مَوْجُودٌ ظَاهِرٌ لا يَمْتَنِعُ. وكُلُّ مُبْدٍ عُرْضَهُ مُعْرِضٌ. قال عَمْرُو بنُ كُلْثُوم :
وأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ واشْمَخَرَّتْ |
|
كَأَسْيافٍ بأَيْدِي مُصْلِتِينَا |
أَي أَبْدَتْ عُرْضَهَا ، ولَاحَتْ جِبَالُهَا لِلنَّاظِرِ إِلَيْهَا عَارِضَةً.
وقَال أَبو ذُؤَيْبٍ :
بأَحْسَنَ مِنْهَا حِينَ قَامَتْ فأَعْرَضَتْ |
|
تُوَارِي الدُّمُوعَ حينَ جَدَّ انْحِدَارُهَا |
وأَعْرَضَ لَكَ الخَيْرُ : أَمْكَنَك.
ويقال : أَعْرَضَ لك الظَّبْيُ ، أَيْ أَمْكَنَك من عُرْضِهِ ، إِذا وَلاَّكَ عُرْضَهُ ، أَي فَارْمِهِ. قال الشَّاعر :
أَفَاطِمُ أَعْرضِي قَبْلَ المَنَايَا |
|
كَفَى بالمَوْت هَجْراً واجْتِنابَا |
أَيْ أَمْكِنِي.
ويُقَالُ : طَأْ مُعْرِضاً حَيْثُ شِئْتَ ، أَي ضَعْ رِجْلَكَ حيثُ شِئْتَ ولا تَتَّقِ شَيْئاً ، قد أَمْكَنَ ذلكَ ، قال عَدِيُّ بنُ زَيْد :
سَرَّهُ مالُه وكَثْرَةُ ما يَمْ |
|
لِكُ والبَحْرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ |
وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْد للبَعِيث :
فطَأْ مُعْرِضاً إِنَّ الخُطُوبَ كَثيرَةٌ |
|
وإِنَّك لا تُبْقِي لنَفْسِك بَاقِيَا |
وأَرْضٌ مُعْرَضَةٌ ، كمُكْرَمَة ، أَو كمُحْسِنَةٍ : يَسْتَعْرِضُهَا المالُ ويَعْتَرِضُهَا ، أَيْ هيَ أَرْضٌ فيها نَبَاتٌ يَرْعَاهُ المَالُ إِذا مَرَّ فيها.
والمُعْرِضُ ، كمُحْسِن : الَّذِي يَسْتَدِينُ ممّنْ أَمْكَنَهُ من النّاس ، ومِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بن الخَطّاب ، رَضِيَ الله عنه ، في الأُسَيْفِع حينَ خَطَبَ فقال : «أَلَا إِنَّ الأُسَيْفِعَ ، أَسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ ، رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وأَمانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ له سَابِقُ الحَاجِّ ، فادَّانَ مُعْرِضاً» وتَمامُه في «س ف ع»» وهو قَوْلُه : «فَأَصْبَح قَدْ رِينَ به ، فَمَنْ كانَ لَهُ عَلَيْه دَيْنٌ فلْيَغْدُ بالغَدَاة ، فلْنَقْسِمْ مَالَهُ بَيْنَهُم بالحِصَص». أَي مُعْتَرِضاً لكُلِّ مَن يُقْرِضُه. قاله شَمِرٌ ، قال : والعَرَبُ تَقُولُ : عَرَضَ ليَ الشَّيْءُ ، وأَعْرَضَ ، وتَعَرَّضَ ، واعْتَرَضَ ، بمَعْنًى وَاحدٍ. وأَنْكَرَه ابنُ قُتَيْبَةَ وقال : لم نَجدْ أَعْرَضَ بمَعْنَى اعْتَرَضَ في كَلَام العَرَب ، أَو مُعْرِضاً