وأَفْرَاطٌ أَيْضاً ، وتَقَدَّم شاهِدُه في قول وَعْلَةَ الجَرْمِيّ ، كما أَنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي نَصْرٍ.
وهو في نَوَادِرِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ لِوَعْلَة أَيْضاً ، ونَصُّه :
سَائِلْ مُجَاوِرَ جَرْمٍ : هَل جَنَيْتُ لهم |
|
حَرْباً تُزَيِّلُ بَيْنَ الجِيرَة الخُلُطِ |
أَم هَلْ سَمَوْتُ بجَرّارٍ له لَجَبٌ |
|
يَغْشَى مَخَارِمَ بينَ السَّهْلِ والفُرُطِ |
وبما سَرَدْنا يَظْهَرُ لك ما في عِبَارَةِ المُصَنِّفِ من القُصُور ، فتَأَمَّلْه.
وفي الأَسَاسِ : ومن المَجَازِ ؛ بَدَتْ لنا أَفْرَاطُ المَفَازَةِ : وهي ما اسْتَقْدَمَ من أَعْلامِهَا.
والفَرْطُ ، بالفَتْحِ : الحِينُ ، يُقَال : لَقِيتُه في الفَرْطِ بعدَ الفَرْطِ أَي الحِينِ بَعْدَ الحِينِ ، كما في الصّحاحِ. ويُقَال أَيْضاً : إِنَّمَا آتِيه الفَرْطَ ، أَي حيناً. وقِيل : الفَرْطُ : أَنْ تَأْتِيَه في الأَيّامِ مَرَّةً. وقال أبُو عُبَيْدٍ : الفَرْطُ أَنْ تَلْقَى الرَّجُلَ بَعْدَ الأَيَّام ، يُقَال : إِنّمَا أَلْقَاه في الفَرْطِ. وقال ابنُ السِّكِّيتِ : الفَرْطُ : أَنْ يُقَال : آتِيكَ فَرْطَ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْن ، والفَرْطُ : اليَوْمُ بينَ اليَوْمَيْنِ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِلَبِيدٍ :
هَل النَّفْسُ إِلاّ مُتْعَةٌ مُسْتَعارَةٌ |
|
تُعَارُ (١) فتَأْتِي رَبَّهَا فَرْطَ أَشْهُرِ |
وقال ابُو عُبَيْدٍ : ولا يَكُونُ الفَرْطُ في أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، هكذَا في النُّسَخِ. وفي الصّحاحِ : من خَمْسَ عَشَرَةَ لَيْلَةً ، قال غيرُه : ولا يَكُونُ أَقَلَّ من ثَلاثَةٍ ، وفي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ : «كان النَّاسُ إِنّمَا يَذْهَبُون فَرْطَ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ فيَبْعَرُون كما تَبْعَرُ الإِبِلُ» أَي بعدَ يَوْمَيْنِ. وقالَ بعضُ العَرَبِ : مَضَيْتُ فَرْطَ سَاعَةٍ ولم أُومِنْ أَنْ أَنْفَلتَ. فقيل له : ما فَرْطَ ساعة؟ فقال : كَمُذْ أَخَذْتَ في الحَدِيثِ ، فأَدْخَلَ الكافَ على مُذْ. وقولُه : ولم أَومِنْ ، أَي : لم أَثِقْ ولم أُصَدِّقْ أَنَّي أَنْفَلِتُ.
والفَرْطُ : طَرِيقٌ ، عن أَبِي عَمْرٍو أَو : ع ، بتِهَامَةَ قُرْبَ الحِجَازِ. قال غَاسِلُ بنُ غُزَيَّةَ الجُرَبِيُّ :
سَرَتْ من الفَرْطِ أَو مِنْ نَخْلَتَيْن (٢) فَلَمْ |
|
يَنْشَبْ بها جَانِبا نَعْمَانَ فالنُّجُدُ |
وقال عبدُ مَنَاف بنُ رِبْعٍ الهُذَلِيُّ :
فما لَكُم والفَرْطَ لا تَقْرَبُونَهُ |
|
وقَدْ خِلْتُه أَدْنَى مَآبٍ لقَافِلِ |
قلت : ويُرْوَى «أَدْنَى مَزَارٍ لقائلِ» ، من القَيْلُولَة.
والقَصِيدَةُ يَرْثي بها دُبَيَّةَ (٣) السُّلَمِيَّ سَادِنَ العُزَّى ، وأُمُّه هُذَلِيَّةٌ.
والفَرَطُ ، بالتَّحْرِيكِ : المُتَقَدِّمُ إلى الماءِ ، كالرّائِدِ في الكَلَاءِ ، أَي يَتَقَدَّمُ على الوَارِدَةِ فيُهَيِّىءُ لهم الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويَمْدُرُ الحِيَاضَ ويَسْتَقِي لهم ، وهو فَعَلٌ بمَعْنَى فاعِل ، مثلُ تَبَعٍ بمَعْنَى تابعٍ ، يكونُ للوَاحِدِ والجَمْعِ (٤) ، يُقَال رَجُلٌ فَرَطٌ ،وفي الحَدِيثِ : «أَنْتُم لنا فَرَطٌ ونَحْنُ لكُمْ تَبَعٌ».
وكانَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ إِذا صَلَّى على الصَّبِيِّ قال : «اللهُمَّ اجْعَلْه لنا سَلَفاً وفَرَطاً وأَجْراً» وفي الحَدِيثِ : «فأَنَا فَرَطُكُم على الحَوْضِ».
وفيه أَيْضاً : «من كانَ له فَرَطانِ مِنْ أُمَّتِي دَخَلَ الجَنَّةَ».
وفي حَدِيثِ ابْنُ عَبّاسٍ قال لعائشةَ ، رضياللهعنهم : «تَقْدَمِينَ على فَرَطِ صِدْقٍ» يَعْنَي رَسُولَ الله صلىاللهعليهوسلم وأَبَا بَكْرٍ رضِي الله عنه.
والفَرَطُ أَيضاً : الماءُ المُتَقَدِّم لغَيْرِه من الأَمْوَاهِ ، وهو مَجَازٌ.
ومن المَجَازِ أَيضاً : الفَرَط : ما تَقَدَّمَك من أَجْرٍ وعَمَلٍ.
وكذا ما لَمْ يُدْرِكْ من الوَلَدِ ، أَي لَمْ يَبْلُغ الحُلُمَ ، جَمعُه أَفْرَاطٌ. وقيل : الفَرَط يَكُونُ وَاحِداً وجَمْعاً.
والفُرُطُ ، بضَمَّتَيْن : الظُلْمُ والاعْتِداءُ ، وبه فُسّر قولُه تعالَى (وَكانَ أَمْرُهُ) فُرُطاً (٥) وقيل : الأَمْرُ الفُرُطُ : المُجَاوَزُ فيهِ عن الحَدِّ (٦) ، يُقَال كلُّ أَمْرِ فُلانٍ فُرُطٌ ، أَي مُفْرَطٌ فيه مُجَاوَزٌ حَدُّه ، كما في الأسَاسِ والصّحاحِ.
__________________
(١) عن اللسان والصحاح والتهذيب وبالأصل «تعاد».
(٢) في معجم البلدان «فرط» من رملتين.
(٣) عن ديوان الهذليين ٢ / ٤٣ وبالأصل «رببة» انظر قصة قتله خزانة الأدب ج ٣ / ١٧٤.
(٤) في القاموس : والجميع.
(٥) سورة الكهف الآية ٢٨.
(٦) في اللسان : وأمر فُرُط أي مجاوز فيه الحدّ.