وقِيلَ : الشَّفْعُ : يَوْمَانِ بعدَ الأَضْحَى ، والوَتْرُ : اليومُ الثّالِثُ ، وقِيلَ : الشَّفْعُ والوَتْرُ : الصَّلَوَاتُ ، منها شَفْعٌ ، ومِنْهَا وَتْرٌ ، وقِيلَ : فِي الشَّفْعِ والوَتْرِ : إِنّ الأَعْدَادَ كُلَّها شَفْعٌ ووَتْرٌ. قال الصّاغَانِيُّ : وفي الشَّفْعِ والوَتْرِ عِشْرُونَ قَوْلاً ، وليس هذا مَوْضِعَ ذِكْرِ أَقاوِيلِهم.
وِعَيْنٌ شافِعَةٌ : تَنْظُرُ نَظَرَيْنِ ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِي :
ما كان أَبْصَرَنِي بغِرّاتِ الصِّبَا |
|
فاليَوْمَ قد شُفِعَتْ لِيَ الأَشْبَاحُ |
بالضَمِّ : أَي : أَرَى الشَخْصَ شَخْصَيْنِ ؛ لضَعْفِ بَصَرِي وانْتِشَارِه وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
لِنَفْسِي حَدِيثٌ دُونَ صَحْبِي وأَصْبَحَت |
|
تَزِيدُ لِعَيْنَيَّ الشُّخُوصُ الشَّوَافِعُ |
ولم يُفَسِّرْه ، وهو عِنْدِي مثلُ الَّذِي تَقَدَّم.
وِبَنُو شافِعٍ : من بَنِي المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَاف ، وهو شافِعُ بنُ السّائبِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عَبْدِ يَزِيدَ بن هاشِمِ بنِ المُطَّلِبِ ، له رُؤْيَةٌ ، كما ذَكَرَه ابنُ فَهْد ، وأَبُوهُ السّائِبُ كانَ يُشبَّهُ بالنَّبِيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يُقَالُ : لُه صُحْبَةٌ وأَنَّه أَسْلَمَ يومَ بَدْر بعدَ أَنْ أُسِرَ ، وفَدَى نَفْسَه ، كذا قالَهُ الطَّبَرِيُّ ، مِنْهُم إِمامُ الأَئِمَةِ ، ونَجْمُ السُنَّةِ ، أَحَدُ المُجْتَهِدِينَ ، عالِمُ قُرَيْشٍ وأَوْحَدُهَا الإِمامُ أَبو عُبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيس (١) بن عُثْمَانَ بنِ شافِعٍ الشّافِعِيُّ القُرَشِيُّ رَحِمَه الله تَعالَى ورَضِيَ عنه ، وأَرْضَاه عَنّا ، والنِّسْبَةُ إِليه رضِيَ الله عنه شافِعِيٌّ أَيْضاً ، ولا يُقَالُ :شَفْعَويٌّ ، فإِنَّه لَحْنٌ ، وإِن كانَ وَقَعَ في بَعْض كُتُبِ الفِقْهِ للخُرَاسانِيَّين ، كالوَسِيطِ وغَيْره ، وهو خَطَأٌ ، فليُجْتَنَبْ ، نَبَّه عليه النَّوَوِيُّ ، كما في الإِعَارَاتِ لابْنِ المُلَقّنِ ، حَقَّقَه شَيْخُ مَشَايِخِنا الشّهابُ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ العَجَمِيُّ في ذَيْلِ اللُّبِّ ، وُلِدَ الإِمَامُ رضياللهعنه في سَنَةِ مِائةٍ وخَمْسِينَ ، نَهَارَ الجُمْعَةِ آخر يَوْمٍ من شَهْرِ رَجَب ، وتُوُفِّيَ سنَةَ مائِتَيْنِ وأَربع ، وحُمِلَ على الأَعْنَاقِ من فُسطاطِ مصْرَ حَتَّى دُفِنَ في مَقْبَرَةِ بَنِي زُهْرَةَ ، وتُعْرَفُ أَيْضاً بُتْربَةِ ابنِ عَبْدِ الحَكَم ، وقالَ الشّاعِرُ في مَدْحِهِ :
أَكْرِمْ بهِ رَجُلاً ما مِثْلُه رَجُلٌ |
|
مُشَارِكٌ لرَسُولِ الله في نَسَبِهْ |
أَضْحَى بمِصْرَ دَفِيناً في مُقَطَّمِها |
|
نِعْمَ المُقَطَّمُ والمَدْفُونُ في تُرَبِهْ |
ولله دَرُّ الأَبِي صِيرِيِّ حيثُ يقولُ :
بِقُبَّةِ قَبْرِ الشّافِعِيِّ سَفِينَةٌ |
|
رَسَتْ من بِنَاءٍ مُحْكَمٍ فَوْقَ جُلْمُودِ |
وِإِذْ غاضَ طُوفَانُ العُلُومِ بقَبْرِه اسْ |
|
تَوَى الفُلْكُ مِنْ ذاكَ الضَّرِيح عَلَى الجُودِي |
وِقد نَظَمَ نَسَبَه الشَّرِيف الإِمَامُ أبو القاسِمِ عَبْدُ الكَرِيم الرّافِعِيُّ ، فقَالَ :
مُحَمَّدٌ ادْرِيسُ عَبّاسٌ ومِنْ |
|
بَعْدِهِمُ عُثْمَانُ بنُ شافِعْ |
وِسائِبُ بنُ عُبَيْدٍ سابعٌ |
|
عَبْدُ يَزِيدَ ثامِنٌ والتاسِعْ |
هاشِمٌ المَوْلُودُ ابنُ المُطَّلِبْ |
|
عَبْدُ مَنَافٍ للجَمِيعِ تابِعْ |
وِيُقَال : إِنَّهُ لَيَشْفَعُ عَلَيَّ ، وفي العُبَاب : لي بالعَداوَة ، أَي يُعينُ عَلَيَّ ويُضارُّنِي ، وفي اللِّسَانِ : يُضادُّنِي ، وهو مَجازٌ. وفِي الأَسَاسِ : فلانٌ يُعَادِيني وله شافِعٌ ، أَي مُعِينٌ يُعِينُه عَلَى عَداوَتِي (٢) ، كما يُعِينُ الشافِعُ المَشْفُوعَ له ، وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ للنّابِغَةِ الذُّبْيانِيِّ يَعْتَذِرُ إلى النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ ممّا وَشَتْ به بَنُو قُرَيْعٍ :
أَتاكَ امْرُؤٌ مُسْتَبْطِنٌ لِيَ بِغْضَةً |
|
لَهُ من عَدُوٍّ مثلُ ذلِكَ شافِعُ (٣) |
وقال الأَحْوَصُ :
كأَنَّ مَنْ لامَنِي لأَصْرمهَا |
|
كانُوا عَلَيْنَا بلَوْمِهِمْ شَفَعُوا |
أَي تَعَاوَنُوا ، ويقال : إِنَّ حَثَّهُم إِيّاي على صَرْمِهَا ، ولَوْمَهُم إِيّاي في مُوَاصَلَتِهَا ، زادَها في قَلْبي حُبًّا ، فكأَنَّهُم
__________________
(١) في جمهرة ابن حزم ص ٧٣ : «ادريس بن العباس بن عثمان» ومثله في اللباب.
(٢) عن الأساس وبالأصل «عداوته».
(٣) ديوان ص ٥٠ وصدره فيه :
أتاك امرؤٌ مستعلنٌ لي بُغضُه