نَصُّه : «واخْتَلَفُوا في : «فما اسْتَطَاعُوا» فقَرَأَ حَمْزَةُ بتَشْدِيدِ الطّاءِ ، يُرِيدُ : فما اسْتَطَاعُوا ، فأَدْغَم التاءَ في الطَّاءِ ، وجَمَعَ بينَ سَاكِنَيْنِ وَصْلاً ، والجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي مِثْلِ ذلِكَ جائزٌ مَسْمُوعٌ ، قالَ الحَافِظُ أَبو عَمْرٍو : ومِمَّا يُقَوِّي ذلِكَ ويُسَوِّغُه أَنَّ السّاكِنَ الثّاني لمّا كانَ اللِّسَانُ عِنْدَه يَرْتَفِعُ عَنْهُ وعن المُدْغَمِ ارْتِفَاعَةً وَاحِدَةً صارَ بمَنْزِلَةِ حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ ، فكأَنَّ السّاكِنَ الأَوَّلَ قد وَلِيَ مُتَحَرِّكاً ، فلا يَجُوزُ إِنْكَارُه» انْتَهَى. ثمّ قَالَ الجَوْهَرِيُّ : وقالَ الأَخْفَشُ : إِنَّ بَعْض العَرَبِ يَقُولُ : اسْتاعَ يَسْتِيعُ فيَحْذِف الطّاءَ اسْتِثْقَالاً ، وهُو يُرِيدُ اسْتَطَاع يَسْتَطِيعُ. قالَ الزَّجّاجُ. ولا يَجُوزُ في القِرَاءَةِ ، وقالَ الأَخْفَشُ : وبَعْضُ العَرَبِ يَقُولُ : أَسْطَاعَ يُسْطِيعُ ، بقَطْعِ الهَمْزَةِ ، بمَعْنَى أَطاعَ يُطِيعُ ، ويَجْعَلُ السينَ عِوَضاً من ذَهابِ حَرَكةِ عَيْنِ الفِعْلِ. وفي التَّهْذِيبِ : قالَ ذلِكَ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهٌ ، عِوَضاً مِن ذَهابِ حَرَكَةِ الوَاوِ ؛ لأَنَّ الأَصْلَ فى أَطاعَ أَطْوَعَ ، ومن كَانَتْ هذِه لُغَتَه قال في المُسْتَقْبَلِ يُسْطِيعُ ، بضَمِّ الياءِ. قالَ الزَّجّاجُ ومَنْ قال : أَطْرَحُ حَرَكَةَ التّاءِ على السينِ ، فأَقْرَأُ : فما أَسَطاعُوا ، فَخَطَأٌ أَيْضاً ؛ لأَنَّ سِينَ اسْتَفْعَلَ لم تُحَرَّكْ قطُّ. وفي المُحْكَم : واسْتَطاعَهُ ، واسْطَاعَهُ ، وأَسْطَاعَهُ ، واسْتاعَهُ ، وأَسْتَاعَهُ : أَطاقَهُ ، فاسْتَطاعَ ، على قِيَاسِ التَّصْرِيفِ ، وأَمّا اسْطاعَ ، مَوْصولَةً ، فعلَى حَذْف التاءِ لِمُقَارَنَتِهَا الطّاءَ في المَخْرَجِ ، فاستُخِفَّ بحَذْفِها ، كما اسْتُخِفَّ بحَذْفِ [أَحَدِ] (١) الَّلامَيْنِ في ظَلْت. وأَمَّا أَسْطَاعَ ـ مقطوعَةً ـ فعلى أَنّهم أَنابُوا السينَ مَنابَ حَرَكَةِ العَيْنِ في أَطاعَ التي أَصْلُهَا أَطْوَعَ ، وهي مع ذلِكَ زائِدَةٌ.
