السِّنِّ ، وأَرْشُ المُوضِّحَةِ والعَيْنُ القائِمَةُ واليَدُ الشَّلّاءُ ، لا يَزالُ يُقالُ له أَرْشٌ حَتَّى تَكُونَ تَكْمِلَةَ دِيَةٍ كامِلَةٍ.
والشَّنَقُ : العَمَلُ وبه فَسَّرَ بعضٌ قولَ رُؤْبَةَ يَصِفُ صائِداً :
سَوّى لها كَبْداءَ تَنْزُو في الشَّنَقْ(١) |
|
نَبْعِيَّةً ساوَرَها بَيْنَ النِّيَقْ (٢) |
والشَّنَقُ هو ما بَيْنَ الفَرِيضَتَيْنِ من الإِبِلِ والغَنَمِ في الزَّكاةِ ، جمعُه أَشناقٌ ، وخَصَّ بعضُهم بالأَشْناقِ الإِبِلَ ، فإِذا كانَتْ من البَقَرِ فهي الأَوْقاصُ ، ففي الغَنَمِ : ما بينَ أَرْبَعِينَ ومائِةٍ وعِشْرِينَ ، وقِسْ في غَيْرِها ، قالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانِيُّ : الشَّنَقُ في خَمْسٍ من الإِبِلِ شاةٌ وفي عَشْرٍ شاتانِ ، وفي خَمْسَ عَشْرَةَ ثلاثُ شِياهٍ ، وفي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِياهٍ ، فالشّاةُ شَنَقٌ ، والشاتانِ شَنَقٌ ، والثَّلاثُ شِياهٍ شَنَقٌ ، والأَرْبَعُ شِياهٍ شَنَقٌ ، وما فوقَ ذلِكَ فهو فَرِيضَةٌ ، ورُوِي عن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنَّ الشَّنَقَ : ما دُونَ الفَرِيضَةِ مُطْلَقاً ، كما دُونَ الأَرْبَعِينَ من الغَنَمِ.
وقِيلَ : الشَّنَقُ : ما دُونَ الدِّيَةِ ، وذلِكَ أَنْ يَسُوقَ ذُو الحِمالَةِ الدِّيَةَ كامِلَةً ، فإِذا كانَتْ مَعها دِياتُ جِراحاتٍ فَتِلْكَ هي الأَشْناقُ ، كأَنَّها مُتَعَلِّقَةٌ بالدِّيَةِ العُظْمَى ، ومنه قولُ الكُمَيْتِ :
فرَهْنٌ ما يَدايَ لَكُم وفاءُ |
|
بأَشْناقِ الدِّياتِ إِلى الكُمُولِ (٣) |
وقالَ الأَخْطَلُ يَمْدَحُ مَصْقَلَةَ بنَ هُبَيْرَةَ الشَّيْبانِيَّ :
قَرْمٌ (٤) تُعَلَّقُ أَشْناقُ الدِّياتِ بهِ |
|
إِذ المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوْقَه حَمَلَا |
رَوَى شَمِرٌ عن ابْنِ الأَعْرابِيِّ قالَ : يَقُولُ : يَحْتَمِلُ الدِّياتِ وافِيَةً كامِلَةً زائِدَةً.
وقالَ الأَصْمَعِيُّ : الشَّنَقُ : الفَضْلَةُ تَفْضُلُ وبه فُسِّرَ قَولُ الكُمَيْتِ السابِقُ ، يقول : فهذه الأَشْناقُ عليهِ مثلُ العَلائِقِ على البَعِيرِ ، لا يَكتَرِثُ بها ، وإِذا أُمِرَّتِ المِئُونَ فوقَه حَمَلَها ، وأُمِرَّتْ : شُدَّتْ فوقه بمِرارٍ ، والمِرارُ : الحَبْلُ.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : الشَّنَقُ : الحَبْلُ.
قالَ : والشَّنَقُ : العِدْلُ وهما شَنَقان.
