لَمّا عَرَفْتُ بَنِي عَمْرٍو ويَازِعَهُمْ |
|
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَهُمْ فِي هذِه قَوَدُ |
أَرَادَ : وَازِعَهُم ، فقَلَبَ الوَاوَ ياءً ، طَلَباً للخِفَّةِ ، وأَيْضاً فَتَنَكَّبَ الجَمْعَ بَيْنَ واوَيْنِ : واوِ العَطْفِ وياءِ (١) الفاعِلِ ، وقالَ السُّكَّرِيُّ : لُغَتُهُم جَعْلُ الواوِ ياءً. وقالَ النّابِغَةُ :
عَلَى حِينَ عاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَا |
|
وِقُلْتُ أَلَمّا أَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ؟ |
وِالأَوْزاعُ : الفِرَقُ مِنَ النّاسِ ، والجَمَاعَاتُ ، يُقَالُ أَتَيْتُهُم وَهُمْ أَوْزَاعٌ ، أَي : مُتَفَرِّقُونَ ، وقيلَ : هُمُ الضُّروبُ المُتَفَرِقُون ولا وَاحدَ للأَوْزاعِ ، ومِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ ، ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ : «خَرَجَ لَيْلَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ والنَّاسُ أَوْزَاعٌ» أَي : يُصَلُّونَ مُتَفَرِّقِينَ غَيْرَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى إِمامٍ واحِدٍ.
وِالأَوْزَاعُ : لَقَبُ مَرْثَدِ بن زَيْدِ بنِ زُرْعَةَ بنِ كَعْبِ بنِ زَيْدِ بنِ سَهْلِ بنِ عَمْرِو بنِ قَيْسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ جُشَمَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ وائِلِ بنِ الغَوْثِ بنِ قَطَنِ بنِ عَرِيبِ بنِ زُهَيْرِ بنِ أَبْيَنَ بنِ الهَمَيْسَعِ بنِ حِمْيَرَ أَبِي بَطْنٍ مِنْ هَمْدَانَ هكَذا فِي العُبَاب والصِّحاح ، ونَسَبُهُم في حِمْيَرَ ، كما عَرَفْتَ ، ولكنَّ عِدادَهُمُ اليَوْمَ في هَمْدانَ ، سُمُّوا بِذلِكَ لأَنَّهُمْ تَفَرَّقُوا ، مِنْهُم الإِمَامُ أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ ، الفَقِيهُ المَشْهُورُ ، وقالَ البُخَارِيُّ : الأَوْزاعِيُّ مِنْ حِمْيَرِ الشّامِ.
قالَ : والأَوْزَاعُ : ة ، بدِمَشْقَ خارِجَ بابِ الفَرَادِيسِ.
قُلْتُ : كأَنَّهَا نُسِبَتْ إِلَيْهِم ، وقَالَ غَيْرُه : مِنْهَا : أَبُو أَيُّوبَ مُغِيثُ بنُ سُمَيٍّ ، الأَوْزَاعِيُّ ، قالَ ابنُ حِبّان : كانَ يَقُولُ : إِنَّه أَدْرَكَ أَلْفَ صَحَابِيٍّ ، وعبارَةُ ابنُ حِبّان : «زُهَاءَ أَلْفٍ منَ الصَّحابَةِ ، رضياللهعنهم» ورَوَى عَنْهُ زَيْدُ بنُ واقِدٍ ، وأَهْلُ الشّامِ ، قالَ الصّاغَانِيُّ : تُوُفِّيَ ببَيْرُوتَ.
وِمَوْزَعُ ، كمَجْمَعٍ : ة ، باليَمَنِ كَبِيرَةٌ ، قالَ الصّاغَانِيُّ : وهِيَ سادِسُ مَنَازِلِ حاجِّ عَدَنَ. قُلْتُ : وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا فُضَلاءُ عَلَى اخْتِلافِ الطَّبَقَاتِ.
