أَيْ : يُغْرِيهِ ، وفاعِلُ يُوزِعُه مُضْمَرٌ يَعُودُ على صاحِبِه.
وفِي الحَدِيثِ : «أَنَّه كانَ مُوزَعاً بالسِّواكِ» أَي : مُولَعاً بهِ ، وقد أُوزِعَ بالشَّيْءِ : إِذا اعْتَادَهُ وَأَكْثَرَ مِنْهُ ، وأُلْهِمَ ، والاسْمُ والمَصْدَرُ جَمِيعاً الوَزُوعُ ، بالفَتْحِ كما في الصِّحاحِ ، وذِكْرُ الفَتْحِ مُسْتَدْرَكٌ ، وكَذلِكَ الوَلُوعُ ، وقد أُولِعَ بهِ وَلُوعاً ، وحَكَى اللِّحْيانِيُّ : إِنَّهُ لَوَلُوعٌ وَزُوعٌ ، قالَ : وهُوَ مِنَ الإِتْبَاعِ ، وفي العُبَابِ : وهُمَا مِنَ المَصَادِرِ الَّتِي جاءَتْ بفَتْحِ أَوائِلِها ، قالَ المَرّارُ بنُ سَعِيدٍ :
بَلِ انَّكَ والتَّشَوُّقَ بَعْدَ شَيْبٍ |
|
أَجَهْلاً كانَ ذلِكَ أَمْ وَزُوعَا |
قال : وَلَيْسَ ضَمُّ الواوِ مِن كَلامِهِمْ.
قُلْتُ : وقَدْ تَقَدَّمَ مِرارًا أَنَّ فَعُولاً بالفَتْحِ فِي المَصَادِرِ قَلِيلٌ جِدًا ، وذَكَرْتُ نَظَائِرَهَا في الهَمْزَةِ ، على ما قَالَهُ سِيبَوَيْهِ ، وما زَادُوهُ عَلَيْهِ ، ولَمْ يَذْكُرُوا هذَا ، فتَأَمَّلْهُ.
وِالوَزَعَةُ ، مُحَرَّكَةً : جَمْعُ وازِع ، وهُمُ الوُلَاةُ المانِعُونَ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعالَى ، ومنه حَدِيثُ الحَسَنِ : «لا بُدَّ للنّاسِ مِنْ وَزعَةٍ» ، أَي : أَعْوَانٌ يَكُفُّونَهُمْ ، عن التَّعَدِّي والشَّرِّ والفَسَادِ ، وفي روايَة : «وازِع» أَي مِنْ سُلْطَانٍ يُكَفُّهُمْ وَيَزَعُ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، يَعْنِي السُّلْطَانَ وأَصْحَابَه ، وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وقَدْ شُكِيَ إِلَيْهِ بَعْضُ عُمّالِهِ ، يَعْنِي المُغَيرَةَ بنَ شُعْبَةَ ليَقْتَصَّ مِنْهُ ، فقَالَ ـ : «أَنَا أُقِيدُ (١) مِنْ وَزَعَةِ اللهِ؟» أَرادَ أَأُقِيدُ (٢) مِنَ الّذِينَ يكُفُّونَ النّاسَ عنِ الإِقْدَامِ عَلَى الشَّرِّ.
وِالْوَازِعُ : الكَلْبُ ، لأَنَّهُ يَكُفُّ الذِّئْبَ عن الغَنَمِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
وِالوازِعُ : الزّاجِرُ عن الشَّيْءِ والنّاهِي عَنْهُ ، ومنه حَدِيثُ جابِرٍ المُتَقَدِّمُ.
وِالوازِعُ : مَنْ يُدَبِّرُ أُمُورَ الجَيْشِ ، ويَرُدُّ مَنْ شَذَّ مِنْهُم ، وهُوَ المُوَكَّلُ بالصُّفُوفِ ، يَزَعُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُم بغَيْرِ أَمْرِه.
