وفِي النِّهَايَةِ : وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً ، مِثْلُ : وَثِقَ يَثِقَ ثِقَةً ، وهُوَ ، وَرِعٌ ككَتِفِ ، أَي مُتَّق ، ونَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً ، واقْتَصَرَ عَلَى وَرِعَ ، كوَرِثَ.
وِالوَرَعُ ، بالتَّحْرِيكِ أَيْضاً : الجَبانُ ، قالَ اللَّيْثُ : سُمِّيَ بِهِ لإِحْجَامِه ونُكُوصِهِ ، ومِثْلُه قَوْلُ ابنِ دُرَيْدٍ ، قال ذُو الإِصْبَعِ العَدْوَانِيُّ :
إِنْ تَزْعُمَا أَنَّنِي كَبِرْتُ فلَمْ |
|
أَلْفَ بَخِيلاً نِكْساً ولا وَرَعَا |
وقال الأَعْشَى :
أَنْضَيْتُها بَعْدَ ما طَالَ الهِبَابُ بِها |
|
تُؤُمُّ هَوْذَةَ لا نِكْساً ولا وَرَعَا |
وفي الصِّحاحِ : قالَ ابنُ السِّكِّيتِ : وأَصْحابُنا يَذْهَبُونَ بالوَرَعِ إِلَى الجَبَانِ ، ولَيْسَ كذلِكَ ، وإِنَّما الوَرَعُ : الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ الّذِي لا غَنَاءَ عِنْدَهُ ، وقِيلَ : هُوَ الصَّغِيرُ الضَّعِيف مِنَ المالِ وغَيْرِه ، كالرَّأْيِ والعَقْلِ والبَدَنِ ، فعَمَّهُ.
قُلْتُ : ويَشْهَدُ لِما ذَهَبَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ وابْنُ دُرَيْدٍ قَوْلُ الرّاجِزِ :
لا هَيَّبَانٌ قَلْبُهُ مَنّانُ |
|
وِلا نَخِيتٌ (١) وَرَعٌ جَبانُ |
فهذِه كُلُّها مِنْ صِفَاتِ الجَبَانِ ، الفِعْلُ مِنْهما ، أَي : من الجَبَانِ والصَّغِيرِ : وَرَعَ كوَضَعَ وَكَرُمَ ، وعَلَى الأَخِيرِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ ، وفي اللِّسَانِ : وأُرَى يَرَعُ بالفَتْحِ لُغَةً فِيهِ ، إِشارَةً إِلى أَنَّه كوَضَعَ ، الَّذِي قَدَّمَه المُصَنِّف. وفَاتَه : وَرِعَ يَرِعُ ، كوَرِثَ يَرِثُ ، حَكاهُ ثَعْلَبٌ عن يَعْقُوبَ هُنَا ، كَمَا فِي اللِّسَانِ ، وَرَاعَةً ، ووَرَاعاً ، وَوَرْعَةً ، بالفَتْحِ في الكُلِّ ، ويُضَمُّ. الأَخِيرُ ، ووُرُوعاً ، كقُعُودٍ ، ووُرْعاً ، بالضَّمِّ ، وبِضَمَّتَيْنِ ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلَى وُرُوعٍ كقُعُودٍ ، وَعَلَى وُرْع بالضَّمِّ ، ووَرَاعَةٍ. وفاتَهُ : الوُرُوعَةُ ، بالضَّمِّ ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ في قَوْلِه : رَجُلٌ وَرَعٌ بَيِّنُ الوُرُوعَةِ ، أَي : جَبانٌ. وفاتَه أَيْضاً : وَرَعاً مُحَرَّكَةً ، نَقَلَهُ ثَعْلَبٌ ، والوَراعَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ وَرُعَ ، ككَرُمَ كَرَامَةً ، أَو وَرِعَ كوَرِثَ وِرَاثَةً ، وكِلاهُمَا صَحِيحٌ في القِيَاسِ والاسْتِعْمَالِ أَي : جَبُنَ وصَغُرَ وضَعُفَ. والرِّعَةُ ، بالكَسْرِ : الهَدْيُ ، وحُسْنُ الهَيْئَةِ ، أَو سُوءُهَا ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ ، وهُوَ ضِدُّ ، وفي حَدِيثِ الحَسَنِ : «ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ ، فرَأَى مِنْهُمْ رِعَةً سَيِّئَةً ، فقالَ : اللهُمَّ إِلَيْكَ» يُرِيدُ بالرِّعَةِ هُنَا : الاحْتِشامَ والكَفَّ عَنْ سُوءِ الأَدَبِ ، أَي : لَمْ يُحْسِنُوا ذلِكَ ، وفي حَدِيثِ الدُّعَاءِ : «وأَعِذْنِي مِنْ سُوءِ الرِّعَةِ» أَي : مِنْ سُوءِ الكَفِّ عَمّا لا يَنْبَغِي.
