قُلْتُ : والصَّوابُ أنَّ الحارِثَ هو ابنُ عَدْنان حَقِيْقةً ولَقَبَه عَكّ واشْتَهَرَ به ؛ وأَمَّا الدِّيْثُ هكذا هو بالمثَلَّثةِ وعند النِّسَّابةِ الذِّيب فإنَّه ابنُ عَدْنان أَخُو الحرث المَذْكُورِ ، ويَزْعَمُون أَنَّ الأَوْسَ والخزرجَ من وِلْدِهِ ؛ ففي كَلامِ المصنِّفِ مخالَفَةٌ أَيْضاً تأمَّلْ ذلك.
والعُكَّى كرُبَّى سَوِيقُ المُقْلِ نَقَلَه الصَّاغَانيُّ.
* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
يومٌ ذُو عَكِيْك حارٌّ. وحَرٌّ عَكِيكٌ شَدِيدُ.
وعُكَّ الرَّجلُ بالضمِ حُمَّ. وعَكَّتْه الحُمَّى عَكّاً لَزِمَتْه وأَحْمَتْه حتى تُضْنِيه.
وعُكَّ إذا غَلا مِنَ الحَرِّ.
وإِبِلٌ مَعْكُوكَةٌ : مَحْبُوسَةٌ.
وعَكَّ الرَّجلُ إذا أَقَام واحْتَبَس قالَهُ ابنُ الأَعْرَابيِّ وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ :
يا ابنَ الرَّفيعِ حَسَباً وبُنْكاً |
|
ماذَا تَرى رَأْيَ أَخٍ قَدْ عَكَّا(١) |
وقالَ أَبُو زَيْدٍ : العَكُّ : الصُّلْبُ الشَّدِيد المجتمعُ.
قُلْتُ : وبه سُمِّي أَبُو القَبِيْلَةِ.
وأَعَكَّتِ النَّاقةُ إذا سَمِنَتْ فأَخْصَبَتْ.
والعَكُّ : الدَّقُّ. وقالَ ابنُ عَبَّادٍ : العَكَوَّكان التَّارُّ السَّمِين القَصِير وأَنْشَدَ ابنُ فارِس :
عكوكان ووآة نهده (٢)
وهو يعاكُني أي يشَارُني ، وفي الحاشيةِ قال الجرْجَانيّ : وهذا البابُ كلَّه راجِعٌ إلى مَعْنًى واحدٍ وهو ترَدُّد الشيْءِ وتَكَاثُفُه.
تقولُ : ما زِلْت أعُكُّه بالقولِ حتى غَضِبَ أي أُرَدّدُ عليه الكَلَامَ. ومنه عَكَّتْه الحمَّى ، ومنه عُكَّةُ السَّمْن لأَنَّه يكْنزُ فيها كنزاً ؛ ويُقالُ : سَمِنَتِ المرْأَةُ حتى صارَتْ كالعُكَّةِ. ومنه قيلَ لليومِ الحارِّ يومٌ عَكٌّ وعَكِيكٌ ، يُرِيدُ شِدَّةَ احْتِدَامِه وتكَاثفِه ، قالَ : وهذا قَوْل المبرِّدِ.
[علك] : عَلَكَهُ يَعْلِكُهُ ويَعْلُكُه من حَدَّيْ ضَرَبَ ونَصَرَ عَلْكاً مَضَغَه ولَجْلَجَه وعَلَكَ الفرسُ اللِّجامَ حَرَّكَهُ في فيه ولَاكَهُ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للنابِغَةِ الذّبْيَانيّ :
خَيْلٌ صيامٌ وخيْلٌ غيرُ صائمةٍ |
|
تحتَ العَجاجِ وأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُما (٣) |
وأَنْشَدَ الصَّاغَانيُّ لذِي الرِّمَّةِ :
تقول التي أَمْسَت خلوفاً رجالُها |
|
يغيرون فوق الملجمات العوالك |
وعَلَكَ نابَيْهِ حَرَقَ أَحَدَهُما بالآخَرِ فَحَدَثَ بينهما صَوْتٌ قالَ العُجَيْرُ السَّلوليُّ :
فجئتُ وخَصمي يَعْلُكونَ نُيوبَهم |
|
كما وُضِعَتْ تحتَ الشِّفارِ عَزُوزُ (٤) |
وطعامٌ عالِكٌ وعَلِكٌ ككتِفٍ مَتِينُ المَمْضَغَةِ واقْتَصَرَ الصَّاغَانيُّ على الأخيرةِ. والعِلْكُ بالكسر صَمْغُ الصَّنَوْبَرِ والأَرْزَةِ والفُسْتُقِ والسَّرْوِ واليَنْبوتِ والبُطْمِ وهو أجْوَدُها كاللُّبانِ يمضَغُ فلا يَنْمَاعُ (٥) ، مُسَخِّنٌ مُدِرٌّ للبَولِ باهِيٌّ ج عُلُوكٌ وأَعْلاكٌ وقَدْ عَلَكَه عَلْكاً وبائِعُه عَلَّاكٌ وفي الحدِيثِ : «أنَّه مَرَّ برجُلٍ وبُرْمَتُه تَفورُ على النارِ فتناوَلَ منها بَضْعَةً فلم يزلْ يَعْلُكُها حتى أَحْرَمَ في الصَّلاةِ» أي يَمْضَغُها.
وما ذاقَ عُلاكاً كغُرابٍ وسحابٍ أي ما يُعْلَكُ ويُمْضَغُ وعَلَّكَ القِرْبَةَ تَعْليكاً أجادَ دَبْغَها عن ابي حَنِيْفة ونَقَلَه ابنُ عَبَّادٍ أَيْضاً والزَّمَخْشَرِيُّ. وعَلَّكَ مالَهُ تَعْلِيكاً أحْسَنَ القِيَامَ عليه قالَ :
وكائنْ من فَتى سَوْءٍ تَراه |
|
يُعَلكُ هَجْمَةً حُمْراً وجُونا (٦) |
وعَلَّكَ يَدَيْهِ على مالِهِ شَدَّهُما بُخْلاً فلم يَقْرِ ضَيفاً ولا أَعطَى سائلاً. والعَلِكَةُ كفرِحةٍ شِقْشِقَةُ الجَمَلِ عندَ الهَدِيرِ قالَ رُؤْبَةُ :
__________________
(١) ديوانه ص ١١٩ وفيه «سمكا» بدل «بنكا» وبينهما شطراً :
في الأكرمين معدنا وبنكا
والثاني في اللسان والتهذيب ، والشطران في مقاييس اللغة ٤ / ١٠.
(٢) مقاييس اللغة ٤ / ١١.
(٣) اللسان والتهذيب والصحاح ومقاييس اللغة ٤ / ١٣٢.
(٤) اللسان.
(٥) التهذيب : «يمّاع».
(٦) اللسان.