والعَرَضُ ، بالتَّحْرِيك : ما يَعْرِضُ لِلإِنْسَانِ من مَرَضٍ ونَحْوِهِ ، كالهُمُومِ والأَشْغَالِ. يُقَالُ : عَرَضَ لي يَعْرِضُ ، وعَرِضَ يَعْرَضُ ، كضَرَبَ وسَمِعَ ، لُغَتَان. وقيل : العَرَضُ : من أَحْدَاثِ الدَّهْرِ ، من المَوْتِ والمَرَضِ ونَحْوِ ذلك. وقال الأَصْمَعِيّ : العَرَضُ : الأَمْرُ يَعْرِضُ للرَّجُل يُبْتَلَى به. وقال اللِّحْيَانيّ : العَرَضُ : ما عَرَضَ للإِنْسَانِ من أَمْرٍ يَحْبِسُه من مَرَضٍ أَوْ لُصُوص. وقال غَيْرُهُ : العَرَضُ : الآفَةُ تَعْرِضُ في الشَّيْءِ ، وجَمْعُه أَعْرَاضٌ. وعَرَضَ له الشَّكُّ ونَحْوُهُ مِنْ ذلكَ.
والعَرَضُ : حُطَامُ الدُّنْيَا ومَتَاعُها.
وأَما العَرْضُ بالتَّسْكينِ فمَا خَالَفَ النَّقْدَيْن (١) من مَتَاعِ الدُّنْيَا وأَثَاثِها ، والجَمْعُ عُرُوضٌ ، فكُلُّ عَرْضٍ داخِلٌ في العَرَضِ ، وليس كُلُّ عَرَضٍ عَرْضاً.
وعَرَضُ الدُّنْيَا : ما كانَ مِن مالٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، يُقَال : «الدُّنْيَا عَرَضٌ حاضِرٌ ، يَأْكُل مِنْها البَرُّ والفَاجِرُ» ، كما في الصّحاح. وهو حَدِيثٌ مرْفوعٌ ، رَواه شَدّادُ بنُ أَوْسٍ ، رَضِيَ الله عنه.
وفي حديثِه الآخَرِ «لَيْسَ الغِنَى عن كَثْرَةِ العَرَضِ ، إِنَّمَا الغِنَى غِنَى النَّفْسِ».
وقال الأَصْمَعِيّ : العَرَضُ : حُطَامُ الدُّنْيَا وما يُصِيبُ مِنْها الإِنْسَانُ. وقَوْلُه تَعَالى : (يَأْخُذُونَ) عَرَضَ (هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) (٢) ، أَي يَرْتَشُون في الْأَحْكَامِ. وقال أَبُو عُبَيْدَة (٣) : جَمِيعُ مَتَاعِ الدُّنْيَا عَرَضٌ ، بفتح الرّاءِ ، وقَد ظَهَر لَكَ من هذَا أَنَّ العَرَضَ ، بالتَّحْرِيك ، لم يَنْفرِدْ به القَزَّازُ. وقد أَوْهَمَ المُصَنِّفُ آنِفاً عِنْدَ ذِكْرِ العَرْض ، بالتَّسْكِين في ذلِك ، فتَأَمَّلْ.
وقولُه تَعَالَى : (لَوْ كانَ) عَرَضاً (قَرِيباً) (٤) ، العَرَضُ هُنَا : الغَنِيمَةُ ، أَي لو كانَ غَنِيمَةً : قَرِيبَةَ التَّنَاوُلِ.
والعَرَضُ : الطَّمَعُ عن أَبي عُبَيْدَةَ ، وأَنْشَدَ غَيْرُهُ :
مَنْ كانَ يَرْجُو بَقَاءً لا نَفَادَ لَهُ |
|
فلا يَكُنْ عَرَضُ الدُّنْيَا له شَجَنَا |
كما في العُبَابِ.
ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن يُونُسَ : فاتَهُ العَرَضُ. وفَسَّرُوه بالطَّمَعِ. قال عَدِيُّ بنُ زَيْد :
وما هذَا بأَوَّلِ ما يُلاقِي |
|
مِنَ الحِدْثانِ والعَرَضِ القَريبِ |
في اللِّسان : أَي الطَّمَعِ القَرِيب.
والعَرَضُ : اسْمٌ لِمَا لا دَوَامَ لَهُ ، وهو مُقَابِلُ الجَوْهَرِ ، كما سَيَأْتيِ.
والعَرَضُ : أَنْ يُصِيبَ الشَّيْءَ على غِرَّةٍ. ومنه : أَصابَهُ سَهْمُ عَرَضِ ، وحَجَرُ عَرَضٍ ، بالإِضافَةِ فيهما ، كما سَيَأْتي.
والعَرَضُ : مَا يَقُومُ بغَيْرِه ولا دَوَامَ له ، في اصْطِلاحِ المُتَكَلِّمِين ، وهم الفَلاسِفَةُ. وأَنْوَاعُه نَيِّفٌ وثَلَاثُونَ ، مِثْلُ الأَلْوَانِ والطعُومِ ، والرَّوائحِ ، والأَصْوَاتِ ، والقَدَرِ ، والإِرَادَاتِ ، كما في العُبَاب. ولا يَخْفَى لَوْ قَالَ : اسْمٌ لِمَا لا دَوَامَ لَهُ ، وعِنْدَ المُتَكَلِّمِينَ ما يَقُومُ بغَيْرِه ، كانَ أَحْسَنَ.
وفي اللِّسَان : العَرَضُ في الفَلْسَفَة : ما يُوجَدُ في حَامِلِه ويَزُول عَنْهُ ، مِنْ غَيْرِ فَسَادِ حامِلِهِ ، ومنه ما لا يَزُولُ عنه.
فالزَّائلُ منه كأُدْمَةِ الشُّحُوبِ ، وصُفْرَةِ اللَّوْنِ ، وحَرَكَةِ المُتَحَرِّكِ ، وغَيْرُ الزّائلِ كسَوَادِ القَارِ والسَّبَجِ والغُرَابِ.
وفي البَصَائِر : العَرَضُ ، مُحَرَّكَةً : ما لا يَكُونُ له ثَبَاتٌ.
ومنه اسْتَعارَ المُتَكَلِّمُون العَرَضَ لمَا لا ثَبَاتَ لَهُ إِلاَّ بالجَوْهَرِ ، كاللَّوْنِ والطَّعْمِ. وقِيلَ : الدُّنْيَا عَرَضٌ حاضِرٌ ، تَنْبِيهاً أَنْ لا ثَبَاتَ لَهَا.
وقَولُهُم : عُلِّقْتُهَا عَرَضاً ، إِذا هَوِيَ امرأَةً ، أَي اعْتَرَضَتْ لِي فهَوِيتُهَا من غَيْرِ قَصْدٍ. قال الأَعْشَى :
عُلِّقْتُها عرضاً وعُلِّقتْ رَجُلاً |
|
غَيْري وعُلِّقَ أُخْرَى غيْرَها الرَّجُلُ |
كما في الصّحاح.
وقال عنْترَةُ بنُ شَدَّاد :
عُلِّقْتُهَا عَرَضاً وأَقْتُلُ قَوْمَهَا |
|
زَعْماً لَعَمْرُ أَبيكَ لَيْسَ بمَزْعَم |
وقال ابنُ السِّكّيت في قَوْله عُلِّقْتُهَا عَرَضَاً ، أَي كانَت
__________________
(١) في اللسان : فما خالف الثمنين الدراهم والدنانير.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٦٩.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : أبو عبيد.
(٤) سورة التوبة الآية ٤٢.