وِقالَ أَبُو زَيْد : صَدَعَ إِلَيْهِ صُدُوعاً : مالَ.
وِصَدَعَه عَنْهُ : صَرَفَهُ ، يُقَال : ما صَدَعَكَ عَنْ هذا الأَمْرِ ، أَي ما صَرَفَكَ ، كما في الصّحاحِ ، وقال ابنُ فارِسٍ : ونَاسٌ يَقُولُونَ : ما صَدَغَك ، بالغينِ المُعْجَمَةِ ، وهذا أَحْسَنُ ، وكذلِكَ ذَكَرَه ابنُ دُرَيْد بالغَيْنِ المُعْجَمَةِ. قلتُ : وقد ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً بالغينِ المُعْجَمَةِ ، كما سَيَأْتِي.
وِصَدَعَ الفَلاةَ : قَطَعَها ، وهو مَجَاز ، وكذلِكَ النَّهْرَ ، إِذا شَقَّه.
وِيُقَالُ : بَيْنَهُمْ صَدَعَاتٌ في الرَّأْيِ والهَوَى ، مُحَرَّكَةً ، أَي تَفَرُّقٌ ، ويُقَال : أَصْلِحُوا ما فِيكُم من الصَّدَعَاتِ ، أَي اجْتَمِعُوا ولا تَتَفَرَّقُوا. ويُقَالُ أَيْضاً : إِنَّهُم على ما فِيهِم من الصَّدَعَاتِ أَلِبّاءُ كِرَامٌ. وهو مَجَازٌ.
وِيُقَال : جَبَلٌ صَادِعٌ ، أَي ذَاهِبٌ في الأَرْضِ طُولاً ، وهو مَجَازٌ. وكذلِكَ : سَيْلٌ صَادِعٌ ، كذا في النُّسَخِ ، وصَوَابُه :سَبِيلٌ صادِعٌ ، ووَادٍ صَادِعٌ ، وهذَا الطَّرِيقُ يَصْدَعُ في أَرْضِ كذا وكذا.
وِقال ابنُ دُرَيْدٍ : الصُّبْحُ الصّادِعُ : المُشْرِقُ.
قال : والمَصَادِعُ : طُرُقٌ سَهْلَةٌ في غِلَظٍ من الأَرْضِ ، الوَاحِدُ مَصْدَعٌ ، كمَقْعَدٍ ، وهو مَجَازٌ.
وِالمَصَادِعُ أَيْضاً : المَشَاقِصُ من السِّهَامِ ، وبه سُمِّيَتِ الكِنَانَةُ خَابِئَةَ المَصَادِعِ ، الوَاحِدُ مِصْدَعٌ كمِنْبَرٍ ، ورُبَّما قالُوا : خَطِيبٌ مِصْدَعٌ ، كمِنْبَرٍ ، أَي بَلِيغٌ جَرِيءٌ عَلَى الكَلامِ ، ذُو بَيَانٍ. كما قالُوا : مِصْلَقٌ ، ومِسْلَقٌ ، ومِصْقَعٌ.
