النَّعَمَ (١) ، وسَقَوْا في الحَوْضِ ، تَقَدَّمُوا إِلَى الرُّعْيَانِ لَئِلَّا يورِدُوا النَّعَمَ ما لم يَطْفَحِ الحَوْضُ ، لأَنَّهَا لا تكادُ تَرْوَى إذا سُقِيَتْ قليلاً ، وهو معنى قَوْلِهِم : الرَّشِيفُ أَشْرَبُ. وقيل : الرَّشْفُ ، والرَّشِيفُ : فوْقَ المَصِّ ، ومنه قَوْلُ الشاعرِ :
سَقَيْنَ الْبَشامَ الْمِسْكَ ثُمَّ رَشَفْنَهُ |
|
رَشِيفَ الْغُرَيْرِيّاتِ مَاءَ الْوَقَائِعِ |
وقد رَشِفَهُ ، يَرْشُفُهُ : كَنَصَرَه ، وضَرَبَهُ ، وسَمِعَهُ ، الأَوَّلانِ عن الجَوْهَرِيِّ ، والثالثُ عن أَبِي عَمْرٍو ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ ، رَشْفاً ، بالفَتْحِ : مَصْدَرُ الأَوَّلَيْنِ ، حكَى ابنُ بَرِّيّ : رَشَفاً ، ورَشَفَانًا ، بالتَّحْرِيكِ فيهما : مَصْدَرُ الثالثِ ، وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
قابَلَه مَا جَاءَ في سَلَامِهَا |
|
بِرَشَفِ الذِّناب والْتِهَامِهَا |
: مَصَّهُ ، كارْتَشَفَهُ ، وتَرَشَّفَهُ ، وأَرْشَفَهُ ، ورَشَّفَه ، تَرْشِيفاً ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ :
يَرْتَشِفُ الْبَوْلَ ارْتِشَافَ الْمَعْذُورْ
وَيُقَال : أَرْشَفَ الرَّجُلُ : إذا مَصَّ رِيقَ جَارِيَتِهِ.
ورَشَفَ الْإِنَاءَ ، رَشْفاً : اسْتَقْصَى الشُّرْبَ ، وَاشْتَفَّ ما فيه ، حتى لم يَدَعْ فيه شَيْئاً ، كذا في المُجْمَلِ ، واللِّسَانِ.
وفي المَثَل : «الرَّشْفُ أَنْقَعُ» ، أي : تَرَشُّفُ الْمَاءِ قَليلاً قَلِيلاً أَسْكَنُ لِلْعَطَشِ ، هكذا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، والمَيْدَانِيُّ ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ ، يُضْرَبُ في تَرْكِ العَجَلِةِ.
والرَّشُوفُ : الْمَرْأَةُ الطَّيِّبَةُ الْفَمِ (٢) نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وابنُ سِيدَه ، وزادَ الأَخيرُ : وقيل : قَلِيلَةُ البِلَّةِ.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الرَّشُوفُ : المَرْأَةُ الْيَابِسَةُ الْفَرْج.
وَالرَّصُوفُ : الضَّيِّقَةُ الفَرْجِ.
وقال الأَصْمَعِيُّ : الرَّشُوفُ : النَّاقَةُ تَرْشُفُ ، أي : تَأْكُلُ بمِشْفَرِهَا هكذا نَقَلَهُ عنه الصَّاغَانِيُّ ، والذي في اللِّسَانِ : نَاقَةٌ رَشُوفٌ : تشرَبُ الماءَ فتَرْتَشِفُه ، قال القُطَامِيُّ :
رَشُوفٌ وَرَاءَ الْخُورِ لمْ تَنْدَرِئْ بِهَا |
|
صَباً وشَمَالٌ حَرْجَفٌ لَم تَقَلَّبِ |
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
«الرَّشِيفُ أَشْرَبُ» ، وقد تقدَّم شَرْحُه ، وقالوا في المَثَلِ : «لَحَسُنَ مَا أَرْضَعْتِ إِنْ لم تُرْشِفي» ، أي تُذْهِبِي اللِّبَنَ ، وَيُقَال ذلك لِلرَّجُلِ إذا بَدَأَ أَنْ يُحْسِنَ ، فخِيفَ عَلَيه أَن يُسِيءَ ، وفي الأَساسِ : لمَنْ يُحْسِنُ ثم يُسيءُ بآخره (٣).
وَالتَّرَشُّفُ : التَّمَصُّصُ.
وَالارْتِشَافُ : الامْتِصَاصُ ، وبه سَمَّى أَبو حَيَّانَ كِتَابَهُ «ارْتِشَاف الضَّرَب».
وَهي عَذْبَةُ المَرْشَفِ ، والمَرَاشِفِ.
وَحَوْضٌ رَشِفٌ (٤) : لا ماءَ فيه ، ورَهْشَفَ الرِّيقَ : رَشَفَهُ ، وَالهاءُ زَائِدَةٌ ، نَقَلَهُ شَيْخُنَا ، وهي في الَّلاميَّةِ لابنِ مالكٍ ، وَالأَفْعَالِ لابنِ القَطَّاعِ.
[رصف] : الرَّصَفَةُ ، مُحَرَّكَةً : واحدَةُ الرَّصَفِ ، لِحِجَارَةٍ مَرْصُوفٍ بعْضُهَا إلى بَعْضٍ في مَسِيلٍ فيَجْتَمِعُ فيها المَطَرُ ، وَفي حدِيثِ زيادٍ : أَنَّه بَلَغَهُ قَوْلُ المُغيرةِ بنِ شُعْبَةَ ، رضياللهعنه : لَحَدِيثٌ مِن (٥) عاقِلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشُّهْدِ بِمَاءِ رَصَفَةٍ ، فقَالَ : أَكذا هو ، فلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ ، مِن رَثِيئَةٍ فُثِئَتْ بسُلالَةٍ مِن مَاءِ ثَغْبٍ (٦) ، في يومٍ ذِي وَدِيقَةٍ ، تَرْمَضُ فيه الآجَالُ.
وَفي التهذيب : الرَّصَفُ : صَفاً طَوِيلٌ ، تَّصِلُ بَعْضُه ببَعْضٍ ، كأَنَّهُ مَرْصُوفٌ ، وقال العَجَّاجُ :
فَشَنَّ في الْإِبْرِيقِ مِنْهَا نُزَفَا |
|
مِنْ رَصَفٍ نَازَعَ سَيْلاً رَصَفَا |
حَتَّى تَناهَى في صَهَارِيجِ الصَّفَا
قال البَاهِلِيُّ : أَرادَ أَنَّهُ صَبَّ في إِبْرِيقِ الخَمْرِ مِن مَاءِ رَصَفٍ ، نَازَعَ سَيْلاً ، كان في رَصَفٍ ، فصارَ منه في هذا ، فكأَنَّهُ نَازَعَهُ إِيَّاهُ ، قال الجَوْهَرِيُّ : يقول : مُزِجَ هذا الشَّرَابُ مِن ماءِ رَصَفٍ نَازَعَ رَصَفاً آخَرَ ؛ لأَنَّهُ أَصْفَى له وأَرَقُّ ،
__________________
(١) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : فرطوا الواردة سقوا ..
(٢) قال ابن فارس : ومعنى هذا أن ريقتها من طيبها تترشّف.
(٣) في الأساس : «بآخرة».
(٤) في الأساس : وحوضٌ رَشْفٌ.
(٥) في غريب الهروي : من في عاقلٍ.
(٦) عن النهاية «ثغب» وبالأصل «ثقب» وفي النهاية واللسان «رثأ» : في يوم شديد الوديقة.