وقد ذُكِر البَيْت في «علق».
والمَلَق ، مُحَرَّكَةً : الوُدُّ واللُّطْفُ الشَّدِيدُ ، وأَصْلُه التَّلْيِينُ. وقِيلَ : هو شِدَّة لُطْفِ الوُدِّ ، وقِيلَ : التّرفُّقُ والمُداراةُ ، والمَعْنَيان مُتَقَارِبان.
والمَلَقُ أَيضاً : أَن تُعْطِيَ باللِّسانِ ما لَيْسَ في القَلْبِ.
ومنه الحَدِيثُ : «لَيْسَ من خُلُق المُؤْمِنِ المَلَقُ». والفِعْل مَلِق كفَرِح وهو مَلِقٌ. ومنه قولُ المُتَنَخِّلِ :
أَرْوَى بجِنِّ العَهْد سَلْمَى ولا |
|
يُنصِبْك عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ (١) |
وقِيلَ : المَلِقُ : الذي يَعِدُك ويُخْلِفُك ، فلا يَفِي ويتزَيَّنُ بما لَيْس عندَه.
والمَلَقُ أَيضاً : ما اسْتَوى من الأَرْضِ. قالَ رُؤْبةُ يَصِفُ الحِمار :
مُعتَزِمُ التَّجْلِيحِ مَلَّاخُ الملَقْ |
|
يَرْمِي الجَلامِيدَ بجُلْمُودٍ مِدَقْ |
الواحدة مَلَقَة.
والمَلَق أَيضاً : أَلطَفُ الحُضْرِ وأَسْرَعُه عن أَبي عُبَيْدَةَ (٢). قالَ : ومنه فَرسٌ ملِق ، ككَتِف ، وهِي بهاءٍ ، وأَنشد للنّابِغَةِ الجَعْدِيِّ رضياللهعنه :
ولا مَلِقٌ يَنْزوُ ويُنْدِرُ (٣) روثَه |
|
أُحادَ إِذا فَأْسُ اللِّجامِ تَصَلْصَلَا |
ومَلِقَ الخَاتَمُ ، كفَرِح : جَرِجَ أَي : قَلِق.
وقالَ الأَصمَعَيُّ : المَلِق ، كَكَتِفٍ : الضَّعِيفُ.
وقالَ خالِدُ بنُ كُلْثُوم : المَلِقُ من الخَيْل : فَرسٌ لا يُوثَقُ بجَرْيِه ، أَخذَه من مَلَقِ الإِنسانِ الذي لا يَصْدُقُ في مَوَدَّتِه. وأَنشد قولَ النّابِغَةِ السَّابِق.
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : فَرَسٌ مَلِقٌ : يَقْفِزُ ويَضْرِبُ الأَرضَ بحوَافِرِه ولا جَرْيَ عندَه ، وهو مجازٌ.
والمَالَق ، كهَاجَر : ما يُمَلِّسُ به الحارِثُ الأَرْضَ المُثارَةَ قاله اللَّيثُ. وقالَ النَّضرُ : هي الخَشَبَةُ العَرِيضةُ التي تُشَدُّ بالحِبالِ إِلى الثَّوْرَين ، فيَقُوم عليها الرَّجلُ ، ويجُرُّها الثَّوران ، فيُعَفِّي آثارَ اللُّؤَمَةِ والسِّنّ.
وقال أَبو سَعِيد : ومَالَجُ الطَّيّانِ يُقال له : مالَق كالمِمْلَقِ كمِنْبرٍ.
وقال أَبو حنِيفةَ : المِمْلَقَةُ : خَشَبَة عَرِيضَةٌ يَجُرُّها الثَّيران.
وقد مَلَّقَ الأَرضَ والجِدارَ تَمْلِيقاً أَي : ملَّسها بالمالَق.
وقال الأَزهريُّ : مَلَّقُوا ومَلَّسوا واحد ، فكأَنَّه جعلَ المَالَق عربِيّاً.
ومالَقَة (٤) بفتْحِ الّلامِ ، والعَامَّة تَكْسِرُها ، قال الصاغانِيُّ : وهو غَلَط ، وأَكثَرُ الأَنْدَلُسِيِّين يضْبِطُونه بفَتْحِها. قالَ شَيخُنا : وسَمِعْنا من الشُّيُوخِ أَنّه بالوَجْهَينِ : د ، بالأَنْدَلُس كَثِيرُ الفَواكِهِ والثَّمارِ ، ولا سِيَّما الزَّيتونُ والتِّينُ ، والأَمثالُ تُضرَبُ بِتِينِه ، ومنه يُحْمَلُ إِلى الآفاق ، وقِيلَ : إِنَّه ليسَ في الدُّنيا مثلُه. وفيه يَقولُ أَبو الحَجَّاج ، يُوسُفُ بنُ الشيخِ البَلَوِيُّ المالَقِيُّ ، حسبما أَنشدَه غَيرُ واحدٍ ، وهو في نَفْح الطيبِ وغَيْره من تَوارِيخِ الأَندلس :
مالَقَةٌ حُيِّيتَ يا تِينَهَا |
|
الفُلكُ من أَجلِك يَأْتِينَها |
نَهَى طَبِيبي عنه في عِلَّتِي |
|
ما لِطَبِيبي عن حَياتِي نَهَى (٥) |
وقد ذَيَّل عليه الخَطِيبُ أَبو عبدِ الوهّابِ المُنْشِي بقَوْلِه :
وحِمْصُ لا تَنْسَ لها تِينَها |
|
واذكُرْ مع التِّينِ زَياتِينَها (٦) |
والمَيْلَق ، كحَيْدَر : السَّرِيعُ ، والياءُ زائِدَةٌ ، قالَ الزَّفَيانُ :
ناجٍ مُلِحٌّ في الخَبارِ مَيْلَقُ |
|
كأَنَّه سُوذَانِقٌ أَو نِقْنِقُ |
__________________
(١) ديوان الهذليين ٢ / ١٠.
(٢) في الأصل والتهذيب ، وفي اللسان : أبي عبيد.
(٣) عن التهذيب واللسان وبالأصل «وينبذ» وأندره : أخرجه وأسقطه.
(٤) اقتصر ياقوت على تقييدها بالنص : بفتح اللام والقاف.
(٥) نفح الطيب ط بيروت ١ / ١٥١.
(٦) نفح الطيب وبعده : وفي بعض النسخ :
لا تنس لإشبيلية تينها
ونسب ابن جزيّ البيتين الأولين لأبي محمد عبد الوهاب المالقي والتذييل لقاضي الجماعة أبي عبد الله بن عبد الملك.