وِيُقَالُ : تَطَاوَعَ لهذَا الأَمْرِ حَتّى يَسْتَطِيعَه ، أَي تَكَلَّفَ اسْتِطاعَتَه ، كما في الصّحاحِ ، قال الصّاغَانِيُّ : وهو مَعْنَى قَوْلِ عَمْرِو بنِ مَعْدِيكَرِبَ ، رَضِيَ اللهُ عنه :
إِذا لَمْ تَسْتَطِعْ أَمْراً فدَعْهُ |
|
وِجَاوِزْهُ إِلى ما تَسْتَطِيعُ |
وِصَلَاةُ التَّطَوُّعِ : النَافِلَةُ ، وكُلُّ مُتَنَفِّلِ خيْرِ تبَرُّعاً : مُتَطَوِّعٌ ، قالَ الله تَعَالَى : (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) (٢) قال الأَزْهَرِيُّ : الأَصْلُ (٣) فيه يَتَطَوَّع ، فأُدْغِمَتِ التّاءُ فِي الطّاءِ ، وكُلُّ حَرْف أَدْغَمْتَه في حَرْفٍ نَقَلْتَه إِلى لفظ المُدْغَمِ فيهِ. ومَنْ قَرَأَهُ على لَفْظِ المُدْغَمِ فيهِ. ومَنْ قَرَأَهُ على لَفْظِ الماضِي فمَعْنَاهُ الاسْتِقْبَالُ ، قال : وهذا قَوْلُ حُذَّاقِ النَّحْوِيِّين.
قال : والتَّطَوُّع : ما تَبَرَّعَ به مِنْ ذاتِ نَفْسِه مِمّا لا يَلْزَمُه فَرْضُه ؛ كأَنَّهُم جَعَلُوا التَّفعُّلَ هُنَا اسْماً ، كالتَّنَوُّطِ.
وِطَاوَعَ مُطَاوَعَةً : وَافَقَ ، يُقال ، طَاوَعَت المَرْأَةُ زَوْجَهَا طَوَاعِيَةً ، وقد تَقَدَّمَ الفَرْقُ بَيْنَهُ وبينَ أَطاعَ وطَاعَ في أَوَّلِ الحَرْفِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
الطَّوَاعَةُ : اسمٌ مِنْ طاوَعَهُ ، كالطَّوَاعِيَةِ.
وَرَجُلٌ مِطْوَاعَةٌ ، كمِطْوَاعٍ ، قالَ المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيُّ :
إِذا سُدْتَهُ سُدْتَ مِطْواعَةً |
|
وِمَهْمَا وَكَلْتَ إِليهِ كَفَاهْ |
والنَّحْوِيُّونَ رُبَّما سَمَّوا الفِعْلَ الّلازِمَ مُطَاوِعاً ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجَازٌ.
ويُقَالُ : لسَانُه لا يَطُوعُ بكذا (٤) ، أَي لا يُتَابِعُه. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
وِأَطاعَ له المَرْعَى : اتَّسَع وأَمْكَنَه الرَّعْيُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لأَوْسِ بنِ حَجَرٍ :
كأَنَّ جِيَادَنا في رَعْنِ زُمٍّ |
|
جَرَادٌ قَدْ أَطاعَ لَهُ الوَرَاقُ |
أَنْشدَه أَبو عُبَيْدٍ ، وقال : الوَرَاقُ : خُضْرَةُ الحَشِيشِ (٥) والنبَاتِ ، وهو مَجَازٌ.
وِأَطاع التَّمْرُ : حان صِرَامُه.
وامْرَأَةٌ طَوْعُ الضَّجِيعِ : مُنْقادَةُ له ، وقال النّابِغَةُ :
__________________
(١) زيادة عن اللسان.
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٤.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : قال الأزهري : الأصل الخ عبارته كما في اللسان : ومن يطوع خيراً ، الأصل فيه يتطوّع فأدغمت التاء في الطاء وكل حرف أدغمته في حرف نقلته ألى لفظ المدغم فيه ، ومن قرأ : (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) على لفظ الماضي فمعناه الاستقبال وهذا قول حذاق النحويين اه» وانظر العبارة في التهذيب باختلاف بسيط عن اللسان.
(٤) عن الصحاح وبالأصل «كذا».
(٥) في التهذيب واللسان : خضرة الأرض من الحشيش.