وِشُبَاعَةُ ، كقُدَامَةَ : اسم من أَسماءِ زَمْزَمَ في الجاهِلِيَّةِ ، هكذا ضَبَطَه الصّاغَانِيّ (١) ، سُمِّيَت بذلك لأَنّ ماءَها يُرْوِي العَطْشانَ ، ويُشْبِعُ الغَرْثَانَ ، وهو مَعْنَى قولِه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ ، إِنها طَعامُ طُعْمٍ ، وشِفاءُ سُقْمٍ» ورُبَّما يُفْهَمُ من سِيَاقِ عِبَارَةِ اللِّسَانِ أَنَّ اسْمَها شَبَّاعة ، بالفَتْحِ مع التَّشْدِيدِ.
وِالشُّبَاعَةُ أَيضاً : الفُضَالَةُ من الطَّعَامِ بَعْدَ الشِّبَع ، عن ابْنِ عَبّاد.
وِمن المَجَازِ : ثَوْبٌ شَبِيعُ الغَزْلِ ، كأَمِيرٍ ، أَي كَثِيرُه ، كما في الصّحاح ، وثِيَابٌ شُبُعٌ.
وِقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : رَجُلٌ شَبِيعُ العَقْل ، ومُشْبَعُه ، بفتحِ الباءِ ، أَي : وافِره ومَتِينُهُ ، وقد شَبُعَ عَقْلُه ، ككَرُمَ : مَتُنَ ، وحَبْلٌ شَبِيع الثَّلَّةِ كَثِير ها وَمَتِينُهَا ، والثَّلّة (٢) : الصُّوفُ أَو الشَّعَرِ ، أَو الوَبَر ، والجَمْعُ : شُبُعٌ.
وِيُقَال : عِنْدِي شُبْعَةٌ مِن طَعَامٍ ، بالضَّمِّ أَي قَدْرُ ما يُشْبَع بِه مَرَّةً ، كما في الصّحاحِ.
وِمن المَجَازِ : أَشْبَعَهُ ، أَي وَفَّرَهُ ، وكُلُّ ما وَفَّرْتَه فقد أَشْبَعْتَه ، حتّى الكَلَام يُشْبَعُ فتُوَفَّرُ حُرُوفُه.
ويُقال : ساقَ فِي هذا المَعْنَى فَصْلاً مُشْبَعاً.
وِقال يَعْقُوبُ : هذا بَلَدٌ قد شَبَّعَتْ غَنَمُه تَشْبِيعاً ، إِذا قارَبَت الشِّبَعَ ولم تَشْبَعْ ، كما في الصّحاحِ ، وهو مَجازٌ ، ويُقَال أَيضاً : بَلَدٌ قد شَبِعَتْ غَنَمُه ، إِذا وُصِفَ بكَثْرَة النَّبَاتِ ، وتَنَاهِي الشِّبَعِ ، وشَبَّعَت ، إِذا وُصِفَت بتَوَسُّطِ النَّبَاتِ ومُقَارَبَةِ الشِّبَعِ.
وِالتَّشَبُّع : أَنْ يُرِيَ أَنَّه شَبْعَانُ ولَيْس كذلِكَ ، لأَنَّه مِن صِيَغِ التَّكَلُّفِ.
وِالتَّشَبُّعُ : التَّكَثُّرُ ، وهو التَّزَيُّنُ بأَكْثَرَ ممّا عِنْدَه ، يَتَكَثَّرُ بذلِك ويَتَزَيَّنُ بالبَاطِلِ ، وهو مَجَازٌ ، ومنهالحَديث :«المُتَشَبِّعُ بما لا يَمْلِكُ كلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» أَي : المُتَكَثِّرُ بأَكْثَرَ ممّا عِنْدَه يَتَجَمَّلُ بذلِك ، كالَّذِي يُرِي أَنَّه شَبْعَانُ وليس كذلِكَ (٣). والتَّشَبُّع : الأَكْلُ إِثْرَ الأَكْلِ ، يُقَال : تَرَوَّوْا (٤) وتَشَبَّعُوا.
نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ وابنُ عَبّادٍ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
جَمْعُ شَبْعَانَ وشَبْعَى : شِبَاعٌ وشَبَاعَى ، أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ لأَبِي عَارِمٍ الكِلَابِيِّ :
فبِتْنَا شَبَاعَى آمِنِينَ من الرَّدَى |
|
وِبِالأَمْنِ قِدْماً تَطْمَئِنُّ المَضَاجِعُ |
ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس : قَوْمٌ إِذا جَاعُوا كاعُوا ، وتَرَاهُمْ سِبَاعاً إِذا كانُوا شِباعاً. وبَهِيَمةٌ شَابعٌ : إِذا بَلَغَت الأَكْلَ ، لا يَزَالُ ذلِكَ وَصْفاً لها حَتَّى يَدْنُوَ فِطَامُهَا.
ورَجُلٌ مُشَبَّعُ القَلْبِ : مَتِينُه.
وسَهْمٌ شَبِيعٌ : قَنُولٌ ، عن ابنِ عَبّادٍ ، وطَعَامٌ شَبِيعٌ ، لما يُشْبِعُ ، عن الفَرّاءِ. وأَشْبَع الثَّوْبَ وغَيْرَه : رَوّاهُ صِبْغاً ، نقلَه الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجازٌ ، وقد يُسْتَعْمَلُ في غيرِ الجَوَاهِرِ على المَثَلِ ، كإِشْبَاعِ النَّفْخِ والقِرَاءَةِ ، وسَائرِ اللَّفْظِ.
وتَقُول : شَبِعْتُ من هذَا الأَمْرِ ورَوِيتُ ، إِذا كَرِهْتَه ومَلِلْتَه ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجَازٌ.
وِالشِّبْعُ ، بالكَسْرِ : لغةٌ في المَصْدَرِ ، كما أَنّه اسمٌ لما يُشْبِعُ ، وشَاهِدُه قولُ بِشْرِ بن المُغِيرَةِ بن (٥) المُهَلَّبِ بن أَبِي صُفْرَةَ :
وِكُلُّهُمُ قد نَالَ شِبْعاً لبَطْنِه |
|
وِشِبْعُ الفَتَى لُؤْمٌ إِذا جَاعَ صَاحِبُهْ |
كما في اللّسَانِ ، وهو في شُرُوح الفَصِيحِ هكذَا ، ونقَلَه الصّاغَانِيُّ عن ابن دُرَيْدٍ.
وِالإِشْبَاعُ في القَوَافِي : حَرَكَةُ الدَّخِيلِ ، وهو الحَرْفُ الَّذِي بعَد التَّأْسِيسِ ، وقِيلَ : هو اخْتِلافُ تلكَ الحَرَكَةِ إِذا كانَ الرَّوِيُّ مُقَيَّداً ، وقال الأَخْفَشُ : الإِشْبَاعُ : حَرَكَةُ الحَرْفِ الّذِي بينَ التَّأْسِيسِ والرَّوِيِّ المُطْلَقِ.
وِأَشَبَعَ الرَّجُلُ : شَبِعَتْ ماشِيَتُه.
__________________
(١) ومثله في معجم البلدان واللسان والنهاية.
(٢) بالأصل «وثلة الصوف» وما أثبت يوافق عبارة التهذيب وفيه : وثلة الحبل ، وهو صوفه أو شعره ووبره.
(٣) زيد في النهاية بعدها : ومن فعله فانما يسخر من نفسه ، وهو من أفعال ذوي الزور ، بل هو في نفسه زورٌ أي كذبٌ.
(٤) عن الأساس وبالأصل «ترادوا».
(٥) كذا بالأصل ، وفي شرح الحماسة للتبريزي ١ / ١٤٠ بشر بن المغيرة ابن أخي المهلب .. والبيت فيها من أربعة أبيات.