أو هو السَّمِينُ أو هو الصُّلْب الشَّديدُ ؛ قال نِجادُ الخَيْبَريُّ :
عَكَوَّك المِشْيَةِ كالقَفَنْدَرِ (١)
والعَكَوَّكُ : المكانُ الغَليظُ الصُّلْبُ أو السَّهْلُ وكأَنَّه ضِدٌّ قالَ :
إذا افْتَرَشْنَ مَبْركاً عَكَوَّكا |
|
كأَنَّما يَطْحَنَّ فيه الدَّرْمَكَا (٢) |
هكذا أَنْشَدَه ابنُ دُرَيْدٍ. قالَ الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانيُّ : عَكَوَّكُ فَعَلَّع بتكْرِيرِ العَيْنِ وليْسَ من المُضَاعفِ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : قَوْلُه فَعَلَّع سَهْوٌ إنَّما هو فَعَوَّلٌ من المضاعَفِ أَلْحِقَ بسَفَرْجَلٍ كما أُلْحِقَ به من الثلاثيِّ عَطَوَّدٍ وكَرَوَّسٍ وليْسَ ذَا التَّفْعِيل الذي في النسْخَةِ لائِقاً به ولعلَّه لابنِ القَطَّاعِ.
وعَكَوَّكٌ : بِلا لامٍ اسمُ رَجُلٍ ورَجُلٌ مِعَكٌّ كمِتَلّ أي بكسرِ الميمِ وفي بعضِ النسَخِ كمِتَكّ بالكافِ في آخره وهو غَلَطٌ خَصِمٌ أَلَدُّ ذُو الْتِوَاء وخُصُومةٍ ولَدَدٍ. وفَرَسٌ مِعَكٌّ إذا كانَ يَجْرِي قَليلاً ثم يَحْتاجُ إلى الضَّرْبِ كما في الصَّحَاح أي بالسَّوْطِ. وقَوْلُهم : ائْتَزَرَ فلانٌ إزْرَةَ عَكَّ وَكَّ وإزْرَةً عَكَّى وَكَّى كحَتَّى وهو أن يُسْبِلَ طَرَفَيْ إزارِه ويَضُمَّ سائِرَهُ أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ :
إنْ زُرْتَه تَجِدْهُ عَكَّ وَكَّا |
|
مِشْيَتُه في الدارِ هاكَ رَكَّا (٣) |
وفي كتابِ الصَّحَاحِ : إزْرَتَه تَجِدْهُ عَكّ وَكَّا. وكذَا أَنْشَدَه. قالَ الصَّاغَانيُّ : والرِّوايةُ : إنْ زُرْتَه تَجِدْه ، قالَ : وهاكَ رَكَّ حِكَايَةُ تَبَخْتُرِه وقَدْ تَقَدَّمَ. وعَكَّاءُ مَمْدودَةً د مِنَ الثُّغُورِ الشَّاميَّة مَشْهُورٌ. وفي حدِيثِ كَعْب : «أَنَّه ذكر مَلْحَمَةً للرُّومِ فقالَ : والله مَأْدُبَة مِن لُحومِ الرُّوم بمُرُوج عكاء» ؛ أي ضِيَافةٌ للسِّباعِ. قالَ الصَّاغَانيُّ : والعَوَام تسمِّيه عَكَّةً.
قُلْتُ : وهذا الذي نَسَبَه للعَوَامِّ هو الذي في الصَّحَاحِ وأَوْرَدَه الحدِيثَ : «طُوبَى لمَنْ رَأَى عَكَّةَ» ، ومِثْلُه وَقَعَ في كتابِ الثَّقاتِ لابنِ حَبَّان في تَرْجمة الضَّحَّاكِ بن شَرَاحِيل العَكِّيّ أنَّ أَصْلَه مِن عَكَّةَ وانْتَقَلَ إلى مِصْر يَرْوِي عن ابنِ عُمَر. وعَكُّ بنِ عُدْثانَ كعُثْمانَ بالثاءِ المُثَلَّثَةِ ابنِ عَبدِ الله بنِ الأَزْدِ نَقَلَه الصَّاغَانيُّ عن ابنِ الحُبَابِ.
