قال ثَعْلَبٌ : هي الأَرْضُ تَنْصَدِعُ بالنَّبَاتِ ، وهو مَجَازٌ.
وِيُقَال : النّاسُ عَلَيْهِم صَدْعٌ واحِدٌ ، أَي أَلْبٌ وَاحِدٌ ، أَي مُجْتَمِعُون بالعَداوَةِ ، وكذلك هُمْ وَعْلٌ عَليه ، وضِلَعٌ وَاحدٌ.
قاله أَبو زيدٍ.
وِالصِّدْعُ ، بالكَسْرِ : الجَمَاعَةُ من النّاسِ ، عن ابْنِ عَبّادٍ.
وِالصِّدْعُ : الشُّقَّةُ منَ الشَّيْءِ ، اسمٌ من صَدَعَ الشَّيْءَ صِدْعَيْن ، إِذا شَقَّه بنِصْفَيْنِ.
وِالصِّدْعَة ، بهاءٍ : الصِّرْمَةُ مِنَ الإِبِلِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وقالَ أَبُو زَيْد : الصِّرْمَةُ ، والقِصْلَةُ ، والحُدْرَةُ : مَا بَيْنَ العَشَرةِ إِلى الأَرْبَعِينَ من الإِبِلِ ، فإِذا بَلَغَتْ سِتِّينَ فهي الصِّدْعَةُ.
قلتُ : ففي هذا إِزالَةُ الإِبهامِ عن مَعْنَى الصِّدْعَةِ ، والنَصُّ على كَمِّيَّتِهَا.
وِالصِّدْعَةُ : الفِرْقَةُ من الغَنَمِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، يُقَال : صَدَعْتُ الغَنَمَ صِدْعَتَيْنِ ، أَي فِرْقَتَيْنِ ، كلُّ وَاحِدَةٍ منهما صِدْعَةٌ ، وقِيلَ : الصِّدْعَةُ : القِطْعَةُ من الغَنَم إِذا بَلَغَت سِتِّينَ ، وقِيلَ : هو القَطِيعُ من الظِّبَاءِ والغَنَمِ.
وِالصِّدْعَةُ : النَّصْفُ من الشَّيْءِ المَشْقُوقِ نِصْفَيْنِ ، كُلُّ شقٍّ منهِ صِدْعَةٌ ، كالصَّدِيعِ ، فِيهِمَا ، هكَذَا بضميرِ التَّثْنِيَةِ في سائرِ النُّسَخِ ، والصَّوابُ : فيها ، أَي في الثّلاثَةِ ، فإِنّ الصَّدِيعَ يُطْلَقُ على الفِرْقَةِ من الغَنَمِ ، وعلى الصِّرْمَةِ من الإِبِل ، وعَلَى كُلِّ شيْءٍ يُشَقُّ نِصْفَيْنِ ، فكُلُّ شِقٍّ منه صَدِيعٌ ، والأَخِيرُ قد يَأْتِي أَيْضاً في سِيَاقِ المُصَنِّفِ فيما بَعْدُ ، ولو اقْتَصَرَ عَلَى هذا كانَ أَجْوَدَ ، وشاهِدُ الصَّدِيعِ ـ بمَعْنَى الصِّرْمَةِ من الإِبِل ـ قولُ المَرّارِ بنِ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيِّ :
إذا أَقْبَلْنَ هَاجِرَةً أَثارَتْ |
|
من الأَظْلالِ إِجْلاً أَو صَدِيعَا |
وِقَوْلُه تعالَى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) (١) أَي : شُقَّ جَمَاعَاتِهِم بالتَّوْحِيدِ قالهُ ابن الأَعْرَابِيِّ أَو مَعْنَاهُ اجْهَرْ بما تُؤْمَرُ ، من صَدَعَ بالأَمْرِ ، إِذا جَاهَرَ به. وقال مُجَاهِدٌ : بالقُرْآنِ. أَو مَعْنَاه : أَظْهِرْ ما تُؤْمَرُ به ، ولا تَخَفْ أَحَداً. من الصَّدِيعِ ، وهو الصُّبْحُ ، قالَه أَبو إِسْحَاقَ ، أَو من صَدَعْتُ الشَّيْءَ : أَظْهَرْتُه ، وقال الفَرّاءُ : أَرادَ عزَّ وجَلَّ فاصْدَعْ بالأَمْرِ الّذِي أَظْهَرَ دِينَك ، أَقامَ «ما» مُقَامَ المَصْدَرِ. أَو احْكُمْ بالحَقِّ. من