ويُقَالُ : وَزَعْتُ الجَيْشَ وَزْعاً : إِذا حَبَسْتَ أَوَّلهُم عَلَى آخِرِهِمْ ، وفي الحَدِيثِ : «إِنَّ إِبْلِيسَ رَأَى جِبْرِيلَ عليهِ السَّلامُ يَوْمَ بَدْرٍ يَزَعُ المَلائِكَةَ» أَيْ : يُرَتِّبُهُم ويُسَوِّيهِمْ ويَصُفُّهُمْ للحَرْبِ ، فكَأَنَّهُ يَكُفُّهُمْ عن التَّفَرُّقِ والإِنْتِشَارِ ، ومِنْهُ أَيْضاً حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ ، رَضِيَ اللهُ عنه : «إِنَّ المُغِيرَةَ رَجُلٌ وازِعٌ» يُرِيدُ أَنَّه صالِحٌ للتَّقَدُّمِ عَلَى الجَيْشِ ، وتَدْبِيرِ أَمْرِهِمْ ، وتَرْتِيبِهِمْ في قِتَالِهِمْ ، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٣) أَي يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ ، وقِيلَ :يُكَفُّونَ.
وقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ثَوْرًا :
فَغَدَا يُشَرِّقُ مَتْنَه فبَدَا لَهُ |
|
أُولَى سَوَابِقِها قَرِيباً تُوزَعُ (٤) |
أَي : تُغْرَى ، وقِيلَ تُكَفُّ وتُحْبَسُ عَلَى ما تَخَلَّفَ مِنْها ؛ لِيَجْتَمِعَ بَعْضُها إِلى بعْضٍ (٥) ، يَعْنِي الكِلابَ.
وِالوازِعُ بنُ الذِّراعِ ، ويُقَالُ : ابنُ الوازِعِ ، ذَكَرَه أَبُو بَكْرِ بنِ عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ في مُعْجَمِ الصَّحابَةِ ولَمْ يُخَرّجْ لَهُ شَيْئاً ، والَّذِي في المُعْجَم : ابْنُ الذّارِعِ (٦).
وِالوازِعُ : رَجُلٌ آخَرُ غَيْرُ مَنْسُوبٍ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ ذَرِيحٌ ، ذكَرَه ابنُ ماكُولا : صحابِيّانِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وِوازِعُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَلاعِيُّ تابِعِيٌّ.
وِأَبُو الوازِعِ النَّهْدِيُّ ، وأَبو الوازِعِ عُمَيْرٌ ، وأَبُو الوازِعِ جابِرُ بنُ عَمْرو الرّاسِبِيُّ البَصْرِيُّ : تابِعِيُّونَ ، الأَخِيرُ رَوَى عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ، وعَنْهُ أَبانُ بنُ صَمْعَةَ (٧) ، قاله المِزِّيُّ ، وزادَ ابنُ حِبّان في الثِّقاتِ ـ فِيمَنْ رَوَى عَنْهُ ـ شَدّادَ بن سعِيدٍ ، وقالَ أَيْضاً : أَبُو الوازِعِ عَنْ عُمَر ، وعَنْه السُّفْيانانِ ، فيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْدِيَّ ، أَو الَّذِي اسْمُه عُمَيْرٌ ، فانْظُرْ ذلِكَ.
وِهُذَيْلٌ تَقُولُ للوازِعِ : يازِعٌ بالياءِ ، قالَ حُصَيْبٌ الهُذَلِيُّ يَذْكُرُ قُربَهُ مِنَ العَدُوِّ (٨) :
__________________
(١) في النهاية : أأقيد.
(٢) بالأصل والنهاية واللسان : «أقيد» والمثبت عن المطبوعة الكويتية.
(٣) من الآية ١٧ ومن الآية ٨٣ من سورة النمل.
(٤) ديوان الهذليين ١ / ١١.
(٥) هو قول الأصمعي كما في ديوان الهذليين.
(٦) ومثله في أسد الغابة.
(٧) عن ميزان الاعتدال ١ / ٨ وبالأصل «حمقة» توفي ابن صمعة سنة ١٥٣ ه.
(٨) في التهذيب : «قربه من عدو له» وفي التكملة : «فرّته من عدو له» وورد اسمه في اللسان «خصيب الضمري».