«في» أَفْضَى مَعْنَى الاعْترَاض ، فَنصَبَ «أَنْ». وقال الفرّاءُ : أَي لا تَجْعَلُوا الحَلِفَ بِالله مُعْتَرِضاً مَانِعاً لَكُمْ أَن تَبَرُّوا (١).
وقال غَيْرُهُ : يُقَالُ : هم ضُعَفاءُ عُرْضَةٌ لكُلِّ مُتَنَاوِلٍ ، إِذَا كَانُوا نُهْزَة لكُلّ مَنْ أَرادَهُمْ. ويُقَال : جَعَلْتُ فُلاناً عُرْضَةً لكَذَا وكَذَا ، أَي نَصَبْتُه لَهُ (٢). قال الأَزْهَريُّ : وهذا قَريبٌ ممَّا قالَهُ النَّحْوِيُّون ، لأَنَّه إِذا نُصِبَ فَقَدْ صَارَ مُعْتَرِضاً مَانِعاً. وقيل مَعْنَاهُ أَيْ نَصْباً مُعْتَرِضاً لِأَيْمَانِكُمْ كَالْغَرَضِ الَّذي هُوَ عُرْضَةٌ للرُّمَاة. وقيلَ : مَعْنَاهُ قُوَّة لِأَيْمانِكُمْ ، أَي تُشَدِّدُونَها بذِكْرِ الله.
والاعْتِرَاضُ : المَنْعُ ، قال الصَّاغَانيُّ : والأَصْلُ فيه أَنَّ الطَّريقَ المَسْلُوكَ إِذَا اعْتَرَضَ فيه بِنَاءٌ أَو غَيْرُهُ ، كالجِذْع أَو الجَبَل ، مَنَعَ السَّابِلَةَ من سُلُوكِه ، فوَضَعَ الاعْترَاضَ مَوْضِعَ المَنْعِ لهذَا المَعْنَى ، وهو مُطَاوِعُ العَرْضِ. يُقَالُ : عَرَضْتُهُ فاعْتَرَضَ.
والعُرَاضُ ، كغُرَابٍ : العَرِيضُ ، وقد عَرُضَ الشَّيْءُ عُرَاضَةً ، فهو عَرِيضٌ وعُرَاضٌ ، مثْلُ كَبيرٍ وكُبَارٍ ، كما في الصّحاح. والعُرَاضَةُ تَأْنِيثُهَا. والعَرِيضَةُ تَأَنيثُ العَرِيض.
والعُرَاضَةُ الهَدِيَّةُ يُهْدِيها الرَّجُلُ إِذا قَدِمَ من سَفرٍ. وفي الصّحاح. ويُقَال : اشتَرِ عُرَاضَةً لِأَهْلكَ ، أَي هَدِيَّةً وشَيْئاً تَحْمِلُهُ إِلَيْهم ، وهو بالفارسيَّة «راه آوَرْدْ» (٣) وقال اللِّحْيَانيّ : عُرَاضَةُ القَافِلِ مِن سَفَره : هَدِيَّتُهُ الَّتي يُهْدِيها لِصبْيَانِه إِذا قَفَلَ منْ سَفَرِه.[وما يُحْمَلُ إِلَى الْأَهْلِ]*.
والعُرَاضَةُ أَيْضاً : ما يُعَرِّضُه المائِرُ ، أَي يُطْعِمُه من المِيرَة ، كما في الصّحاح. وقال الأَصْمَعيُّ : العُرَاضَةُ : ما أَطْعَمَهُ الرَّاكبُ مَن استَطْعَمَهُ مِن أَهْلِ المِيَاهِ.
وعُوَارِضٌ ، بالضَّمِّ : جَبَلٌ فيه ، وفي الصّحاح : عَلَيْه قَبْرُ حاتِم بن عَبْدِ الله بن الحَشْرَج الطائِيّ ، السَّخِيِّ المَشْهُور ، ببِلادِ طَيِّئٍ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لعَامرِ بْن الطُّفَيْل :
فَلَأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوَارِضاً |
|
ولأقْبِلَنَّ الخَيْلَ لابَةَ ضَرْغَدِ |
أَي بقَناً وبِعُوَارضٍ ، وهُمَا جَبَلانِ.