صَدَعَ بالحَقِّ ، إِذا تَكَلَّم به. وقِيل : افْصِلْ بالأَمْرِ ، نَقَلَه بعضُ المُفَسِّرِينَ ، وقالَ الرّاغِبُ : أَي افْصِلْهُ ، قالَ : وهو مُسْتَعَارٌ من صَدْعِ الأَجْسَامِ. أَو اقْصِدْ بما تُؤْمَرُ ، نَقَلَه ثَعْلَبٌ عن أَعرابِيٍّ كان يحضُرُ مَجْلِسَ ابنِ الأَعْرَابِي ، وكان ابنُ الأَعْرَابِيِّ رُبَّمَا يَأْخُذُ عنه. أَو افْرُقْ بهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ ، نَقَلَه ابنُ عَرَفَةَ ، وهو قَوْلُ مَعْمَر ، وبه فُسِّر قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحِمَارَ والأُتُنَ :
فكَأَنَّهُنَّ رَبَابَةٌ وكأَنَّهُ |
|
يَسَرٌ يُفِيضُ على القِدَاحِ ويَصْدَعُ (٢) |
أَي يُفَرِّقُ عَلى القِدَاحِ ، أَي بالقِدَاح وقِيلَ : مَعْنَاه : يُبَيِّنُ بالحُكْمِ ، ويُخْبِرُ بما يَجِيءُ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ جَرِيرٍ يَمْدَحُ يَزِيدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ :
هو الخَلِيفَة فارْضَوْا ما قَضَى لَكُمُ |
|
بالحَقِّ يَصْدَعُ ، ما في قَوْلِهِ جَنَفُ |
وقَال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ في تَفْسِيرِ قَوْلهِ تَعَالَى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) هُو مِنَ الصَّدِيعِ ، بمَعْنَى الفَجْرِ ، شَبَّه الجَهْلَ بظُلْمَةِ اللَّيْلِ ، والقُرْآنُ نُورٌ ، فصَدَعَ به تِلْكَ الظُّلْمَةَ ، كما يَصْدَعُ الفَجْرُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ.
وِصَدَعَهُ ، كَمَنَعَه ، صَدْعاً : شَقَّهُ ، أَو شَقَّهُ نِصْفَيْنِ ، أَو شَقَّهُ ولم يَفْتَرِقْ ، فهي ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ. ولا يَخْفَى أَنَّ الثّالِثَ هو عَيْنُ الأَوَّلِ ، فهُمَا قَوْلَانِ لا غَيْرُ.
وِصَدَعَ فُلاناً : قصَدَه لِكَرَمهِ ، نَقَلَه ثَعْلَبٌ عن الأَعْرَابِيِّ الَّذِي كانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَ ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، وبه فُسِّرَتِ الآيَةُ ، كما تَقَدَّمَ ، وهو مَجَازٌ.
وِصَدَعَ بالحَقِّ : تَكَلَّمَ به جِهَاراً مُفَرِّقاً بينَه وبَيْنَ الباطِلِ ، وهُوَ مَجَازٌ ، وبه فُسِّرَت الآيَة ، كما تَقَدَّم ، وبه فَسَّرَ أَيْضاً الخَلِيلُ قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ السّابِقَ ، قال : يَصْدَعُ ، أَي يقُولُ بأَعْلَى صَوْتِه : فاز قِدْحُ فُلان ، أَو هذا قِدْحُ فُلانٍ.
وِصَدَع بالأَمْرِ يَصْدَعُ صَدْعاً : أَصابَ بِهِ مَوْضِعَهُ ، وجاهَرَ به.
__________________
(١) سورة الحجر الآية ٩٤.
(٢) ديوان الهذليين ١ / ٦ برواية : وكأنهن.