فحذَف الماءَ وهو يُرِيدُه ، فجَعَلَ مَسِيلَه مِن رَصَفٍ إلى رَصَفٍ ، مُنَازَعَةً منا إِيَّاهُ.
والرَّصَفَةُ أَيضاً : وَاحِدَةُ الرِّصَافِ ، لِلْعَقَبِ الذي يُلْوَى فَوْقَ الرُّعْظِ إِذا انكَسَرَ ، والرُّعْظُ ، مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وهو قَوْلُ ابنِ السِّكِّيتِ ، ومنهالحديثُ : «فنَظَرَ في رِصَافِهِ فلم يَرَ شَيْئًا» وفي حديثٍ آخَرَ : «أَهْدَى له يَكْسُومُ بنُ أَخِي الأَشْرَمِ سِلَاحاً فيه سَهْمٌ لَغْبٌ (١) ، وقد رُكِّبَتْ مِعْبَلَةٌ (٢) في رُعْظِهِ ، فقَوَّمَ فُوقَه ، وقال : هو مُسْتَحْكِمُ الرِّصَافِ ، وسَمَّاهُ قِتْرَ الغِلاءِ» (٣). وَقال اللَّيْثُ : الرَّصَفَةُ : عَقَبَةٌ تُلْوَى على مَوْضِعِ الفُوقِ ، قال الأَزْهَرِيُّ : وهذا خَطَأٌ ، والصَّوابُ ما قَالَهُ ابنُ السِّكِّيتِ ، كَالرُّصَافَةِ ، والرُّصُوفَةِ ، بِضَمِّهِمَا ، هكذا في النُّسَخِ ، والذي قَالَهُ اللَّيْثُ : الرُّصَافَةُ ، والرَّصَفَةُ : عَقَبَةٌ تُلْوَى علَى مَوْضِعِ الفُوقِ من الوَتَرِ ، وعلَى أَصْلِ نَصْلِ السَّهْمِ ، فالصَّوَابُ : وَالرَّصَفَةُ.
والمَصْدَرُ : الرَّصْفُ ، مُسَكَّنَةً بِالفَتْحِ ، هكذا في النُّسَخِ ، وكان أَحدُهما يُغْنِي عن الآخَرِ ، يُقَال : رَصَفَ السَّهْمَ ، يَرْصُفُه ، رَصْفاً : شَدَّ على رُعْظِهِ عَقَبَةً ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، ومنهالحديثُ : «أَنَّه مَضَغَ وَتَرًا في رَمَضَانَ ، وَرَصَفَ به وَتَرَ قَوْسِهِ» ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للرَّاجِزِ :
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُهُ مَرْصُوفُ (٤)
ورَصَفَ الْمُصَلِّي قَدَمَيْهُ : ضَمَّ إِحْدَاهُمَا إلى الْأُخْرَى ، وَلم يُقَيِّدْهُ الجَوْهَرِيُّ بالمُصَلِّي ، وفي العَيْنِ : يُقَال للْقائمِ إذا صَفَّ قَدَمَيْهِ : رَصَفَ قَدَمَيْهِ ، وذلك إذا ضَمَّ إحْدَاهُما إِلَى الأُخْرَى.
ومن المجَازِ : الْمَرْصوفةُ : الصَّغِيرَةُ الْهَنَةِ ، وَفي الأَسَاسِ : الهَنِ ، لَا يَصِلُ إِليْهَا الرَّجُلُ ، وَقيل : هي التي الْتَزَقَ خِتَانُهَا فلم يُوصَلْ إِليها ، أو الضَّيِّقَتُهَا ، كالرَّصُوفِ ، وَالرَّصْفاءِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، والجَوْهَرِيُّ ذَكَرَ الرَّصُوفَ فقط ، وقيل : الرَّصْفاءُ مِن النِّسَاءِ : الضَّيِّقَةُ المَلَاقِي ، وحكَى ابنُ بَرِّيّ : الْمِيقَابُ ضِدُّ الرَّصُوفِ.
