فصل ـ ٣ ـ
١٣٥ ـ وباسناده عن الصَّفار ، عن أيّوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : قلت لأبي عبد الله صلوات الله عليه : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف ؟ قال : حزن سبعين ثكلى ، قال : ولمّا كان يوسف صلوات الله عليه في السّجن دخل عليه جبرئيل عليه السّلام ، فقال : إنّ الله تعالى ابتلاك وابتلى أباك وأنّ الله ينجّيك من هذا السّجن ، فاسأل الله بحقّ محمّد وأهل بيته أن يخلّصك ممّا أنت فيه ، فقال يوسف : اللّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وأهل بيته إلّا عجّلت فرجي وأرحتني ممّا أنا فيه.
قال جبرئيل عليه السّلام : فابشر أيّها الصّديق ، فانّ الله تعالى أرسلني إليك بالبشارة بانّه يخرجك من السّجن إلى ثلاثة أيّام ، ويملّكك مصر وأهلها تخدمك أشرافها ، يجمع إليك إخوتك وأباك ، فابشر أيّها الصّدّيق إنّك صفيّ الله وابن صفيّه. فلم يلبث يوسف عليه السّلام إلّا تلك اللّيلة حتّى رأى الملك رؤيا أفزعته ، فقصّها على أعوانه ، فلم يدروا ما تأويلها.
فذكر الغلام الّذي نجى من السّجن يوسف ، فقال له : أيّها الملك أرسلني إلى السّجن ، فإِنّ فيه رجلاً لم ير مثله حلماً وعلماً وتفسيراً ، وقد كنت أنا وفلان غضبت علينا وأمرت بحبسنا رأينا رؤيا ، فعبَّرها لنا وكان كما قال ، ففلان صلب وأمّا أنا فنجوت فقال له الملك : انطلق إليه ، فدخل وقال : يا يوسف : « أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ » (١) فلمّا بلغ رسالة يوسف الملك قال : « ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي » (٢) فلمّا بلغ يوسف رساله الملك قال : كيف أرجو كرامته وقد عرف برآءتي وحبسني سنين ، فلمّا سمع الملك أرسل إلى النّسوة فقال ما خطبكنّ : « قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ » (٣).
فأرسل إليه وأخرجه من السّجن ، فلمّا كلّمه أعجبه
كماله وعقله ، فقال له : أقصص رؤياي فانّي أريد أن أسمعها منك ، فذكّره يوسف كما رأى وفسّرها. قال الملك : صدقت
_________________________________
(١) سورة يوسف : (٤٦).
(٢) سورة يوسف : (٥٤).
(٣) سورة يوسف : (٥١).