الخ» وفيه : «وأَبْيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ» فلمّا انْتَهَى من إِنشادِهما قالَ مُعَاوِيَةُ : أَمُفَاخِراً جئْتَ أَمْ مُكَاثِراً؟ فقالَ : أَيَّ ذلِكَ شِئْتَ ، وهُمَا بَيْتَانِ فَقَط. كذا ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَسْوَدُ والسَّهْمُ الصَّنِيعُ كذلِكَ ، والجَمْعُ : صُنُعٌ ، قال صَخْرُ الغَيِّ :
وِارْمُوهُمُ بالصُّنُعِ المَحْشُورَهْ (١)
وقال ذُو الإِصْبَعِ العَدْوَانِيُّ :
السَّيْفَ والقَوْسَ والكِنَانَةَ قَدْ |
|
أَكْمَلْتُ فيها مَعَابِلاً صُنُعَا |
أَي مُحْكَمَةَ العَمَلِ.
وِالصَّنِيعُ : فَرَسُ بَاعِثِ بنِ حُوَيْصٍ الطّائِيِّ ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وِالصَّنِيعُ : الطَّعَامُ يُصْنَعُ فيُدْعَى إِليه. يقالُ : كُنْتُ في صَنِيعِ فُلَانٍ ، وهو مَجَازٌ.
وِالصَّنِيعُ : الإِحْسَانُ والمَعْرُوفُ ، واليَدُ يُرْمَى بها إِلى إِنْسَانٍ. وقيل : هو كُلُّ ما اصْطُنِعَ مِنْ خَيْرٍ ، كالصَّنِيعَةِ ، ج : صَنَائعُ ، قال الشّاعِرُ :
إِنَّ الصَّنِيعَةَ لا تَكُونُ صَنِيعَةً |
|
حَتَّى يُصَابَ بها طَرِيقُ المَصْنَعِ(٢) |
وقال سُوَيْدُ بن أَبي كَاهِلٍ :
نِعَمٌ لله فينا رَبِّنَا |
|
وِصَنِيعُ الله ، والله صَنَعْ |
وفي الحَدِيث : «صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السُّوْءِ».
وِمن المَجَازِ : هو صَنِيعِي ، وصَنِيعَتِي ، أَي اصْطَنَعْتُه ورَبَّيْتُه وخَرَّجْتُه وأَدَّبْتُه. وقولُه تعالَى : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) (٣) أَي لِتَنْزِلَ بمَرْأَى مِنِّي. قالَهُ الأَزْهَرِيُّ ، وقِيلَ : مَعْنَاهُ لِتُغَذَّى ، وقالَ الرَّاغِبُ : هو إِشارَةٌ إِلى نَحْوِ ما قالَ بعضُ الحُكَمَاءِ : «إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ إِذا أَحَبَّ عَبْداً تَفَقَّدَه ، كما يَتَفَقَّدُ الصَّدِيقُ صَدِيقَه».
انْتَهَى ومن ذلِكَ : صَنَعَ جَارِيَتَه ، إِذا رَبَّاهَا ، وصَنَع فَرَسَه ، إِذا قَامَ بعَلَفِه وتَسْمِينِه.
وِيقال : صُنِعَتِ الجارِيَةُ ، كعُنِيَ أَيْ أُحْسِنَ إِلَيْهَا حَتَّى سَمِنَتْ ، كصُنِّعَتْ ، بالضَّمِّ ، تَصْنِيعاً ، أَو صَنَعَ الفَرَسَ بالتَّخْفِيفِ ، وصَنِّعَ الجَارِيَةَ ، بالتَّشْدِيدِ ، قالَهُ اللَّيْثُ ، أَي أَحْسِنْ إِليْهَا وسَمِّنَهَا ، قالَ : لأَنَّ تَصْنِيعَ الجَارِيَةِ لا يَكُونُ إِلّا بأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ وعِلَاجٍ ، بخِلَافِ صَنْعَةِ الفَرَسِ ، ففَرَّق بَيْنَهُما بالتَّشْدِيدِ ؛ ليَدُلَّ على مَعْنَى التَّكْثِيرِ. قالَ الأَزْهَرِيُّ : وغيرُ اللَّيْثِ يُجِيزُ صَنَعَ جَارِيَتَه ، بالتَّخْفِيفِ ، كما تَقَدَّمَ ، ومنه قَوْلُه تَعَالَى : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي).
وِصُنْعٌ ، بالضَّمِّ : جَبَلٌ بدِيَارِ بَنِي سُلَيْمٍ.
وِيُقَال : رَجُلٌ صِنْعُ اليَدَيْنِ ، وكَذَا صِنْعُ اليَدِ ، بالكَسْرِ فِيهِمَا إِذا أُضِيفَتْ ، قال الطِّرِمّاحُ :
وِرَجَا مُوَدَاعَتِي وأَيْقَنَ أَنَّنِي |
|
صِنْعُ اليَدَيْنِ بحَيْثُ يُكْوَى الأَصْيَدُ |
وِرَجُلٌ صَنَعٌ ، بالتَّحْرِيكِ ، إِذا أَفْرَدْتَ فهِيَ مُفْتُوحَةٌ مُحَرَّكَةٌ ، كما في اللِّسَانِ ، وسِيَاقُ الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِي يُخَالِفُ ذلِكَ ، فإِنَّهُمَا قالا : وكذلِكَ رَجُلٌ صَنَعُ اليَدَيْنِ بالتَّحْرِيكِ ، فحَرَّكَا مع الإِضَافَةِ ، وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ :
وِعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتانِ قَضَاهُما |
|
دَاوُودُ أَو صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ (٤) |
قالَ الجَوْهَرِيُّ : هذِه رِوَايَةُ الأَصْمَعِيِّ ، ويُرْوَى : «صِنْعُ السَّوَابِغَ». وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لذِي الإِصْبَعِ العَدْوَانِيِّ :
تَرَّصَ أَفْوَاقَها وقَوَّمَهَا |
|
أَنْبَلُ عَدْوَانَ كُلِّهَا صَنَعَا |
وفِي حَدِيثِ عُمَرَ ـ رضِيَ الله عنه ـ لَمّا جُرِحَ قالَ لابْنِ عَبّاسٍ : «انظُرْ مَنْ قَتَلَنِي؟ فجَالَ ساعةً ثمّ أَتاهُ ، فقَالَ : غُلامُ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ ، فقالَ : الصَّنَعُ؟ قال : الصَّنَعُ ، قالَ : ما لَه.
وِقاتَلَه اللهُ! والله لقد كُنْتُ أَمَرْتُ بهِ مَعْرُوفاً».
__________________
(١) هذه رواية السكري ، ورواية ديوان الهذليين ٢ / ٢٣٨ :
وِاعلوهم بالقُضُب الذكوره
وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيها.
(٢) البيت في مجمع المرزباني ص ٤٨٢ ونسبه الى الهذيل الأشجعي برواية : «حتى تصيب بها» ومعه بيت آخر :
فإذا صنعت صنيعة فاعمد بها |
|
لله أو لذوي القرابة أو دعِ |
والبيت في تمثال الأمثال ١ / ٩٩٩ منسوباً الى عيسى بن يزيد الجبلي.
(٣) سورة طه الآية ٣٩.
(٤) ديوان الهذليين ١ / ١٩ ويروى : وتعاورا مسرورتين.