قلتُ : أَمَّا قَناً بالفَتْح فإِنَّهُ جَبَلٌ قُرْبَ الهَاجِرِ ، لبَنِي مُرَّةَ ، مِنْ فَزَارَةَ ، كما سَيَأْتِي ، وأَمَّا عُوَارِضٌ فإِنَّه جَبَلٌ أَسْوَدُ في أَعْلَى دِيَارِ طَيِّىءٍ وناحِيَةِ دَارِ فَزَارَةَ.
ومن المَجَاز : أَعْرَضَ في المَكَارِم : ذَهَبَ عَرْضاً وطُولاً. قال ذُو الرُّمَّة :
فَعَالُ فَتًى بَنَى وبَنَى أَبُوهُ |
|
فأَعْرَضَ في المَكَارِمِ واسْتَطالا |
جاءَ به على المَثَلِ لِأَنَّ المَكَارِمَ لَيْسَ لَها طُولٌ ولا عَرْضٌ في الحَقِيقَةِ.
وأَعْرَضَ عَنْهُ إِعْرَاضاً : صَدَّ ، ووَلاَّهُ ظَهْرَه.
وأَعْرَضَ الشَّيْءَ : جَعَلَهُ عَرِيضاً ، نَقَلَهُ ابنُ القَطّاع واللَّيْثُ.
وأَعْرَضَتِ المرأَةُ بوُلْدِهَا بضَمِّ الواو وسُكُون الَّلام : وَلَدَتْهُم عِرَاضاً ، بالكَسْر ، جَمْعُ عَرِيضٍ.
وأَعْرَضَ لَكَ الشَّيْءُ مِنْ بَعيدٍ : ظَهَرَ وبَدَا ، قال الشَّاعرُ :
إِذا أَعْرَضَتْ دَاوِيَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ |
|
وغَرَّدَ حَادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقَا (٤) |
أَي بَدَتْ. وعَرَضْتُهُ أَنَا ، أَيْ أَظْهَرْتُهُ ، شَاذٌّ ، ككَبَبْتُهُ ، فأَكَبَّ. وفي الصّحاح : وهو مِنَ النَّوَادر ، وكَذَا في تَهْذيب ابن القَطّاع ، وسَتأْتي نَظَائِرُهُ في «قشع» ، و «شنق» ، و «جفل». ومَرَّتْ أَيْضاً في «كبّ» وفي الصّحاح قَولُهُ تَعَالَى : (وَ) عَرَضْنا (جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ) عَرْضاً (٥) وقال الفَرَّاءُ : أَيْ أَبْرَزْنَاهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِا الكُفَّارُ.
وأَعْرَضَتْ هي : اسْتَبانَتْ وظَهَرَتْ.
وفي حَديث عُمَرَ : «تَدَعُونَ أَميرَ المُؤْمنين وهو مُعْرَضٌ لكم» هكذَا رُوِيَ بالفَتْح. قال الحَرْبيّ : والصَّوابُ بالكَسْرِ.
يُقَال : أَعْرَضَ الشَّيْءُ يُعْرِضُ مِنْ بَعِيدٍ ، إِذَا ظَهَرَ ، أَي تَدَعُونَهُ وهو ظَاهِرٌ لَكُم. وقال ابنُ الأَثير : والشَّيْءُ مُعْرِضٌ لَكَ :
__________________
(١) زيد في التهذيب واللسان : فجعل العرضة بمعنى المعترض.
(٢) هو قول ابن دريد كما نقله الأزهري.
(٣) ضبطت عن اللسان.
(*) ساقطة من المصرية والكويتية.
(٤) اللسان هنا بدون نسبة ، وفي مادة غرد نسبه لسويد بن كراع العكلي.
(٥) سورة الكهف الآية ١٠٠.