الذي خَطَأَه هو المَشْهور على الأَلْسِنَةِ. قال شَيخُنا : وزَعَم قَومٌ من حُفَّاظِ التّوارِيخ أَنَّ عُنُق هي أُمّ عُوج ، وعُوق أَبوه ، فلا خَطَأَ ولا غَلَط. وفي شِعْر عَرْقَلَةَ الدِّمَشْقيّ المذكُور في بَدائِعِ البَدائِه المُتوفّى سنة ٥٦٧ :
أَعْورُ الدَّجّالُ يَمْشِي |
|
خَلْفَ عُوجِ بنِ عناق |
وهو ثِقَةٌ عارف.
والعُواقُ كغُرابٍ صَوْتٌ يَخرُجُ من بَطْنِ الدَّابَّة إِذا مَشَى كالوُعاقِ ، وقِيلَ : هو الصَّوتُ من كُلِّ شَيْءٍ ، قال :
إِذَا ما الرَّكْبُ حَلَّ بدارِ قَومٍ |
|
سَمِعتَ لها إِذا هَدَرَتْ عُواقَا |
وما عاقت المَرْأَةُ ولا لَاقَت عِنْد زَوْجِها أَي : لم تَلْصَقْ بقَلْبِه كما في الصِّحاح. زادَ ابنُ القَطّاع. وما حَبَسَتْه عن فِراقِها ، أَو نِكاحِ غَيْرِها وقالَ غَيرُه : أَي ما حَظِيَتْ عندَه.
وقيلَ : عاقَتْ إِتباعٌ للاقَت ، لأَنَّه يُقالُ لاقَتِ الدَّواةُ : إِذا لَصِقَتْ.
قال ابنُ سِيدَه : وإِنما حَمَلْناهُ على الوَاوِ وإِن لم نَعرِف أَصلَه ؛ لأَنَّ انْقِلابَ الأَلِف عن الواو عَيْناً أَكثَرُ من انقِلابِها عن الياءِ.
والعَيُّوق كَتنُّور : نَجْمٌ أَحمَرُ مُضِيءٌ في طَرَف المَجَرَّة الأَيْمَنِ ، يَتْلُو الثُّرَيَّا ، لا يتَقَدَّمُها ويَطلُع قبل الجَوْزاءِ ، سُمِّيَ بذلك لأَنّه يَعوقُ الدَّبَران عن لِقاءِ الثُّريّا. قال أَبو ذُؤَيْب الهُذَلِيّ يصفُ الحُمُرَ :
فورَدْن والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابِىءِ الضَّ |
|
رْباءِ خَلْفَ النَّجْم لا يَتَتَلَّعُ (١) |
وأَنشدَ اللّيثُ :
تُراعِي الثُّرَيَّا وعَيُّوقَها |
|
ونَجْمَ الذِّراعَينِ والمِرْزَمَا |
قال سِيبَوَيْهٌ : لَزِمَتْهُ الَّلام ، لأَنّه عنْدَهم الشَّيْءُ بعَيْنِه ، وكَأَنَّه جُعِلَ من أُمَّة كُلُّ واحد منها عَيُّوق. قالَ : فإِنْ قلتَ : هَلْ هذا البِناءُ لكُلِّ ما عاق شَيْئاً؟ قيلَ : هذا بناءٌ خُصَّ به هذا النَّجْمُ كالدَّبَرَانِ والسِّماك. وقالَ ابن الأَعرابيِّ : هذا عَيُّوق طَالِعاً ، فحَذَف الأَلِفَ والَّلامَ وهو يَنْوِيهِما ، فلِذلِك يَبْقَى على تَعْرِيفِه الذي كانَ عليه.
وقال الأَزْهَرِيُّ : عَيُّوق فَيْعُول ، يُحْتَملُ أَنْ يَكُونَ بِناؤُه من عَوْق ومن عَيْق ؛ لأَنَّ الواوَ والياءَ في ذلِك سَواءٌ ، وأَنْشَدَ :
وعانَدَتِ الثُّريَّا بعدَ هَدْءٍ |
|
مُعانَدَةً لها العَيُّوقُ جَارَا (٢) |
قالَ الجَوهرِيُّ : أَصلُه فَيْعُول ، فلما الْتَقَى اليَاءُ والواوُ ، والأُولَى ساكِنَةٌ صَارتَا ياءً مُشَدَّدَة.
وقالَ ابنُ عَبَّادٍ : يُقالُ : أَعْوَقَ بي الدَّابَّةُ أَو الزَّادُ أَي : قَطَع (٣).
قال : والمُعْوِقُ ؛ كمُحْسِنٍ : المُخْفِق والمُعَوِقُ أَيضاً : الجَائِعُ.
وفي الصّحاح : تَعَوَّق : تَثَبَّط.
ومما يُسْتَدرك عليه :
تَعوَّقَه إِذا حَبَسه وصَرفَه ، عن ابنِ جِنِّي. وروى شَمِر عن الأُمَوِيّ : ما في سِقائِه عَيْقَةٌ من الرُّبِّ. قالَ الأَزْهَرِيُّ : كأَنَّه ذَهَب به إِلى قَولِه : ما لاقَتْ ولا عاقَتْ.
وقالَ غَيرُه : ما في نِحْيِه عَيْقةٌ ولا عَمَقَةٌ ، هكذا ذَكَره صاحِبُ اللّسانِ (٤) ، وهو غَرِيب ، فإِنه قد تَقدَّمَ ذلك بعَيْنه في «ع ب ق» ونقلنا هناك عن ابنِ سِيدَه أن بَاءُ عَبَقَه مُنْقَلِبة عن مِيمِ عَمَقه ، فتأَمَّل ذلكَ.
والوَعِيقُ والعَوِيق : صوتُ قُنْبِ الفَرَس.
[عهق] : العَوْهَق : الطَّوِيلُ ، للمُذَكَّر والمُؤَنَّث. وأَنشدَ الجَوهريُّ للزَّفَيان :
__________________
(١) ديوان الهذليين ١ / ٦ برواية : «فوق النظم يتتلع» والمثبت كرواية اللسان.
(٢) في التهذيب : «جار» والمثبت كرواية اللسان بالنصب والصواب الرفع فالبيت من قصيدة مفضلية الرقم ٩٨. البيت رقم ١٦ لبشر بن أبي خازم والقصيدة مرفوعة الروي. وقبله :
أراقب في السماء بنت نفشٍ |
|
وقد دارت كما عُطفَ الصوارُ |
(٣) العبارة في التكملة ، ولم يعزها ، وأعوق بي الزاد أو الدابة ، وأعوق عني وأعوصني ، فلم أقدر عليه.
(٤) والذي في التهذيب : عَبَقَه بالباء ، محركة.