وِكَذا رَجُلٌ صَنِيعُ اليَدَيْنِ ، كأَمِيرٍ ، وصَنَاعُهُمَا ، كَسَحَابٍ ، ولا يُفْرَدُ صَنَاعُ اليَدِ فِي المُذَكَّرِ ، أَي حَاذِقٌ مَاهِرٌ في الصَّنْعَةِ مُجِيدٌ ، مِنْ قَوْمٍ صُنْعَى (١) الأَيْدِي ، بضَمَّةٍ ، وصُنُعِ الأَيْدِي بضَمَّتَيْنِ وصَنَعِي الأَيْدِي ، بفَتْحَتَيْن ، وصِنْعِي الأَيْدِي ، بكَسْرَةٍ. الأَخِيرةُ جَمْعٌ لِصنْع اليَدِ ، بالكَسْر ، والثانِيَةُ جَمْعُ صَنَاع اليَدِ ، كقَذالٍ وقُذُلٍ ، وأَصْنَاعُ الأَيْدِي ، جمعُ صِنْعِ اليَدِ ، بالكَسْر ، كطِرْفٍ وأَطْرَافٍ ، أو جَمْع صَنِيعِ اليَدِ ، كشَرِيفٍ وأَشْرَافٍ. وقالَ ابنُ بَرِّيّ : وجَمْع صَنَعٍ ـ عند سيبويه ـ : صَنَعُون لا غيرُ ، وكذلِكَ صِنْعٌ ، يقال : صِنْعُو اليَدِ ، وجَمْعُ صَنَاعٍ صُنُعٌ ، وقال ابنُ دُرُ سْتَوَيْهِ : صَنَعٌ مصدرٌ وُصِفَ بهِ ، مثل دَنَفٍ وقَمَنٍ ، والأَصْلُ عنده الكَسْرُ (٢) ، وحُكِيَ رِجَالُ صُنُعٌ ونِسْوَةٌ صُنُعٌ بضَمَّتَيْنِ عن سِيبَوَيْهِ ، أَي : من غَيْرِ إِضافَةٍ إِلى الأَيْدِي.
ومن المَجَازِ : رَجُلٌ صَنَعُ اللِّسَانِ ، مُحَرَّكةً ، ولِسَانٌ صَنَعٌ ، كذلِكَ ، يُقَالُ ذلِكَ للشّاعِرِ الفَصِيحِ ولكُلِّ بَلِيغٍ بَيِّنٍ ، قالَ حَسّانُ بنُ ثَابِتٍ ـ رضياللهعنه ـ :
أَهْدَى لَهُم مِدَحِي قَلْبٌ يؤَازِرُه |
|
فيما أَرادَ لِسَانٌ حائِكٌ صَنَعُ |
وِامرأَةٌ صَنَاعُ اليَدَيْنِ ، كسَحَابٍ وقد تُفْرَدُ ، فيُقَالُ : صَنَاعُ اليَدِ ، أَي حاذِقَةٌ ماهِرَةٌ بعَمَلِ اليَدَيْنِ. وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ :امْرَأَةٌ صَنَاعٌ ، إِذا كانَتْ رَقِيقَةَ اليَدَيْنِ ، تُسَوِّي الأَشافِي ، وتُخْرِزُ الدِّلاءَ وتَفْرِيها. وقال ابنُ الأَثِيرِ : رَجُلٌ صَنَعٌ ، وامْرَأَةٌ صَنَاعٌ ، إِذا كَانَ لَهُمَا صَنْعَةٌ يَعْمَلانِها بأَيْدِيهِمَا وَيَكْسِبَان بها.
قال ابنُ بَرِّيّ : والَّذِي اخْتَارَهُ ثَعْلَبٌ : رَجُلٌ صَنَعُ اليَدِ ، وامرأَةٌ صَنَاعُ اليَدِ ، فَيَجْعَل صَنَاعاً للمَرْأَة بمنزلة كَعَابٍ ورَدَاحٍ وحَصَانٍ ، وقال أَبو شِهَابٍ الهُذَلِيّ :
صَنَاعٌ بإِشْفَاهَا حَصَانٌ بفَرْجِها |
|
جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ والعِرْقُ زاخِرُ |
وِرُوِيَ في الحَدِيثِ : الأَمَةُ غيرُ الصَّنَاعِ». وقالَ ابنُ جِنِّي : قولُهم : رَجُلٌ صَنَعُ اليَدِ ، وامرَأَةٌ صَنَاعُ اليَدَ ، دَلِيلٌ على مُشَابَهَةِ حَرْفِ المَدِّ قَبْلَ الطَّرَفِ لتاءِ التَّانِيث ، فأَغْنَت الأَلِفُ قَبْلَ الطَّرَفِ مغْنَى التّاءِ الَّتِي كانَتْ تَجِبُ في صَنَعَةٍ ، لو جَاءَ على حُكْمِ نَظِيرِه ، نحو : حَسَنٍ وحَسَنَةٍ.