وِالصَّدَعُ مُحَرّكةً ـ من الأَوْعَالِ والظِّبَاءِ والحُمُرِ والإِبِلِ ـ : الفَتِيُّ الشابُّ القَوِيُّ ، وتُسَكَّنُ الدّالُ ولو قالَ :«ويُسَكَّنُ» كما هو دَأْبهُ في عِباراتِه ، كان أَخْصَرَ. أَو الصَّدَعُ ، بالتَّحْرِيكِ : هو الشَّيْءُ بينَ الشَّيْئَيْنِ من أَيِّ نَوْعٍ كانَ ، بينَ الطَّوِيلِ والقَصِيرِ ، والفَتِيِّ والمُسِنِّ ، والسَّمِينِ والمَهْزُولِ ، والعَظِيمِ والصَّغِيرِ ، وقالَ الجَوْهَرِيُّ : الصَّدَع :الوَسَطُ من الوُعُولِ ليسَ بالعَظِيمِ ولا الصَّغِيرِ ، ولكِنَّه وَعِلٌ بينَ وَعِلَيْنِ ، وكَذلك هُوَ مِنَ الظِّبَاءِ. والحُمُرِ ، لا يُقَالُ فيهِ إِلّا بالتَّحْرِيكِ. قلتُ : وهو قولُ ابنِ السِّكِّيتِ ، وأَنْشَدَ :
يا رُبَّ أَبّازٍ من العُفْرِ صَدَعْ |
|
تَقَبَّضَ الذِّئْبُ إِلَيْهِ واجْتَمَعْ |
والرّجَزُ لمَنْظُورٍ الأَسَدِيِّ ، وقالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ :
يا لَيْتَنِي فيها جَذَعْ |
|
أَخُبُّ فيها وأَضَعْ |
أَقُودُ وَطْفاءَ الزَّمعْ |
|
كأَنَّهَا شَاةٌ صدَعْ |
وقالَ الأَعْشَى :
قَدْ يَتْرُكُ الدَّهْرُ في خَلْقَاءَ رَاسِيَةٍ |
|
وَهْياً ويُنْزِلُ مِنها الأَعْصَمَ الصَّدَعَا (١) |
وقالَ ابْنُ الرِّقاعِ :
لو أَخْطَأَ المَوْتُ شَيْئاً أَو تَخَطَّأَهُ |
|
لأَخْطَأَ الأَعْصَمَ المُسْتَوْعِلَ الصَّدَعَا |
وِالصَّدَعُ من الحَدِيدِ : صَدَؤُهُ ، وسَأَلَ عُمَرُ ـ رضِيَ الله عنهُ ـ الأُسْقُفَّ عن الخُلَفَاءِ ، فحَدَّثَه حَتَّى انْتَهَى إِلى نَعْتِ الرّابعِ ، فقال : «صَدَعٌ من حَدِيدٍ ـ ويُرْوَى صَدَأٌ [من] (٢) حَدِيدٍ ـ فقال عُمَرُ : وا دَفْرَاهُ».
قالَ شَمِر : يُرِيدُ كالصَّدَعِ من الوُعُوْلِ المُدْمَجِ الشَّدِيدِ الخَلْقِ ، الشَّابِّ الصُّلْب القَوِيّ ، شبَّهَه في خِفَّتِه في الحُرُوبِ ونُهُوضِه إِلى مُزَاوَلَةِ صِعابِ الأُمُورِ ـ حين يُفْضِي الأَمْرُ إِليه ـ بالوَعِلِ ؛ لِتَوَقُّلِه في شَعَفاتِ الجِبَالِ الشّاهِقَةِ ، وجَعَلَ الصَّدَعَ من حَدِيدٍ ؛ مُبَالَغَةً في وَصْفِهِ بالبَأْسِ والنَّجْدَةِ ، والصَّبْرِ والشِّدَّةِ ، وقد تَقَدَّمَ شَيْءٌ من هذَا البَحْثِ في الهَمْزَةِ. وكانَ حَمّادُ بنُ زَيْدٍ يَقُولُ : صَدَأٌ [من] (٣) حَدِيدٍ.
قال الأَصْمَعِيُّ : وهذا أَشْبَهُ : لأَنَّ الصَّدَأَ له دَفَرٌ ، وهو النَّتْنُ ، وفي كَلامِ المُصَنِّفِ نَظَرٌ يُتَأَمَّلُ فيه.
وِمن المَجَازِ : الصَّدِيعُ ، كأَمِيرٍ : الصُّبْحُ ، لانْصِداعِه ، وفي العُبَابِ : لأَنَّهُ يَصْدَعُ اللَّيْلَ ، أَي يَشُقُّه ، ويُسَمَّى صَدِيعاً ، كما يُسَمَّى فَلَقاً ، قال عَمْرُو بن مَعْدِيكَرِبَ رضِيَ الله عَنْه :
وِكم مِنْ غائِطٍ من دُونِ سلْمَى |
|
قَلِيلِ الإِنسِ لَيْسَ به كَتِيعُ |
__________________
(١) بالأصل : «قد ينزل من وحياً وينزل» والمثبت عن الديوان ص ١٠٥.
(٢) زيادة عن النهاية «صدأ».
(٣) زيادة عن اللسان.