نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ ... قالوا : وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ قالوا : فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ قالوا : « جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ » « فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ » « قَالُوا : إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ » (١) ثمّ « قَالُوا : يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ » « قَالَ : مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ » (٢) قال كبيرهم : إنّي لست أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي.
فمضى إخوة يوسف حتّى دخلوا على يعقوب صلوات الله عليه ، فقال لهم : أين ابن يامين ؟ قالوا : سرق مكيال الملك ، فحبسه عنده ، فاسأل أهل القرية والعير حتّى يخبروك بذلك ، فاسترجع يعقوب واستعبر حتّى تقوّس ظهره ، فقال يعقوب : يابنيّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه ، فخرج منهم نفر وبعث معهم بضاعة وكتب معهم كتاباً إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه وولده.
فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم ، فأخذه وقبّله وبكى ، ثمّ أقبل عليهم فقال : « هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ » قالوا : أأنت يوسف ؟ « قَالَ : أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي » وقال يوسف : « لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ » و « اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَـٰذَا » بلّته دموعي « فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ » (٣).
فأقبل ولد يعقوب عليه السّلام يحثّون السّير بالقميص ، فلمّا دخلوا عليه قال لهم : ما فعل ابن يامين ؟ قالوا : خلّفناه عند أخيه صالحاً ، فحمد الله عند ذلك يعقوب وسجد لربّه سجدة الشكر واعتدل ظهره ، وقال لولده : تحملوا إلى يوسف من يومكم ، فساروا في تسعة أيّام إلى مصر ، فلمّا دخلوا اعتنق يوسف أباه ورفع خالته ، ثم دخل منزله وأدهن ولبس ثياب الملك ، فلمّا رأوهُ سجدُوا شكراً لله ، وما تطيّب يوسف في تلك المدّة ولا مَسّ النّساء حتّى جمع الله ليعقوب صلوات الله عليه شمله (٤).
_________________________________
(١) سورة يوسف : (٧٥ ـ ٧٧).
(٢) سورة يوسف : (٧٨ ـ ٧٩).
(٣) سورة يوسف : (٨٩ ـ ٩٣).
(٤) بحار الانوار (١٢ / ٢٨٧ ـ ٢٨٩) ، برقم : (٧١).