تَحَمَّلْنَ مِنْ جَوِّ الوَرِيعَةِ بَعْدَ مَا |
|
تَعالَى النَّهَارُ واجْتَزَعْنَ الصَّرائِمَا (١) |
وِأَوْرَعَ بَيْنَهُمَا إِيراعاً : حَجَزَ وكَفَّ ، لُغَةٌ فِي وَرَّعَ تَوْرِيعاً ، عنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وِوَرَّعَهُ عَنِ الشَّيْءِ تَوْرِيعاً : كَفَّهُ عَنْهُ ، ومنه حَدِيثُ عُمَرَ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : «وَرِّعِ اللِّصَّ ولا تُراعِهِ» أَي : إِذَا رَأَيْتَه فِي مَنْزِلِكَ فادْفَعْهُ واكْفُفْهُ ، ولا تَنْظُرْ مَا يَكُونُ منه ، كما في الصحاح.
وفَسَّرَه ثعلبٌ فقال : يقول : إِذا شَعَرْتَ به في مَنْزِلَكِ فادفَعْهُ واكْفُفْهُ عَنْ أَخْذِ مَتَاعِكَ ، ولا تُراعِه ، أَي : لا تُشْهِدْ عليهِ ، وقِيلَ : مَعْنَاهُ : رُدَّهُ بتَعَرُّضٍ لَهُ وتَنْبِيهٍ ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ :ولا تُرَاعِهِ ، أَي : لا تَنْتَظِرْ فِيهِ شَيْئاً ، وكُلُّ شَيْءٍ تَنْتَظِرُه فأَنْتَ تُرَاعِيهِ وتَرْعاهُ ، وكُلُّ شَيْءٍ كَفَفْتَه فقَدْ وَرَّعْتَهُ ، وفي حَدِيثِ عُمَرَ ، قالَ للسّائِبِ : «وَرِّعْ عَنِّي فِي الدِّرْهَمِ والدِّرْهَمَيْنِ» ، أَيْ : كُفَّ عَنِّي الخُصُومَ أَنْ تَقْضِيَ بينهم (٢) وتَنُوبَ عَنِّي فِي ذلِكَ.
وِوَرَّعَ الإِبِلَ عَنِ الماءِ : رَدَّهَا فارْتَدَّتْ ، قالَ الرّاعِي :
يَقُولُ الَّذِي يَرْجُو البَقِيَّةَ وَرِّعُوا |
|
عَنِ الماءِ لا يُطْرَقْ ، وهُنَّ طَوارِقُهْ (٣) |
وِمُحَاضِرُ بنُ المُوَرِّعِ ، كمُحَدِّثٍ : مُحَدِّثٌ قالَ الذَّهَبِيُّ : مُسْتَقِيمُ الحَدِيثِ ، لا مُنْكَرَ لهُ ، ولكِنْ قالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَل : كانَ مُغَفَّلاً جِدًّا ، لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيثِ ، وقالَ أَبو حاتِمٍ : لَيْسَ بالمَتِينِ ، وقَالَ أَبو زُرْعَةَ :صَدُوقٌ ، وقَدْ ذَكَرْنا في «ح ض ر» شَيْئاً مِنْ ذلِكَ.
وِالمُوارَعَةُ : المُنَاطَقَةُ ، والمُكَالَمَةُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لحَسّان رَضِيَ اللهُ عنهُ :
نَشَدْتُ بَنِي النَّجَارِ أَفْعَالَ والِدٍ |
|
إِذَا العانِ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُوَارِعُهْ |
ويُرْوَى «يُوَازِعُه» بالزاي (٤). والمُوَارَعَةُ أَيْضاً : المُشَاوَرَةُ وبه فُسِّرَ الحَدِيثُ : «كانَ أَبُو بَكْرٍ وعُمَرُ يُوَارِعانِ عَلِيّاً» رَضِيَ اللهُ عنهم ، أَي : يَسْتَشِيرانِهِ ، كما فِي العُبَابِ والنِّهَايَةِ ، وأَصْلُه مِنَ المُنَاطَقَةِ والمُكَالَمَةِ.
