أَي : يَبِيعُون زِقًّا بحِقٍّ ، لصُعُوبَةِ الزَّمانِ وجج أَي : جمع الجمع حُقُقٌ بضمَّتَيْنِ ككِتابٍ وكُتُبٍ ، ومنه قَوْلُ المُسَيَّبِ بن عَلَسٍ :
قد نالَنِي مِنْهُم عَلَى عَدَمٍ |
|
مثلُ الفَسِيل صِغارُها الحُقُقُ |
كما في الصِّحاحِ سُمِّي حِقَّةً لأَنَّهُ اسْتَحَقَّ يُرْكَبَ ويُحْمَلَ عليه ، وأَن يُنْتَفَعَ به ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَو لأَنَّه استَحَقَّ الضِّرابَ نقَلَه بَعْضُهم ، كما في اللِّسانِ.
والحِقُّ أَيضاً : أَنْ تَزيدَ النَّاقَةُ على الأَيّامِ التي ضُرِبَتْ فِيها قال ابنُ سِيدَه ، وبعضُهُم يجعَلُ الحِقَّةَ ـ في قولِ الأَعْشَى ـ : الوَقْت ، ويُقال : أَتَتِ النّاقَةُ على حِقَّتِها ، أَي : على وَقْتِها الذي ضَرَبَها الفَحْلُ فيه من قابِلٍ ، وهُوَ إِذا تَمَّ حَمْلُها وزادَت على السَّنَةِ أَياماً من اليَوْمِ الذي ضُرِبَتْ فيه عاماً أَوَّلَ ، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الجَنِينُ [السَّنَةَ] (١) ، وقِيلَ : حِقُّ النّاقَةِ واسْتِحْقاقُها : تَمامُ حَمْلِها قال ذُو الرُّمَّةِ :
أَفانِينَ مَكْتُوبٌ لها دُونَ حِقِّها |
|
إِذا حَمْلُها راشَ الحِجاجَيْنِ بالثُّكْلِ |
أَي : إِذا نَبَتَ الشّعرُ على وَلَدِها أَلْقَتْه مَيِّتاً ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ : إِذا جازَت النّاقَةُ السَّنَةَ ولم تَلِدْ قِيلَ : قد جازَت الحِقَّ.
والحِقُّ : النّاقَةُ التي سَقَطَتْ أَسْنانُها هَرَماً.
والحِقَّةُ ، بالكَسْرِ : الحَقُّ الواجِبُ يُقالُ : هذِه حِقَّتِي ، وهذا حَقِّي ، يُكْسَرُ مع التاءِ ، ويُفْتَحُ دُونَها وقد مَرَّ له آنِفاً أَنَّه يُفْتَحُ مع الهاءِ أَيْضاً ، وحينَئِذٍ يَكُون أَخَصَّ من الحَقِّ ، كما نَقَله الجَوْهرِيُّ وغيرُه ، وفتَأَمَّلْ ذلِكَ.
وأُمُّ حِقَّةَ : اسمُ امْرَأَةٍ قالَ ومَعْنُ بنُ أَوْسٍ :
فقَدْ أَنْكَرَتْهُ أُمُّ حِقَّةَ حادِثاً |
|
وأَنْكَرها ما شِئتَ والوُدُّ خادِعُ |
والحِقَّةُ بالكَسْرِ : لَقَبُ (٢) أُمِّ جَرِيرٍ الشّاعِر بنِ الخَطَفَى ، وذلَكَ لأَنَّ سُوَيْدَ بنَ كُراعٍ خَطَبَها إِلى أَبِيها فقَالَ : إِنّها لصَغِيرَةٌ صُرْعَةٌ ، قال سُوَيْدٌ : لقد رَأَيْتُها وهي حِقَّةٌ ، أَي : كالحِقَّةِ من الإِبِلِ في عِظَمِها.