وِأُزَيْعٌ ، كزُبَيْرٍ : عَلَمٌ أَصْلُه ، وُزَيْعٌ ، بالوَاوِ ، كإِشَاحٍ ووِشاحٍ ، وقَدْ مَرَّ للمُصَنِّفِ في فَصْلِ الهَمْزَةِ مَع العَيْنِ أَيْضاً ، وهذا مَحَلُّ ذِكْرِه ، عَلَى الصّوابِ.
وِأَوْزَعَنِي اللهُ تَعالَى : أَلْهَمَنِي قالَ اللهُ تَعالَى : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) (٢) ، وتَأْوِيلُه في اللُّغَةِ : كُفَّنِ عَنِ الأَشْيَاءِ ، إِلّا عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، وكُفَّنِي عَمّا يُبَاعِدُنِي عَنْكَ.
وِاسْتَوْزَعَ اللهَ تَعالَى شُكْرَه : اسْتَلْهَمَهُ فأَوْزَعَهُ ، وحَكَى اللِّحْيَانِيُّ : لِتُوزَعْ بتَقْوَى اللهِ ، أَي : لِتُلْهَمْ ، قالَ ابنُ سِيدَه : هذا نَصُّ لَفْظِه ، وعِنْدِي أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِم : لِتُوزَعْ بتَقْوَى اللهِ ، أَي : تُولَعْ به ، وذلِكَ لأَنَّهُ لا يُقَالُ فِي الإِلْهَامِ : أَوْزَعْتُه بالشَّيْءِ ، إِنَّمَا يُقَالُ : أَوْزَعْتُه الشَّيْءَ.
وِأَمَّا أَوْزَعَتِ النّاقَةُ بِبَوْلِها إِيزاعاً : إِذا رَمَتْ بهِ رَمْياً ، فبالمُعْجَمَةِ نَبَّهَ عليهِ ابنُ بَرِّيّ ، وأَبُو سَهْلٍ ، وأَبو زَكَرِيّا ، والصّاغَانِيُّ ، وكُلُّهُمْ قالُوا : هذا تَصْحِيفٌ ، والصَّوابُ أَنَّه بالغَيْنِ المُعْجَمَة وقَدْ غَلِطَ الجَوْهَرِيُّ حَيثُ صَحَّفَه ، وهُوَ ذكَرَهُ في الغَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ كما سَيَأْتِي.
وِالتَّوْزِيع : القِسْمَةُ والتَّفْرِيق وقد وَزَّعَه ، يُقَالُ : وَزَّعْنَا الجَزُورَ فِيما بَيْنَنَا ، وفي الحَدِيثِ : «أَنَّه حَلَقَ شَعْرَه فِي الحَجِّ ، ووَزَّعَهُ بَيْنَ النّاسِ» ، أَي : فَرَّقَهُ ، وقَسَمَه بَيْنَهُم ، ومِنْ هذا أُخِذَ الأَوْزَاع ، كالإِيزاعِ ، وبِهِ يُرْوَى شِعْرُ حَسّان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :
بضَرْبٍ كإِيزاعِ المَخَاضِ مُشاشَه (٣)
جَعَلَ الإِيزاعَ مَوْضِعَ التَّوْزِيعِ وهُوَ التَّفْرِيقُ ، وأَرادَ بالمُشَاشِ هُنَا : البَوْلَ ، وقِيلَ : هُوَ بالغَيْنِ المُعْجَمَةِ ، وهو بمَعْنَاه.
وِتَوَزَّعُوهُ فِيما بَيْنَهُم ، أَي : تَقَسَّمُوه ، ومِنْهُ حَدِيثُ الضَّحايا : «... فَتَوَزَّعُوها».
وِالمُتَّزِعُ : الشَّدِيدُ النَّفْسِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وابنُ فارِسٍ في المُجْمَل.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ :
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وياء الفاعل ، مثله في اللسان ، والأولى أن يقول : وواو الفاعل».
(٢) سورة النمل الآية ١٩.
(٣) ديوانه ص ١٦٧ وروايته فيه :
بطعنٍ كإيزاغ المخاض رشاشه |
|
وِضربٍ يزيل الهام من كل مفرق |