أَثْناء أَفْعال القُلُوب ؛ أَنَّ سَأَلَ يَتَعَدَّى للمالِ بنَفْسِه ، ولغيرِهِ بالجارِ.
وفي شِفاءِ الغَلِيلِ للشَّهاب : أَنَّه يتعَدَّى إِلى المَسْؤولِ عنه بنَفْسِه ، وقد تَدْخلُ عن على السَّائلِ ، وقد تَدْخلُ على المَسْؤولِ عنه.
قالَ شيْخُنا : ودُخولُها على السَّائلِ لُغَةُ بنِي عامِرٍ.
وقالَ ابنُ بَرِّي : سَأَلْته الشيءَ بمعْنَى اسْتَعْطَيْته إِيَّاه ، وسَأَلْته عن الشيءِ : اسْتَخْبَرْتُهُ.
قلْتُ : وللرَّاغِبِ في مُفْردَاتِه تَحْقيقٌ حَسَن ، قالَ : السُّؤالُ : اسْتِدْعاءُ مَعْرفَةٍ أَو ما يُؤَدِّي إِلى المَعْرفَةِ ، واسْتِدْعاءُ مالٍ أَو ما يُؤَدِّي إِلى مالٍ فاسْتِدْعاءُ المَعْرفةِ جَوَابُه على اللِّسانِ واليَدُ خَلِيفَةٌ له بالكِتَابَةِ أَو الإِشَارَةِ ، واسْتِدْعاءُ المالِ جَوَابُه على اليَدِ واللّسَانُ خَلِيفَةٌ لها إِمَّا بِرَدٍّ أَو بوَعْدٍ أَو برٍّ (١).
والسّؤَالُ للمَعْرفةِ قد يكونُ للإِسْتِعْلامِ ، وقد يكونُ للَّتبكيتِ ، وتارَةً ويكونُ لتَعْريفِ المَسْؤُولِ وتَنْبيههِ ، وهذا ظاهِرٌ وعلى التّبْكِيتِ قَوْلُه : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) (٢) والسُّؤَالُ إِذا كانَ للتَّعْريفِ يُعَدَّى إِلى المَفْعولِ الثاني تارَةً بنَفْسِه ، وتارَةً بالجارِ. تقُولُ : سأَلْتُه كذا وعن كذا وبكذا وبعن أَكْثر. وإِذا كان لاسْتِدْعاءِ مالٍ فإنَّه يُعَدَّى بنَفْسِه أَو بِمنْ انتَهَى.
وفي المُحْكَمِ : سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً كغُرَابٍ ، وسَآلَةً بالمدِّ ومَسْأَلَةً كمَرْحَلَةٍ ، وقد تُحْذَفُ منه الهَمْزَةُ فيقالُ : مَسَلَةٌ ، وتَسْآلاً ، بالفتحِ والمدِّ ، وسَأَلَةً ، محرَّكةً.
والأَمْرُ من سَالَ كخَافَ : سَلْ بحَرَكَةِ الحرفِ الثاني من المسْتَقْبلِ.
ومن سَأَلَ كجَأَرَ اسْأَلْ ، قالَ ابنُ سِيْدَه : والعَرَبُ قاطِبَةً تحْذِفُ الهَمْزَ منه في الأَمْرِ ، فإِذا وَصَلُوا بالفاءِ أَو الواو هَمَزُوا كقَوْلِكَ فاسْأَلْ واسْأَلْ. ويقالُ على التَّخْفِيفِ البَدَليِّ : سالَ يَسَالُ كخَافَ يَخافُ ، وهي لُغَةُ هُذَيْل ، والعَيْنُ من هذه اللُّغَةِ واوٌ لمَا حَكَاه أَبُو زَيْدٍ من قَوْلِهم : هُما يَتَساوَلانِ ، كقَوْلِكَ يَتَقَاوَمَانِ ويَتَقَاوَلانِ ، وبه قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ ونافِعٍ وابنُ كَثيرٍ وابنُ كَثيرٍ وابنُ عُمَرَ سَأَلَ سائِلٌ بعَذَابٍ واقِعٍ ، وقيلَ : معْناهُ بغَيْرِ هَمْزٍ سَالَ وادٍ بعَذابٍ واقِعٍ. وقَرَأَ ابنُ كثيرٍ وأَبُو عَمْرٍو والكُوفيُّون : سَأَلَ سائِلٌ مَهْموزٌ على معْنَى دَعَا داعٍ.
وقالَ الجَوْهَرِيُّ (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ) ، أَي عن عَذَابٍ ، قالَ الأَخْفَشُ : وقد يُخَفَّفُ فيقالُ : سَالَ يَسَالُ ، قالَ الشاعِرُ :
ومُرْهَقٍ سالَ إِمْتاعاً بأُصْدتِه |
|
لم يَسْتَعِنْ وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ (٣) |
والسُّؤْلُ ، بالضمِ مَهْموزاً ، والسُّؤْلَةُ بالهاءِ وهذا عن ابنِ جنيّ ، ويُتْركُ هَمْزُهُما ، وبهما قُرِىءَ قَوْلُه تعالَى : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (٤) ، أَي ما سَأَلْتَهُ أَي أُعْطِيْت أُمْنِيَّتك التي سَأَلْتها.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : السُّؤْلُ فعْلٌ بمعْنَى مَفْعولٍ كعرفٍ ونكْرٍ.
وقالَ ابنُ جنيِّ : أَصْلُ السُّولِ الهَمْز عند العَرَبِ ، اسْتَثْقَلُوا ضَغْطَة الهَمْزَةِ فيه فتَكَلَّموا به على تَخْفيفِ الهَمْزةِ وسَيَأْتي في س ول.
وسُؤَلَةٌ : كهُمَزَةٍ ، الكثيرُ السُّؤالِ من النَّاسِ بالهَمْزِ وبغَيْرِ الهَمْزِ كما سَيَأْتي في س ول.
وأَسْأَلَهُ سُؤْلَهُ وسُؤْلَتُهُ ومَسْأَلَتَهُ أَي قَضَى حاجَتَهُ كذا في العُبَابِ واللّسَانِ.
وأَمَّا قَوْلُ بِلالِ بنِ جريرٍ :
إِذا ضِفْتَهُمْ أَو سَايَلْتَهُمْ |
|
وجَدْتَ بهم عِلَّةَ حاضِرَهْ(٥) |
فجَمَعَ بَيْن اللُّغَتَيْنِ ، كما قالَهُ أَحْمدُ بنُ يَحْيَى ، وذلِكَ حِيْنَ فَهِمَ. وقبلَ ذلِكَ فإِنَّه لم يَعْرِفْه وهُما الهَمْزَةُ التي في سَأَلْتُه وهي الأَصْلُ ، والياءُ التي في سايَلْتُه وهي العوضُ والفرعُ ، فقد تَرَاهُ كيفَ جَمَعَ بَيْنهما في قَوْلِه : قالَ : سايَلْتَهم ، قالَ : ووَزْنُه على هذا فَعايَلْتَهُم ، قالَ : وهذا مِثالٌ لا نَظيرَ يُعْرفُ له في اللُّغَةِ.
وتَساءَلُوا : سَأَلَ بعضُهم بعضاً ، وهُما يَتَساءَلان ويَتَسايَلان ، وقَوْلُه تعالَى : واتَّقُوا الله الذي تَسَّاءَلُونَ به
__________________
(١) قوله : «أبو برّ» ليست في المفردات «سأل».
(٢) سورة التكوير الآية ٨.
(٣) اللسان بدون نسبة.
(٤) طه الآية ٣٦.
(٥) من شواهد القاموس ، واللسان.