وِالرِّعَةُ : الشَّأْنُ والأَمْرُ والأَدَبُ ، يُقَال : هُمْ حَسَنٌ رِعَتُهُمْ ، بهذا المَعْنَى ، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
رِعَةَ الأَحْمَقِ يَرْضَى ما صَنَعْ
وفَسَّرَهُ فقال : رِعَةُ الأَحْمَقِ : حالَتُه الَّتِي يَرْضَى بِهَا.
وِيُقَال : مالُهُ أَوْرَاعٌ ، أَي : صِغارٌ جَمْعُ وَرَعٍ ، بالتَّحْرِيكِ ، وهوَ مِنْ بَقِيَّةِ قَوْلِ ابْنِ السِّكِّيتِ الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، والفِعْلُ : وَرُعَ ، ككَرُمَ وَراعَةً ، ووُرْعاً ، ووُرُوعاً ، بضَمِّهِمَا. قُلْتُ : وهذَا تَكْرَارٌ مَعَ ما سَبَقَ لَهُ ؛ لأنَّ مُرَادَه أَنَّ الفِعْلَ مِنْ قَوْلِهِم : مالَهُ أَوْرَاعٌ ، وهو جَمْعُ وَرَعٍ للضَّعِيف الصَّغِيرِ ، وقَدْ وَرُعَ ، وهذا قَدْ تَقَدَّمَ ، فتَأَمَّلْ.
وِوَرِعَ كوَرِثَ : كَفَّ ومِنْهُ الحَدِيثُ : «وبِنَهْيِهِ يَرِعُونَ» ، أَي يَكُفُّونَ ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ : «وإِذا أَشْفَى وَرِعَ» أَي : إِذا أَشْرَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ ، وهذا أَيْضاً قد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ المادَّةِ ، إِذِ المُرَادُ بالتَّقْوَى هُوَ الكَفُّ عَنِ المحَارِمِ ، فَتَأَمَّلْ ذلِك.
وِالوَرِيعُ ، كأَمِيرٍ : الكافُّ ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
وِالوَرِيعَةُ بهاءٍ : فَرَسٌ للأَحْوَصِ بنِ عَمْرٍو الكَلْبِي وَهَبها لِمالِك بنِ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيِّ ، رضياللهعنه ، وكانَتْ فَرَسَه نِصابُ قَدْ عُقِرَتْ تَحْتَه ، فَحَمَلَه الأَحْوَصُ عَلَى الوَرِيعَةِ ، فقالَ مالِكٌ يَشْكُرُه :
وِرُدَّ نَزِيلَنا بِعَطاءِ صِدْقٍ |
|
وِأَعْقِبْهُ الوَرِيعَةَ مِنْ نِصابِ |
وأَنْشَدَه المازِنِيُّ ، فقال : «ورُدَّ خَلِيلَنَا».
وِالوَرِيعَةُ : ع قِيلَ : حَزْمٌ لِبَنِي فُقَيْم ، قالَ جَرِيرٌ :
أَيُقِيمُ أَهْلُكِ بالسِّتَارِ ، وأَصْعَدَتْ |
|
بَيْنَ الوَرِيعَةِ والمَقَادِ حُمُولُ؟ |
وقالَ المُرَقِّشُ الأَصْغَرُ يَصِفُ الظُّعْنَ :
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «نجيب».