وِيُقَال : امْرَأَتَانِ صَنَاعَانِ ، في التّثْنِيَةِ ، نقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ :
إِمَّا تَرَيْ دَهْرِي حَنَانِي حَفْضَا |
|
أَطْرَ الصَّنَاعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضَا |
وِنِسْوَةٌ صُنُعٌ ، ككُتُبٍ ، مثلُ قَذالٍ ، وقُذُلٍ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِأَبُو زِرٍّ الصَّنَاعُ الحِمْصِيُّ ، كسَحَابٍ : رَجُلٌ من حِمْصَ ، له حِكَايَةٌ مع دِعْبِلِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيِّ ، هكَذَا في التَّبْصِيرِ ، ونَقَلَهُ في العُبَابِ ، ولم يَذْكُر له كُنْيَةً ، ووقَعَ في التَّكْمِلَةِ أَبو الصَّنَاعِ ، وفيه سَقَط.
وِصَنْعَاءُ بالمَدِّ ، ويُقْصَرُ للضَّرُورَةِ ، كقَوْلِ الشّاعِرِ :
لا بُدَّ مِنْ صَنْعَا وإِنْ طالَ السَّفَرْ
وقال الأَنَسِيُّ ـ وهُو من الشُّعَرَاءِ المُتَأَخِّرِين ـ :
أَلَا حَيِّ ذاكَ الحَيَّ مِنْ ساكِنِي صَنْعَا |
|
فكَمْ أَطْلَقُوا أَسْرَى وكَمْ أَحْسَنُوا صُنْعاً |
وهي طَوِيلَةٌ ، أَنْشَدَنِيهَا شَيْخُنَا العَلّامَةُ رَضِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الخَالِقِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المِزْجاجِيُّ ، تَغَمَّدَهُ الله برَحْمَتِه ، ونَفَعَنْا بهِ : د ، باليَمَنِ قاعِدَةُ مُلْكِهَا ، ودَارُ سَلْطَنَتها كَثِيرَةٌ الأَشْجَارِ والمِيَاهِ ، حَتَّى قِيلَ : إِنّها تُشْبِهُ دِمَشْق الشّامِ ، أَي في المُرُوجِ والأَنْهَارِ ، هكَذَا في النُّسَخِ : «كَثِيرَة» «وتُشْبه» والصَّوابُ : «كَثيرُ الأشجارِ و «يُشْبِهُ» (٣) وقَالَ أَحمدُ بنُ مُوسَى ـ وهو من الشُّعَرَاءِ المُتَأَخِّرِينَ ـ حِينَ رُفِعَ إِلى صَنْعَاءَ ، وصَارَ إِلى نَقِيلِ السُّود (٤) : ـ
إِذا طَلَعْنَا نَقِيلَ السُّودِ لاحَ لَنَا |
|
مِنْ أُفْقِ صَنْعَاءَ مُصْطافٌ ومُرْتَبَعُ |
يا حَبَّذَا أَنْتِ يا صَنْعَاءُ من بَلَدٍ |
|
وِحَبَّذَا وَادِيَاكِ الظَّهْرُ والضِّلَعُ |
ويُقَالُ : إِنَّ اسْمَ مَدِينَةِ صَنْعَاءَ في الجاهِلِيَّةِ «أَزالُ» رُوِيَ
__________________
(١) ضبطت في اللسان : صَنَعَى الأيدي.
(٢) العبارة في اللسان : والأصل فيه عنده الكسر : صَنِعٌ ليكون بمنزلة دَنِف وقَمِن.
(٣) في معجم البلدان : وصنعاء قصبة اليمن وأحسن بلادها ، تُشبّه بدمشق لكثرة فواكهها وتدفق مياهها.
(٤) في معجم البلدان : نقيلُ صيدٍ ، جبل عظيم.