وقال ابْنُ السِّكِّيتِ : حُنَيْنٌ رَجُلٌ شَدِيدٌ ، ادَّعَى إِلَى أَسَدِ بن هاشِمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ ، فَأَتَى عبدَ المُطَّلِبِ وعَلَيْه خُفَّانِ أَحْمَرَانِ ، فقَالَ : يا عَمِّ ، أَنا ابنُ أَسدِ بنِ هاشِمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ ، فَقَالَ عبدُ المُطَّلِبِ : لَا وثِيَابِ أَبِي هَاشِمٍ ، مَا أَعْرِفُ شَمَائِلَ هَاشِمٍ فِيكَ ، فَارْجِعْ ، فَرَجَع ، فَقِيلَ : رَجَعَ حُنَيْنٌ بِخُفَّيْهِ. هكذا أَوْرَدَ الوَجْهَيْنِ الصَّاغَانِيُّ في العُبَابِ ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ في المُسْتَقْصَى ، والمَيْدَانِيُّ في مَجْمَعِ الأَمْثَال ، وشُرَّاحُ المَقَامَاتِ ، واقْتَصَرَ غَالِبُهم علَى ما قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ.
والْخِفُّ ، بالْكَسْرِ : الْخَفِيفُ ، يقال : شَيْءٌ خِفٌّ : أي خَفِيفٌ ، وكُلُّ شَيْءٍ خَفَّ مَحْملُهُ فهو خِفٌّ ، وقال امْرُؤُ القَيْسِ :
يَزِلُّ الْغُلَامُ الْخِفُّ عَنْ صَهَوَاتِهِ |
|
وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ الْعَنِيفِ الْمُثَقَّلِ (١) |
والخِفُّ : الجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ ، يُقَال : خَرَجَ فُلانٌ في خِفٍّ مِن أَصْحابِهِ ، أي في جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ.
والخُفَافُ ، كَغُرَابٍ : الْخَفِيفُ ، كطُوَالٍ وطَوِيلٍ ، قال أَبو النَّجْمِ :
وقد جَعَلْنَا في وَضِينِ الأَحْيُلِ |
|
جَوْزَ خُفَافٍ قَلْبُهُ مُثَقَّلِ (٢) |
أي : قَلْبُهُ خَفِيفٌ ، وبَدَنُه ثَقِيلٌ.
وَقيل : الخَفِيفُ في الجِسْمِ ، والخُفَافُ في التَّوَقُّدِ وَالذَّكَاءِ ، وجَمْعُهما خِفَافٌ ، ومنه قَوْلُه عَزَّ وجَلَّ (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) (٣). قال الزَّجَّاجُ : أي مُوسِرينَ أو مُعْسِرِين ، وَقيل : خَفَّتْ عليكم الحَرَكَةُ أو ثَقُلَتْ ، وقيل : رُكْبَانًا ومُشَاةً ، وَقيل : شُبَّانًا وشُيُوخاً.
وقد خَفَّ ، يَخِفُّ ، خَفًا ، وخِفَّةً ، بِكَسْرِهَا ، وتُفْتَحُ ، وَعلى الثَّانِيَةِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ ، وتَخَوُّفاً ، وهذا مِن غَيْرِ لَفْظِهِ ، ومَوْضِعُهُ في خ وف ، كما سيأْتي : أي صار خَفِيفاً ، يكونُ في الجِسْمِ ، والعَقْلِ ، والعَمَلِ ، وفي الآخَرَين مَجَازٌ ، فهو خِفٌّ ، وخَفِيفٌ ، وخُفافٌ ، ومنه قَوْلُ عَطاءٍ : «خِفُّوا علَى الأَرْضِ» قال أَبو عُبَيْدٍ : أي في السُّجُودِ ، وَيُرْوَى بالجِيمِ أَيضا.
وخُفَافُ بنُ نُدْبَةَ ، وَهي أُمُّهُ ، وأَبوه عُمَيْرُ بنُ الحارِثِ بنِ عمرِو بنِ الشَّرِيدِ السُّلَمِيُّ (٤) : أَحَدُ فُرْسَانِ قَيْسٍ وشُعَرَائِها ، وَقد شَهِدَ الفَتْحَ ، وتقدَّم ذِكْرُه أَيضاً في «ن د ب» وفي «غ ر ب».
وخُفافُ ابنُ أَيْمَاءَ (٥).
وخُفَافُ بنُ نَضْلَةَ الثَّقَفيُّ ، له وِفَادَةٌ ، رَوَى عنه ذَابِلُ بنُ طُفَيْلٍ ، صَحَابِيُّونَ ، رضياللهعنهم.
وخَفّانُ ، كَعَفّانِ : مَوْضِعٌ ، وهو مَأْسَدَةٌ ، كما في الصِّحاحِ ، وفي اللِّسَانِ : مَوْضِعٌ أَشِبُ الغِيَاضِ ، كثيرُ الأَسْدِ ، وفي العُبَابِ : قُرْبَ الْكُوفَةِ ، وَفي الأَسَاسِ : أَجَمَةٌ في سَوَادِ الكُوفَةِ ، ومنه قَوْلُهم : كأَنَّهُمْ لُيُوثُ خَفَّانَ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ قَوْلَ الشاعرِ :
شَرَنْبَثُ أَطْرَافِ الْبَنَانِ ضُبَارِمٌ |
|
هَصُورٌ لَهُ في غِيلِ خَفَّانَ أَشْبُلُ |
وأَنْشَدَ اللَّيْثُ :
تَحِنُّ إِلَى الدَّهْنَا بِخَفَّانَ نَاقَتِي |
|
وَأَيْنَ الهَوَى مِنْ صَوْتِهَا المُتَرَنِّمِ |
وَأَنْشَدَ غيرُهُ للْأَعْشَى :
وَمَا مُخْدِرٌ وَرْدٌ عَلَيْهِ مَهَابَةٌ |
|
أَبو أَشْبُلٍ أَضْحَى بِخَفَّانَ حَارِدَا |
ومن المَجَازِ : خَفَّتِ الْأُتُنُ لِعَيْرِهَا : إذا أَطَاعَتْهُ ، وَمنه قَوْلُ الرَّاعِي :
نَفَى بِالْعِرَاكِ حَوَالِيَّهَا |
|
فَخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ (٦) |
وَقد تَقَدَّمَ في «خ ذ ف».
__________________
(١) ديوانه ، ويروى : يُطير الغلامَ الخفَّ» ويروى : «يَطير الغلامُ الخفُّ».
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وقد جعلنا ، هكذا بالأصل» وفي المطبوعة الكويتية : الأحبل بالباء الموحدة.
(٣) سورة التوبة الآية ٤١.
(٤) انظر المؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٠٨ وأسد الغابة. ونص على ضبط ندبة بالفتح والضم.
(٥) نص في الإصابة على ضبط الهمزة بالكسر.
(٦) تقدم في خذف ، انظر ما لاحظناه هناك.