وفي حديثِ مُعَاذٍ : «ضَرَبَهُ بمِرْصَافَةٍ» الْمِرْصَافَةُ : الْمِطْرَقَة ؛ لأَنَّهُ يُرْصَفُ بها المَطْرُوقُ ، أي : يُضَمُّ ، ويُلْزَقُ.
ومِن المَجَازِ : ذَا أَمْرٌ لا يَرْصُفُ بِك أيْ : لَا يَلِيقُ بك ، وَهو رَاصِفٌ بفُلانَ : أي لَائِقٌ به.
ومِن المَجَازِ ، يُقَال : عَمَلٌ رَصِيفٌ ، بَيِّنُ الرَّصَافَةِ : أي مُحْكَمٌ رَصِينٌ.
وَقد رَصُفَ ، كَكَرُم.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : هو رَصِيفُهُ ، أيْ يُعَارِضُهُ في عَمَلِهِ ، وَيَأْلَفُهُ ، ولَا يُفَارِقُه ، وَهو مَجَازٌ.
والرُّصَافَةُ ، كَكُنَاسَةٍ ، هكذا ضَبَطَهُ يَاقُوتُ ، والصَّاغَانِيُّ ، وَرَدَّه شَيْخُنَا ، فقَالَ : اشْتَهَرَ في ضَبْطِ الرَّصَافَاتِ ، أَنَّهَا بالفَتْحِ ، وفي اللّسَانِ : الرُّصَافةُ : كُلُّ مَنْبِتٍ بالسَّوَادِ ، وقد غَلَبَ علَى مَوْضِعِ بَغْدَادَ ، والشَّأْمِ.
وَقال ياقُوتُ في المُشْتَرَكِ : الرُّصَافَةُ أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعاً ، منها : د بِالشَّأْمِ غَرْبِيَّ الرَّقَّةِ (٥) ، وهي رُصَافَةُ هِشَامِ بنِ عبدِ المَلِكِ منه : أَبو مَنِيعٍ عُبَيْدُ الله (٦) بنِ أَبِي زِيَادٍ الرُّصَافيُّ ، رَوَى عن الزُّهْرِيِّ ، وعنه ابنُ ابْنِهِ أَبو مُحَمَّدٍ الْحَجَّاجُ بنُ يُوسفَ بنِ أَبِي مَنِيعٍ ، نَقَلَهُ الحافِظُ ، وعن الحَجَّاجِ الحُسَيْنُ بنُ الحسنِ المَرْوَزِيُّ (٧).
والرُّصَافَةُ : مَحَلَّةٌ بِبَغْدَادَ بالشَّرْقِيَّةِ ، بها تُرَبُ أَكْثَرِ الخُلَفَاءِ ، وبِقُرْبِهَا مَشْهَدُ الإِمَامِ أَبي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تعالَى ، وَإِليها نُسِبَ الجامعُ ، وفيها يقول الشَّاعِرُ :
عُيُونُ الْمَهَابَيْنَ الرُّصَافَةِ والجِسْرِ |
|
جَلَبْنَ الْهَوَى مِنْ حَيْثُ أَدْرِي ولَا أَدْرِي (٨) |
منها. محمدُ بنُ بَكَّارِ بنِ الزَّيَّاتِ (٩) أبو عبدِ الله ، قال ابنُ مَعينٍ : لا بَأْسَ به ، وجَعْفَرُ بنُ محمدِ بنِ عَلِيٍّ.
والرُّصافَةُ : د بِالْبَصْرَةِ ، منه : مَحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ
__________________
(١) عن النهاية «لغب» وبالأصل «لعب».
(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «وركبت نصله».
(٣) عن النهاية «غلا» وبالأصل «الفلا» بالفاء. والقتر سهم الهدف.
(٤) قوله أثربي نسبة إلى يثرب ويقال : يثربي ، بفتح الراء وكسرها فيهما ، قاموس.
(٥) زيد في معجم البلدان : بينهما أربعة فراسخ على طرف البرية.
(٦) الأصل والقاموس ومعجم البلدان ، وفي اللباب : عبد الله.
(٧) عن اللباب وبالأصل «المرازي» تحريف.
(٨) البيت لعلي بن الجهم كما في معجم البلدان «رصافة بغداد».
(٩) معجم البلدان : الريان.