[أَمرٌ] (١) أَي بَدَرَ وسَبَقَ ، وفي الأَسَاس من المجاز : أَنْ يَفْرُطَ (٢) عَلَيْنَا منه بَادِرَةٌ.
وفَرَطَ عَلَيْنَا فُلانٌ : عَجِلَ بمَكْرُوهٍ.
ومن المَجَازِ : فَرَطَ الرَّجُلُ وُلْداً ، بالضَّمِّ ، أَي ماتُوا له صِغَاراً ، فكأَنَّهُم سَبَقُوه إِلى الجَنَّةِ. ونصُّ ابنِ القَطّاع : فَرَطَ الرَّجُلُ وَلَدَه : تَقَدَّمه إِلى الجَنَّةِ.
وفَرَطَ إِلَيْه رَسُولَه ، أَي قَدَّمَهُ وأَعْجَلَهُ (٣). وذكر ابنُ دُرَيْدٍ هذا المعنَى في فَرَّطَه تَفْرِيطاً. وسَيَأْتِي للمُصَنِّفِ قَرِيباً وفي اللَّسَانِ : أَفْرَطَه إِفْرَاطاً بهذا المَعْنَى. وأَمَّا فَرَطَه فَرْطاً فلم أَرَهُ لأَحَدٍ من الأَئِمَّةِ ، والمادَّةُ لا تَمْنَعه.
وقال أَبو عَمْرٍو : فَرَطَت النَّخْلَةُ : إِذا تُرِكَت وما لُقِّحَتْ حَتَّى عَسَا طَلْعُها. وأَفْرَطَهَا غَيْرُها ، كما في العُبَابِ.
وفَرَطَ القَوْمَ يَفْرِطُهُمْ (٤) فَرْطاً ، بالفَتْحِ ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوهَرِيُّ ، وفَرَاطَةً ، كسَحَابَةٍ ، كما في المُحْكَمِ ، وفي العُبَابِ : والمَصْدَرُ فَرْطٌ وفُرُوطٌ : تَقَدَّمَهُمْ إِلى الوِرْدِ ، وفي الصّحاحِ : سَبَقَهُم إِلى الماءِ ، زادَ في العُبَابِ : وتَقَدَّمَهُم.
وفي المُحْكَمِ : لإِصْلاحِ الحَوْضِ والأَرْشِيَةِ والدِّلاءِ ، أَي ليُهَيِّئَهَا لهم ، وهُمُ الفُرَّاط كرُمَّان ، جمع فَارِطٍ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للقُطامِيِّ :
فاسْتَعْجَلُونا وكانُوا من صَحَابَتِنَا |
|
كَمَا تَعَجَّلَ (٥) فُرَّاطٌ لِوُرّادِ |
وشاهدُ الفَارِطِ للوَاحِدِ قولُ الشاعر :
فأَثَارَ فَارِطُهُم غَطَاطاً جُثَّماً |
|
أَصْواتُهَا كَتَرَاطُن الفُرْسِ |
والفَرْطُ ، بالفَتْحِ : الاسْمُ من الإِفْرَاطِ ، وهو مُجَاوَزَة الحَدّ في الأَمْر ، يُقال : إِيّاكَ والفَرْطَ في الأَمْرِ ، كما في الصّحاحِ ، والفَرْط : الغَلَبَةُ ، ومنه فَرْطُ الشَّهْوَةِ والحُزْنِ ، أَي غَلَبَتُهُما.
والفَرْطُ : الجَبَلُ الصَّغِيرُ ، جمعه فُرُطٌ ، عن كُرَاع. أَو الفَرْطُ : رَأْسُ الأكَمَةِ وشَخْصُها ، والذي في الصّحاح : الفُرُط ، أَي بضَمتين : وَاحِدُ الأفْرَاطِ ، وهي آكَامٌ شَبِيهَاتٌ بالجِبَال (٦) ، يُقَالُ : البُومُ تَنُوح عَلَى الأَفْرَاطِ. عن أَبِي نَصْرٍ ، قال وَعْلَة الجَرْميّ :
أَم هَلْ سَمَوتُ بجَرّارٍ له لَجَبٌ |
|
جَمُّ الصَّواهِلِ بينَ السَّهْلِ والفُرُطِ |
والَّذِي في العُبَابِ : الفُرُطُ. والفُرْط أَيْضاً : وَاحِدُ الأَفْرَاطِ ، وهي آكامٌ شَبِيهاتٌ بالجِبَالِ ، وأَنْشَدَ لحَسّانِ بنِ ثابِتٍ رَضِيَ الله عنه :
ضَاقَ عَنَّا الشَّعْبُ إِذْ نَجْزَعُهُ |
|
وَمَلأْنا الفُرْطَ مِنْهُمْ والرَّجَلْ |
قلتُ : وفَسَّره اليَزِيدِيُّ بسَفْحِ الجِبَالِ ، قال : وجَمْعُه أَفْرَاطٌ ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ. وأَما قولُ ابنِ بَرّاقَةَ الهَمْدَانَّي :
إِذا اللَّيْلُ أَرْخَى واسْتَقَلَّت نُجُومُه |
|
وصَاحَ من الأفْرَاطِ هَامٌ جَوَاثِمُ (٧) |
فاخْتَلَفُوا في هذا فقال بَعْضُهُم : أَرادَ به أَفرَاطَ الصُّبْحِ ، لأَنَّ الهامَ إِذا أَحَسَّ بالصَّبَاحِ صَرَخَ. قلتُ وأَنْشَدَه ابنُ بَرِّيّ :
إِذا اللَّيْلُ أَرْخَى واكْفَهَرَّت نُجُومُه
ونَسَبَهُ للأَجْدَعِ الهَمْدَانِيِّ وأَنْشَدَ (٨) ابنُ دُرَيْدٍ عَجُزَه غير مَنْسُوبٍ هكذا :
وصَاحَ على الأفْرَاطِ بُومٌ جَوَاثِمُ
ثم قال الصّاغَانِيُّ : وقال آخَرُون : الفَرْطُ العَلَمُ المُسْتَقِيمُ من أَعْلَامِ الأَرْضِ يُهْتَدَى به ، ج : أَفْرُطٌ ، كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ، أَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ :
والبُومُ يَبْكِي شَجْوَهُ في أَفْرُطِهْ
__________________
(١) زيادة عن التهذيب.
(٢) في الأساس : ونخاف أن تفرط علينا منه بادرةٌ.
(٣) في القاموس : قدّمه وأرسله.
(٤) الأصل والقاموس واللسان وبهامشه : قوله وفرط القوم يفرطهم كذا ضبط الأصل ، وهو لفظ المجد ، فمفاده أنه من باب ضرب. قال في المختار : وبابه نصر. وقال في المصباح : هو من باب قعد.
(٥) اللسان : كما تقدم.
(٦) عن التهذيب واللسان وبالأصل «بالحبال».
(٧) اللسان وروايته فيه :
إذا الليل أدجى واكفهرت نجومه |
|
وصاح من الأفراط بومٌ جواثمُ |
(٨) العبارة من هنا إلى قوله يوم جواثم وردت في الأصل بعد قوله كما أنشده الجوهري عن أبي نصر ، فقد مناها إلى هنا لمقتضى السياق ، وقد قدمت العبارة أيضاً في المطبوعة الكويتية.