المُرادُ بلوغُ المَرْأَةِ إِلى الحَدِّ الذي يَجُوزُ فيه تَزْوِيجُها وتَصَرُّفُها في أَمْرِها ، تَشْبِيهاً بالحِقاقِ من الإِبلِ ، وعِنْدَ ذلِكَ يُتَمَكَّنُ من رُكُوبِه وتَحمِيله ، ومن رَواه نَصّ الحَقائِق ، أَرادَ جمعَ الحَقِيقَةِ ، أَو جَمْع الحِقَّةِ من الإِبِلِ.
ويُقال : إِنَّه لنَزِقُ الحِقاقِ ، أَي : مُخاصِمٌ في صِغارِ الأَشْياءِ وهو مَجازٌ.
والأَحَقُّ من الخَيْلِ : الفَرَسُ الذِي يَضَعُ حافِرَ رِجْلِه موضِعَ يَدِه وذلِكَ عَيْبٌ والشَّئِيتُ : الذي يَقْصُرُ موقِعُ حافِرِ رِجْلِه عن مَوْقِعِ حافرِ يَدِه ، وذلك عَيْبٌ أَيْضاً : وقالَ الجوهريُّ : هو الّذِي لا يَعْرَقُ وهو عَيْبٌ أَيضاً ، قالَ : وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو لرَجُل من الأَنْصار ، قلتُ : هو عَدِيُّ بنُ خَرَشَةَ الخَطْمِيُّ :
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ |
|
كُمَيْتٌ لا أَحَقُّ ولا شَئِيتُ (١) |
هذه رِوايَةُ أَبِي عَمْرٍو ، وأَبي عُبَيْدٍ ، وفي المُحْكَم : ورَوَى ابنُ دُرَيْدٍ :
بأَجْرَدَ من عِتاقِ الخَيْلِ نَهْدٍ |
|
جَوادٍ لا أَحَقُّ ولا شَئِيتُ (٢) |
قلتُ : والَّذي في الجَمْهَرةِ مثلُ روايَةِ أَبِي عَمْرٍو ، وأَبِي عُبَيْدٍ ومَصْدَرُهما الحَقَقُ ، مُحَرَّكَةً يُقال : أَحَقُّ بَيِّنُ الحَقَقِ.
وحَقَقْتُ عليه القَضاءَ ، أَحُقُّه حَقًّا وأَحْقَقْتُه أُحِقُّه ، إِحْقاقاً : أَوْجَبْتُه وهذا قد تَقَدَّم فهو تَكْرار.
وقال أَبُو مالِكٍ : أَحَقَّت البَكْرَةُ : إِذا اسْتَوْفَتْ ثَلاثَ سِنِينَ.
وقال ابنُ عَبّادٍ : أَحَقَّتْ : صارَتْ حِقَّةً مِثْلُ حَقَّتْ.
ويُقال : رَمَى فأَحَقَّ الرَّمِيَّةَ : إِذا قَتَلَها على المَكانِ ، عن ابنِ عَبّادٍ ، والزَّمَخْشَرِيِّ ، وهو مَجازٌ.
والمُحِقُّ : ضِدُّ المُبْطِلِ يُقال : أَحْقَقْتُ ذلِك ، أَي : أَثْبَتُّه حَقًّا ، أَو حَكَمْتُ بكونِه حَقًّا ، ومنه قَوْلُه تَعالَى : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) (٣) وقالَ الراغِبُ : إِحْقاقُ الحَقِّ ضَرْبانِ ، أَحَدُهما : بإِظْهارِ الأَدِلَّةِ والآياتِ ، والثّانِي : بإِكْمالِ الشَّرِيعَةِ وبَثِّها.
والمَحاقُّ من المالِ يكونُ الحَلْبَةَ الأُولَى والثانيةُ منها لِبَأٌ ، قاله أَبو حاتِمٍ ، وقال ابنُ عَبّادٍ : هي : التي لم يُنْتَجْنَ (٤) في العامِ الماضِي ولم يُحْلَبْنَ فيه.
وحَقَّقَهُ تَحْقِيقاً : صَدَّقَه وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : صَدَّقَ قائِلَه ، وقِيلَ : حَقَّقَ الرَّجُلُ : إِذا قالَ هذا الشَّيءُ هو الحَقّ ، كقَوْلِكَ : صَدَّقَ.
والمُحَقَّقُ من الكلامِ : الرَّصِينُ المُحْكَمُ النَّظْمِ ، وهو مَجازٌ ، قال رُؤْبَةُ :
دعْ ذا وراجِعْ مَنْطِقاً مُحَقَّقا (٥)
ويُرْوى : «مُذَلَّقَا».
والمُحَقَّقُ من الثِّيابِ : المُحْكَمُ النَّسْجِ الذي عَلَيْهِ وَشْيٌ على صُورَةِ الحُقَقِ ، كما يُقال : بُرْدٌ مُرَجَّلٌ ، وهو مَجازٌ أَيضاً ، قال :
تَسَرْبَلْ جِلْدَ وَجْهِ أَبِيكَ إِنّا |
|
كَفَيْناكَ المُحَقَّقَةَ الرِّقاقَا |
والاحْتِقاقُ : الاخْتِصامُ وذلك أَن يَقُولَ كُلُّ واحدٍ منهم : الحَقُّ بيَدِي ، ومَعِي ، ومنه حديثُ الحَضانَةِ : «فجاءَ رَجُلانِ يَحْتَقّانِ في وَلَدِ» أَي : يَخْتَصِمان ، ويَطْلُبُ كُلُّ واحدٍ منهما حَقَّه ، وفي حَديثٍ (٦) آخر : «مَتَى ما تَغْلُوا في القُرآن تَحْتَقُّوا» يَعْنِي المِراءَ في القُرآنِ.
ومن المَجازِ : طَعْنَةٌ مَحَقَّقَةٌ (٧) : إِذا كانَتْ لا زَيْغَ فِيها وقد نَفَذَتْ هكَذا وفي سائرِ النسخ ، والصوابُ : طَعْنَةٌ مُحْتَقَّةٌ ، كما هو نصُّ اللِّسانِ والأَساسِ والعُبابِ.
واحْتَقَّا : اخْتَصَما وهذا قَدْ ذُكِرَ قَريباً ، فلا حاجَةَ لذكرِه
__________________
(١) الأقدر : الذي يجوز حافرا رُجليه حافري يديه.
(٢) الجمهرة ١ / ٦٣.
(٣) سورة يونس الآية ٨٢.
(٤) في القاموس والأصل «لم تُنْتَجْنَ» وبهامش القاموس : «قوله التي لم تنتجن لعله «لم ينتجن» كما في قوله بعد «ولم يحلبن» لئلا يجتمع علامتا تأنيث كما في درة الحريري ا هـ نصر» وهو ما أثبتناه موافقاً لما في التكملة.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وراجع ، في اللسان : وحبّر».
(٦) في النهاية : «وحديث ابن عباس» وفي التهذيب : وقال ابن عباس في قراء القرآن.
(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «مُحْنَقّةٌ».