وفي حديثِ أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ : «حتّى رَأَيْتُ الأَرْنَبَةَ يَأْكُلُها صِغارُ الإِبِلِ مِنْ وراءِ حِقاق العُرْفُطِ» قال الصّاغانِيُّ : الأَرْنَبَةُ : الأَرنبُ ، كالعَقْرَبَةِ في العَقْرَبِ ، وقيل : هي نَبْتٌ ، وقال شَمِرٌ : هِيَ الأُرَيْنَبَةُ ، وهي : نَباتٌ يُشْبِهُ الخَطْمِيَّ عَرِيضُ الوَرَقِ ، قال الصّاغانِيُّ : أَولُ ما رأَيتُ الأُرَيْنَةَ سنة ٦٠٥ دُونَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ ، بينَها وبينَ جَبلِ حِراءَ ، وحِقاقُ العُرْفُطِ : صِغارُهُ وشَوابُّهُ ، مُستعارَةٌ من حِقاقِ الإِبِلِ ، والمَعْنَى ـ فيمن جَعَل الأَرْنَبَةَ واحِدَ الأَرانِبِ ـ أَنَّ السيلَ حَمَلَها ، فتَعَلَّقَتْ بالعُرْفُطِ ، ومضى السَّيْلُ ، ونَبَتَ المَرْعَى ، فخَرَجَت الإِبِلُ تأَكُلُ عِظامَ الأَرانِبِ ، إِحْماضاً بها. وفيمَن فَسَّرَها بالنَّباتِ : أَنّه طالَ واكْتَهَلَ ، حَتّى أَكَلَه صِغارُ الإِبِل ، ونالَتْهُ من وراءِ شَجَرِ العُرْفُطِ.
وفي حِديثِ عليٍّ رضياللهعنه : ـ إِذا بَلَغْنَ ، أَي : النِّساءُ والرِّوايَةُ : إِذا بَلَغَ النِّساءُ نَصَّ الحِقاقِ ، أَو نَصَّ الحَقائِق كما في رِوايَةٍ أُخْرى فالعَصَبَةُ أَوْلَى» قال أَبُو عُبَيْدٍ : نَصُّ كُلِّ شَيْءٍ : مُنْتَهاه ، ومَبْلَغُ أَقْصاه أَي : إِذا بَلَغْنَ الغايَةَ التي عَقَلْنَ فِيها ، وعَرَفْنَ فيها حَقائِقَ الأُمُورِ ، أَو قَدَرْنَ فيها على الحِقاقِ ، أَي : الخِصامِ وهو المحاقَّةُ أَو حُوقَّ فيهِنَّ ، أَي : خُوصِمَ ، فقالَ كلٌّ من الأَولِياءِ : أَنا أَحَقُّ بها ونَصُّ أَبِي عُبَيْدٍ : هو أَنْ يُحاقَّ الأَمَّ العَصَبَةُ في الجارِيَةِ ، فتقول : أَنا أَحَقُّ بها ، ويَقُولونَ : بلْ نَحْنُ أَحَقُّ أَو المَعْنَى : إِذا بَلَغْنَ نِهايَةَ الصِّغارِ ، أَي : الوقتَ الَّذِي يَنْتَهِي فيه صِغَرُهُنَّ ويَدْخُلْنَ في الكِبَرِ ، اسْتَعارَ لهُنَّ اسمَ الحِقاقِ من الإِبِلِ ، قال الصّاغانيُّ : هذا ونَحْوُه مما يَتَمَسَّكُ به مَن اشْتَرَط الوَلِيَّ في نِكاح الصَّغِيرَة ، وقال أَبُو عُبَيْدٍ : أَرادَ بنَصِّ الحِقاقِ : الإِدْراكَ ؛ لأَنَّ وَقْتَ الصِّغَرِ يَنْتَهِي ، فتَخْرُجُ الجارِيَةُ من حَدِّ الصِّغَرِ إِلى الكِبَرِ ، يَقُولُ : ما دامَت الجارِيَةُ صَغِيرَةً فأُمُّها أَوْلَى بِها ، فإِذا بَلَغَت فالعَصَبَةُ أَوْلَى بأَمْرِها من أُمِّها ، وبتَزْوِيجِها وحَضانَتِها إِذا كانُوا مُحْرَماً لها ، مثلَ الآباءِ والإِخْوَةِ والأَعْمامِ. وقالَ ابنُ المُبارَك : نَصُّ الحِقاق : بلوغُ العَقْلِ ، وهو مِثْلُ الإِدْراكِ ؛ لأَنَّهُ إِنَّما أَرادَ مُنْتَهى الأَمْرِ الذي تَجِبُ به الحُقُوقُ والأَحْكامُ ، فهو العَقْلُ والإِدْراك. وقِيلَ :
__________________
يوم قفت حمولهم فتولوا |
|
قطعوا معهد الخليط فشاقوا |
(١) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٢) في اللسان : نَبَزُ.