وِتَوَرَّعَ الرَّجُلُ مِنْ كَذا أَي : تَحَرَّجَ مِنْهُ ، وأَصْلُه في المَحَارِمِ ، ثم اسْتُعِيرَ للكَفِّ عَنِ المُبَاحِ والحَلَالِ ، ومِنْهُ المُتَوَرِّعُ ، للتَّقِيِّ المُتَحَرِّجِ.
* ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ :
وَرَّعَ بَيْنَهُمَا تَوْرِيعاً : حَجَزَ ، وأَوْرَعَ أَعْلَى.
وِوَرَّعَ الفَرَس : حَبَسَهُ بلِجامِه ، قالَ أَبُو دُوادٍ :
فبَيْنا نُوَرِّعُه باللِّجام |
|
نُرِيدُ بهِ قَنَصاً أَو غِوارَا |
أَي : نَكُفُّهُ ونَحْبِسُه بهِ.
وما وَرَّعَ أَنْ فَعَلَ كَذا وكَذا ، أَي : ما كَذَّبَ.
وسَمَّوْا مُوَرِّعاً ، ووَرِيعَةَ ، كمُحَدِّثٍ وسَفِينَةٍ.
[وزع] : وَزَعْتُه ، كوَضَعَ ، أَزَعُهُ وَزْعاً ، هكَذا فِي الأُصُولِ الصَّحِيحَةِ المُعْتَمَدَةِ ، وفِي بَعْضِهَا : وَزعْتُه كوَضَعَ ، أَزَعُه» فقِيلَ : فِيهِ إِشارَةٌ إِلَى اللُّغَتَيْنِ ، إِحْدَاهُمَا بالضَّبْطِ ، والثّانِيَةُ بذِكْرِ المُضَارِعِ ، أَي : كَفَفْتُه ومَنَعْتُه ، فاتَّزَعَ هُوَ ، أَي : كَفَّ ، كَما في الصِّحاحِ ، وفي الحَدِيثِ : «مَنْ يَزَعُ السُّلْطَانُ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَزَعُ القُرْآنُ» ، أَيْ مَنْ يَكُفُّ عنِ ارْتِكَاب الجَرَائِمِ (٥) مَخافَةَ السُّلْطَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ تَكُفُّه مَخافَةُ القُرْآنِ.
وفِي حَدِيثِ جابِرٍ (٦) : «فَلا يَزَعُنِي» ، أَي : لا يَزْجُرُنِي ولا يَنْهَانِي.
وِأَوْزَعَهُ بالشَّيْءِ إِيزاعاً : أَغْراهُ بهِ ، فأُوزِعَ بهِ ، بالضَّمِّ ، فَهُو مُوزَعٌ كمُكْرَمٍ ، أَي : مُغْرًى بهِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، قالَ :ومِنْهُ قَوْلُ النّابِغَةِ :
فَهابَ ضُمْرَانُ مِنْهُ حَيْثُ يُوزِعُه |
|
طَعْنَ المُعَارِكِ عِنْدَ المُحْجَر النَّجُدِ (٧) |
__________________
(١) معجم البلدان الوريعة» وفيه : وانتجعن الصرائما.
(٢) سقطت من المطبوعة الكويتية.
(٣) ديوانه ص ١٨٧ برواية «يرجو العلالة» بدل «يرجو البقية» وانظر تخريجه فيه.
(٤) وهي رواية الديوان ص ١٥٣.
(٥) في النهاية واللسان : العظائم.
(٦) في النهاية واللسان : وفي حديث جابر : «أردت أن أكشف عن وجه أبي لما قتل ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ينظر إليّ فلا يزعني».
(٧) قوله طعن منصوب بهاب ، والنجد نعت المُعارك ومعناه الشجاع.