عَمَّن يَقُولُ لَهُ لا تَسْتَدِنْ ، فلا يَقْبَلُ منه ، من أَعْرَضَ عَن الشَّيْءِ ، إِذا وَلاَّهُ ظَهْرَهُ ، قالَهُ ابْنُ الأَثِيرِ. و (*) قيلَ : أَراد مُعْرِضاً عن الأَدَاءِ مُوَلِّياً عنه ، أَو اسْتَدَانَ مِنْ أَيِّ عُرْضٍ تَأَتَّى لَه ، غَيْرَ مُتَحَيِّرٍ ولا مُبَالٍ ، نَقَلَه الصّاغَانيّ. وقال أَبو زَيْدٍ : يَعْنِي اسْتَدانَ مُعْرِضاً ، وَهو الَّذي يَعْرِضُ للنّاس (١) فيَسْتَدينُ ممَّن أَمْكَنَهُ. وقال الأَصْمَعيّ : أَي أَخَذَ الدَّيْنَ ولم يُبَال أَنْ (٢) يُؤَدِّيَه ولا ما يَكُون من التَّبِعَة. وقال شَمِرٌ : ومَنْ جَعَلَ مُعْرِضاً هُنَا بمَعْنَى المُمْكِن فهو وَجْهٌ بَعيدٌ ، لأَنَّ مُعْرِضاً مَنُصُوبٌ على الحال من قَولك فادَّانَ ، فإِذَا فَسَّرْتَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُه ممَّن يُمْكِنُه فالمُعْرِضُ هو الَّذي يُقْرِضُه لأَنَّه هُوَ المُمْكِنُ. قال : ويَكُونُ مُعْرِضاً من قَوْلك أَعْرَضَ ثَوْبُ المَلْبَسِ ، أَي اتَّسَع وعَرُضَ. وأَنْشَد لطَائيٍّ في أَعْرَضَ بمعنى اعْتَرَضَ :
إِذا أَعْرَضَتْ للْنَاظِرِينَ بَدَا لَهُم |
|
غِفَارٌ بأَعْلَى خَدِّها وغُفَارُ |
قال : وغِفَارٌ : مِيسَمٌ يكونُ على الخَدِّ. وقوله : قَدْ رِيَن به ، أَيْ غُلِبَ ، وبَعِلَ بشَأْنه.
والتَّعْرِيضُ : خلافُ التَّصْريح. يقال : عَرَّضْتُ بفُلان ولفُلانٍ ، إِذا قُلْتَ قَوْلاً وأَنْتَ تَعْنِيه (٣). كما في الصّحاح. وكان عُمَرُ يَحُدُّ في التَّعْرِيضِ بالفَاحشَة ، حَدَّ رَجُلاً قَال لرَجُلٍ : ما أَبِي بزَانٍ ولا أُمِّي بِزَانِيَةٍ. وقال رَجُلٌ لرَجُلٍ : يا ابْنَ شامَّةِ الوَذْرِ ، فحَدَّهُ.
والتَّعْرِيض في خِطْبَة المَرْأَة في عِدَّتهَا : أَن تَتَكَلَّم بكَلامٍ يُشْبِه خِطْبَتَهَا ولا تُصَرِّح به ، وهو أَن تَقُولَ لها : إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ ، أَو إِنّ فِيكِ لَبَقِيَّة ، أَو إِنَّ النِّسَاءَ لَمِنْ حَاجَتِي. والتَّعْرِيضُ قد يَكُونُ بضَرْبِ الْأَمْثَالِ وذِكْرِ الأَلْغَازِ في جُمْلَةِ المَقَالِ.
والتَّعْرِيضُ : جَعْلُ الشَّيْءِ عَرِيضاً ، وكَذلكَ الإِعْرَاضُ ، كما تَقَدَّمَ.
والتَّعْرِيضُ : بَيْعُ المَتَاعِ بالْعَرْضِ ، أَي بالمَتَاع مثْله.
__________________
(*) في القاموس : «أو» بدل : «و».
(١) التهذيب واللسان : «يعترض الناس».
(٢) التهذيب واللسان : «ألاّ».
(٣) الأصل والصحاح ، وفي اللسان : تعيبه.