قُلْتُ : وهو قَوْل الأَفْطسي الطرابلسي النَّسَّابة. وليسَ ابنَ عَدْنانَ بالنونِ أخا مَعَدٍّ ووهِمَ الجَوْهَرِيُّ.
قُلْتُ : وهذه مسألةٌ خلافيَّةٌ بين أَئِمَّة النَّسب. ونَصّ الجَوْهَرِيُّ : وعَكُّ بنُ عَدْنان ، أَخُو مَعَدٍّ ، وهو اليومَ في اليَمَنِ وهو بعَيْنِه قَوْل اللَّيْثِ ، ومِثْلُه في مَعَارِفِ ابن قُتَيْبة وطَبَقاتِ محمَّد بن سلام وهو قَوْل شَيْخ الشَّرف بن أَبي جَعْفَرٍ البَغْدَادِي النَّسَّابة ، لكنَّه قالَ : عَكُّ بنُ عَدْنانَ بن عَبْدِ اللهِ بن الأَزْد ، بالنُّونِ. ويدل له أَيْضاً قَوْل عبَّاس بن مِرْدَاسٍ السُّلَمِيّ :
وعكُّ بنُ عدنان الذين تلعبوا |
|
بغسّان حتى طُرِّدوا كل مَطْردِ (٤) |
وقالَ بعضُ النَّسَّابين : إنَّما هو مَعَدُّ بنُ عَدْنان ، فأَمَّا عَكَّ فهو ابنُ عَدْثان بالثاءِ وعَدْثان هذا مِن وُلْدِ قَحْطَان ، وعَدْنان بالنُّونِ من وُلدِ إِسْمَاعيل. وقالَ ابنُ الجوانيّ النَّسَّابةُ : وقَدْ قالَ أَكْثَرُ النَّسَّابين إنَّ العقبَ من عَدْنان من عَكّ وهو الحرث والذيب (٥) والنعمان والضَّحَّاك وهو المُذَهب وعَدي درح والغنى وعبيد وعد وعمرو ونبت وأدو عَدا انْقَلَبَتْ في اليَمَنِ فأَمَّا عَكّ بن عَدْنان فكلُّ مَنْ : كانَ منهم بالمَشْرِقِ فهم يَنْتَسِبون إلى الأَزْد ، والذي في الأَزْد ، أَيْضاً فهو عَكُّ بنُ عَدْثان بن عَبْدِ اللهِ بن الأَزْد بن الغَوْثِ بن نَبْتِ بن مالِكِ بن زَيْدِ بن كَهْلان ، وقال ابنُ حَبِيب : وفي الأَزْد عَدْنان بن عَبْدِ اللهِ بن الأَزْد بالنُّونِ وقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّه قَوْل شَيْخ الشَّرف ، ثم إنَّ عَكّاً هذا عَقِبَه في فَخْذَين الشَّاهِد والصَّحَّار ابنَيْ عَكٍّ ، ومن بَنِي الشَّاهِد غَافِقٌ وساعِدَة ابْنَا نَبْت بن نَهْشَل بن الشَّاهِد وأَعْقَابهم في اليَمَنِ على ما صَرَّح به النَّاشِرِيّ نَسَّابةُ اليَمَنِ. ولَيْسَ هذا مَحَلَّه فبانَ لَكَ أنَّ ما قالَهُ الجَوْهَرِيُّ ليس بوَهمٍ ؛ بل هو قَوْلٌ لأَئِمَّة النَّسَبِ فتأَمَّلْ واللهُ أَعْلَم.
وعَكّ أَيْضاً لَقَبُ الحَارِثِ بنِ الدِّيثِ بنِ عَدْنان في قولٍ هكذا نَقَلَه الصَّاغَانيُّ. والأَوَّلُ الصوابُ
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان والأول في الصحاح.
(٣) اللسان والصحاح والتكملة والتهذيب.
(٤) سيرة ابن هشام ١ / ٩.
(٥) في جمهرة ابن حزم ص ٩ : الدِّيث بالدال والثاء.