أَو الشَّنَقُ في قَوْلِ الكُمَيْتِ (٥) شَنَقانِ : الأَعْلَى والأَسْفَلُ ، فالأَعْلَى في الدِّياتِ عِشْرُونَ جَذَعةً ، والأَسْفَلُ عِشْرُونَ بنتَ مَخاضٍ ، وفي الزَّكاةِ : الأَعْلَى تَجِبُ بنتُ مَخاضٍ في خَمْسٍ وعِشْرِينَ ، والأَسْفَلُ تَجِبُ شاةٌ في خَمْسٍ من الإِبِلِ ، ولكُلٍّ مَقالٌ ؛ لأَنّها كُلُّها أَشْناقٌ ، ومَعْنَى البيتِ : أَنَّه يخِفُّ الحِمالاتِ وإِعْطاءَ الدِّياتِ ، فكأَنَّه : إِذا غَرِمَ دِياتٍ كثِيرَةً غَرِمَ (٦) عِشْرِينَ بَعِيراً بَناتِ مَخاضٍ ؛ لاسْتِخفافِه إِيّاها ، وقِيلَ ـ في قَوْلِ الأَخْطَلِ السّابِقِ ـ أَشْناقُ الدِّياتِ : أَصْنافُها ، فدِيَةُ الخَطَأِ المَحْضِ : مائِةٌ من الإِبِلِ تَحْمِلُها العاقِلَةُ أَخْماساً : عشرونَ ابْنَةَ مَخاضٍ ، وعِشْرُونَ ابنةَ لَبُونٍ ، وعِشْرُونَ ابنَ لَبُونٍ ، وعِشْرُونَ حِقَّةً ، وعِشْرُونَ جَذَعةً ، وهي أَشْناقٌ أَيضاً ، وقالَ أَبو عُبَيْدٍ : الشِّناقُ : ما بَيْنَ الفَرِيضَتَيْنِ ، قالَ : وكذلِكَ أَشْناقُ الدِّياتِ ، ورَدَّ عليهِ ابنُ قُتَيْبَةَ ، وقالَ : لم أَرَ أَشْناقَ الدِّياتِ من أَشْناقِ الفَرائِضِ في شَيْءٍ ؛ لأَنَّ الدِّياتِ ليسَ فِيها شيءٌ يَزِيدُ عَلى حَدٍّ من عَدَدِها ، أَو جِنْسٍ من أَجْناسِها ، وأَشْناقُ الدِّياتِ : اخْتِلافُ أَجْناسِها ، نحو : بناتِ المَخاضِ وبَناتِ اللَّبُونِ ، والحِقاقِ ، والجِذاعِ ، كلُّ جِنْسٍ منها شَنَقٌ ، قالَ أَبو بَكْرٍ : والصَّوابُ ما قالَ أَبو عُبَيْدٍ ؛ لأَنَّ الأَشْناقَ في الدِّياتِ بمَنْزِلَةِ الأَشْناقِ في الصَّدَقاتِ إِذا كانَ الشَّنَقُ في الصَّدَقةِ ما زادَ على الفَرِيضَةِ من الإِبِلِ ، وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ ، والأَصْمَعِيُّ ، والأَثْرَمُ : كانَ السَّيِّدُ إِذا أَعْطَى الدِّيَةَ زادَ عليها خَمْساً من الإِبِلِ ؛ ليُبَيِّنَ بذلِك فَضْلَهُ وكَرَمَهُ ، فالشَّنَقُ من الدِّيَةِ بمنزِلَةِ الشَّنَقِ في الفَرِيضَةِ إِذا كانَ فِيها لَغْواً ، كما أَنّه في الدِّيَةِ لَغْوٌ ، ليسَ بواجِبٍ ، إِنّما تَكَرُّمٌ من المُعْطِي.
وشَنِقَ الرَّجُلُ ، كفَرِحَ وضَرَبَ : هَوِيَ شَيْئاً فصارَ مُعَلَّقاً به
__________________
(١) في اللسان برواية : كأنها كبداء تنزو ...
(٢) عن الديوان ص ١٠٧ وبالأصل «النبق».
(٣) عن اللسان وبالأصل «إلى الكهول».
(٤) في الديوان ص ١٤٣ «ضخم تعلق».
(٥) يعني قوله ـ كما في التهذيب وقد جاء الشرح فيه بعد ذكره البيت :
كأن الديات إذا عُلِّقَتْ |
|
مشوها به الشِّنَقُ الأسفلُ |
(٦) الأصل واللسان وفي التهذيب : تحمّل.