَي بزَيْدٍ حَكَاه سِيْبَوَيْه.
وحَكَى بعضُهم : زِلْتُ أَفْعَلُ بمعْنَى ما زَلْتُ أَفْعَلُ ، وهو قَليلٌ.
ويقالُ : ما زِيلَ فلانٌ يَفْعَلُ وكذا ، لُغَةٌ في ما زَالَ ، حَكَاهُ أَبُو الخَطَّاب الأَخْفَش ، وهذا كما يقالُ في كاد : كِيْدَ ، ومنه قَوْلُ الهُذَليَّ :
وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي |
|
وكِيدَ خِراشٌ يَوْمَ ذلك يَيْتَم! (٢) |
وقَوْلُه : عنه أَي عن الأَخْفَش ، ولم يتقدَّمْ له ذِكْرٌ فهو مُسْتَدركٌ زائِدٌ فتنبَّه لذلِكَ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
المُتَزَايِلَةُ من النِّساءِ ، التي تَسْتُروَجْهَها عنك.
وزِيلَ زَوِيلُه : أَي ذَهَبَتْ حركتُه. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : أَي استفز من الفرق وهو من إِسْنادِ الفِعْلِ إِلى مَصْدَرِهِ ، ومنه قَوْلُ ذي الرُّمَّةِ السابِقِ :
زِيْلَ مِنَّا زَوِيْلُها (٣).
أَي زِيلَ قَلْبُها من الفَزَعِ.
قالَ ابنُ بَرِّي : ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ زِيلَ في البيتِ مَبْنيّاً للمَفْعولِ من زالَهُ الله.
والزَّوِيلُ بمعْنَى الزَّوالِ ، وأَنْ يكونَ زِيلَ لُغَة في زَالَ ، ويدلُّ على صحةِ ذلِكَ أَنَّه يُرْوَى : زِيلَ مِنَّا زَوَالُها ، وزَالَ مِنَّا زَوِيلُها. قالَ : فهذا يدلُّ على أَنَّ زِيلَ بمعْنَى زَالَ المَبْني للفاعِلِ دُوْنَ المبْنِي للمَفْعولِ.
فصل السين
المُهْملةِ مع اللامِ
[سأل] : سَأَلَهُ كذا وعن كذا وبكَذا بمعنًى واحِدٍ ، يقالُ : سَأَلَهُ الشيءَ وعن الشيء.
وقالَ الأَخْفَشُ : يقالُ خَرَجْنا نَسْأَلُ عن فلانٍ وبفلانٍ ؛ وفي اسْتِعْمَالِه مُتَعدِّياً بنَفْسِه وبهذه الحُرُوفِ بمعنًى واحِدٍ كما هو ظاهِرُ كَلامِه ، وهو الذي ذَهَبَ إِليه الأَخْفَشُ اختلافٌ.
ففي شرْحِ خطْبةِ الشَّفاء للخَفَاجيِّ أَنَّه يَتَعدَّى بنَفْسِه وبعَنْ ومِنْ وفي ، إِذا كانَ بمعْنَى الرَّجَاء لا الاسْتِعْطاف.
وفي تعْلِيقِ الفَرَائدِ على تَسْهيلِ الفَوَائدِ للبَدْرِ الدمَامِيْني
__________________
(١) في القاموس : «مضارعُهُ» بدون واو العطف.
(٢) البيت في شرح أشعار الهذليين في شعر أبي خراش ٣ / ١٢٢٠ وروايته :
فتقعد أو ترضى مكاني خليفة |
|
وكاد خراشٌ يوم ذلك بيتمُ |
قال أبو سعيد : وسمعت من ينشد :
وكيدت ضباع القف يأكلن جثتي |
|
وكيد خراش يوم ذلك ييتم |
والمثبت كرواية اللسان.
(٣) تقدم في مادة «زول».