والفُرُطُ : الفَرَسُ السَّرِيعَةُ التي تَتَفَرَّطُ الخَيْلَ ، أَي تَتَقَدَّمُهَا ، كما في الصّحاحِ. وفي اللَّسَانِ والأَسَاسِ : هي السّابِقَةُ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للَبِيدٍ ـ رضِي الله عنه ـ :
ولقد حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي |
|
فُرُطُ ، وِشَاحِي إِذْ غَدَوْتُ لِجَامُهَا |
زَادَ في الأَسَاسِ : وخَيْلٌ أَفْرَاطٌ.
والفُرَاطَةُ ، كثُمَامَةٍ : الماءُ يَكُونُ شَرَعاً بينَ عِدَّةِ أَحْيَاءٍ ، مَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ فهُوَ لَهُ ، وبِئْرٌ فُرَاطَةٌ كذلِكَ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الماءُ بَيْنَهُم فُرَاطَةٌ ، أَي مُسَابَقَةٌ. وهذا ماءٌ فُرَاطَةٌ بَيْنَ بَنِي فُلانٍ وبَنِي فُلانٍ. ومعناه : أَيُّهُم سَبَقَ إِليه سَقَى ولمْ يُزَاحِمْهُ الآخَرُون.
والَّذِي في العُبَابِ : والفِرَاطُ ، والفِرَاطَةُ : الماءُ يَكُونُ ..
إِلخ ، وفي الصّحاحِ : والماءُ الفِرَاطُ : الَّذِي يَكُونُ لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ من الأَحْيَاءِ ، وقد ضَبَطَا الفِرَاطَةَ بالكَسْر ، فتأَمّلْ.
ومن المَجَاز : الفَارِطانِ : كَوْكبانِ مُتَبَايِنَانِ أمَامَ سَرِيرِ بَنَاتِ نَعْشٍ يَتَقَدَّمانِهَا ، قاله اللَّيْثُ ، قال : وإِنّمَا شُبِّها بالفَارِطِ : الَّذِي يَسْبِقُ القَوْمَ لحَفْرِ القَبْرِ ، ووَقَع في الأَسَاسِ (١) : الفَرَطَانِ.
ومن المَجَازِ : طَلَعَتْ أَفْرَاطُ الصَّباحِ ، أَي تَبَاشِيرُه ، الأُوَلُ لِتَقَدُّمها وإِنْذَارِهَا بالصُّبْحِ ، نَقَلَه اللَّيْثُ ، قال : والوَاحِدُ منها فُرْطٌ (٢) ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ :
باكَرْتُه قَبْلَ الغَطاطِ اللُّغَّطِ |
|
وقَبْلَ جُونِيِّ القَطَا المَخَطَّطِ |
وقَبْل أَفْرَاطِ الصَّباحِ الفُرَّطِ
وفَرَّط الشَّيْء وفيه تَفْرِيطاً : ضَيَّعَه وقَدَّمَ العَجْزَ فيه ، قال صَخْرُ الغَيِّ :
ذلِكَ بَزِّي فلَنْ أُفَرِّطَهُ |
|
أَخافُ أَنْ يُنْجِزُوا الَّذِي وَعَدُوا |
قال ابن سِيدَه : يقُولُ لا أُضَيِّعُه ، وقيل : معناهُ لا أُخَلِّفُهُ ، وقيل : لا أُقَدِّمه وأَتَخَلَّف عنه. قلتُ وفي شَرْحِ الدِّيوان :أَي هو مَعِي لا أُفَارِقُه ولا أُقَدِّمُه. وبَزِّي أَي سِلاحِي.
ويُقَال : فَرَّطَ في الأَمْرِ ، إِذا قَصَّرَ فيه. وفي الصّحاح :التَّفْرِيطُ في الأَمْرِ : التَّقْصِيرُ فيه وتَضْيِيعُه حتّى يَفُوتَ. انتهى.
وفَرَّطَ في جَنْبِ الله : ضَيَّعَ ما عِنْدَه فلم يَعْمَلْ ، ومنه قولُه تَعَالَى : (يا حَسْرَتى عَلى ما) فَرَّطْتُ (فِي جَنْبِ اللهِ) (٣) أَي في أَمْرِ الله ، وفي الحَدِيثِ : «لَيْسَ في النَّوْمِ تَفْرِيطٌ ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ أَنْ لا يُصَلَّى حتّى يَدْخُل وَقْتُ الأُخْرَى».
وقال ابنُ دُرَيْدٍ : فَرَّطَ إِلَيْه رَسُولاً تفْرِيطاً : أَرْسَلَهُ إِلَيْه في خَاصَّتِه وقَدَّمَه.
وفَرَّطَ فُلاناً تَفْرِيطاً : تَرَكَه وتَقَدَّمَهُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ :
مَعَهُ سِقَاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَهُ |
|
صُفْنٌ وأَخْرَاصٌ يَلُحْنَ ومِسْأَبُ (٤) |
أَي : لا يَتْرُكُ حَمْلَه ولا يُفَارِقُه ، وقال أَبُو عَمْرو : فَرَّطْتُكَ في كذا وكذا ، أَي تَرَكْتُكَ. قلتُ : وبه فُسِّرَ قولُ صَخْرِ السابِقُ.
قال ابنُ دُرَيْدٍ : وفَرَّطَه تَفْرِيطاً : مَدَحَه حَتّى أَفْرَطَ في مَدْحِه ، مثل قَرَّظَه ، بالقَافِ والظّاءِ ، كما في العُبَابِ ، وذَكَرَ في التَّكْمِلَةِ ما نَصُّه : وأَنا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ تَصْحِيفَ قَرَّظَه ، بالقافِ والظّاءِ ، إِلاّ أَنْ يكونَ ضَبَطَه. قلتُ : وكأَنَّهُ ظَهَرَ له فِيمَا بَعْدُ صحَّتُه فسَلَّمَه في العُبَابِ ، إِذْ تَأْلِيفُه مُتَأَخِّرٌ عن تَأْلِيفِ التَّكْمِلَةِ.
وقال الخليل : فَرَّطَ الله تَعَالَى عن فُلانٍ مَا يَكْرَهُ ، أَي نَحّاه. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقال : وقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ إِلاّ في الشِّعْرِ ، قال مُرَقِّشٌ ، وهو الأَكْبَرُ ، واسمُه عَمْرُو بن سَعْدٍ :
يا صَاحِبَيَّ تَلَبَّثَا لا تَعْجَلَا |
|
وقِفَا برَبْعِ الدارِ كَيْمَا تَسْأَلَا |
فلَعَلَّ بُطْأَكُمَا يُفَرِّطُ سَيِّئاً |
|
أَوْ يَسْبِق الإِسْرَاعُ خَيْراً مُقْبِلاً |
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ووقع في الأساس الفرطان ، الذي في النسخة التي بأيدينا منه نصه : وطلع الفارطان ، وهما كوكبان أمام بنات نعش ا ه».
(٢) ضبطت بضم فسكون عن اللسان والتهذيب.
(٣) سورة الزمر الآية ٥٦.
(٤) الصفن شيء مثل السفرة يستقى به الماء ، وبعضهم يقول : صَفْنة. والمسأَب : السقاء الضخم عن ديوان الهذليين ١ / ١٨٠.