وقُرَاهَا فيما ذَكَرَ بَعْضُ مُؤَرِّخِيهَا مِائَتَانِ وسَبْعُونَ قَرْيَةً ، نَقَلَ ذلِكَ ابن خيريّ مُرَتِّبُ رِحْلَةِ ابن بَطُّوطَة وغيرُه مّمن أَرَّخَها. وآثَارُهَا جَلِيلَةٌ كَثِيرَةٌ لا يَسَعُهَا هذا المُخْتَصَرُ ، والله يَرُدُّهَا دارَ إِسْلامٍ ، بمُحَمَّدٍ وآلِه عليهمُ السَّلام.
[غطط] : غَطَّهُ في الماءِ يَغُطُّه ويَغِطُّه من حَدِّ نَصَرَ وضَرَبَ ، وعَلَى الأُولَى اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ ، غَطًّا ، بالفَتْحِ : غَطَّسَهُ وغَمَسَه. وفي الصّحاحِ : مَقَلَه وغَوَّصَه فيهِ.
وقال أَبُو زَيْدٍ : غَطَّ البَعِيرُ يَغِطُّ ، بالكَسْرِ ، غَطِيطاً ، أَي هَدَرَ في الشِّقْشِقَةِ ، فإِذَا لَمْ يَكُنْ في الشَّقْشِقَةِ فهو هَدِيرٌ ، والنّاقَةُ تَهْدِرُ ولا تَغِطُّ ، لأَنَّه لا شِقْشِقَةَ لها ، كما في الصّحاحِ ، ومِنْهُ الحَدِيثُ : «والله ما يَغِطُّ لنا بَعِيرٌ».
وقال امْرُؤُ القَيْسِ :
يَغِطُّ غَطِيطَ البَكْرِ شُدَّ خِنَاقُه |
|
لِيَقْتُلَنِي والمَرْءُ ليسَ بقَتّالِ |
وغَطَّ النائمُ يَغِطُّ غَطًّا ، وغَطِيطاً : صاتَ ونَخَرَ ، ومنه حَدِيثُ نُزُولِ الوَحْي : «فإِذا هُو مُحْمَرٌّ وَجْهُه (١) ، يَغِطُّ» وفي حَدِيثٍ آخرَ : «نامَ حَتَّى سُمِعَ غَطِيطُه» وهو الصَّوتُ الَّذِي يَخْرُجُ مع نَفَسِ النّائِمِ ، وهو تَرْدِيدُه حَيْثُ لا يَجِدُ مَسَاغاً ، وكَذَا نَخِيرُ المَذْبُوح والمَخْنُوق يسمَّى غَطِيطاً ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والغَطَاطُ ، كسَحَابٍ : القَطَا ، كما في المُحْكَم ، أَو ضَرْبٌ منه ، كما في الصّحاحِ ، وقال غيرُه : ضَرْبٌ من الطَّيْرِ ليسَ من القَطا ، هُنَّ غُبْرُ الظُّهُورِ والبُطُونِ والأَبْدَانِ سُودُ بُطُونِ الأَجْنِحَةِ ، طِوَالُ الأَرجُلِ والأَعْنَاقِ ، لِطَافٌ لا تَجْتَمِعُ أَسْرَاباً ، أَكْثَرُ ما تَكُونُ ثَلاثاً واثْنَتَيْنِ ، الوَاحِدَةُ غَطَاطَةٌ بهَاءٍ ، كما في الصّحاحِ. وقِيل : القَطَا ضَرْبَانِ : فالقِصَارُ الأَرْجُلِ ، الصُّفْرُ الأَعْنَاقِ ، السُّودُ القَوَادِمِ الصُّهْبُ الخَوَافِي ، هي الكُدْرِيَّة والجُونِيَّة ، والطِّوَالُ الأَرْجُلِ البِيضُ البُطُونِ ، الغُبْرُ الظُّهُورِ الواسِعَةُ العُيُونِ هي الغَطَاطُ.
وقالَ أَبو حَاتِمٍ : بأَخْدَعَيِ الغَطَاطَةِ مِثْلُ الرَّقْمَتَيْنِ خَطّانِ : أَسْوَدُ ، وأَبْيَضُ ، وهي لَطِيفَةٌ فُوَيْقَ المُكّاءِ ، قال الشّاعِرُ :
فأَثَارَ فارِطُهُم غَطَاطاً جُثَّماً |
|
أَصْوَاتُهَا كتَرَاطُنِ الفُرْسِ |
كذا في اللّسَانِ. قلتُ : والَّذِي جاءَ في شِعْرِ حُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه :
ومحوَّضٍ صَوْتُ الغَطَاط بِهِ |
|
رَأْدَ الضُّحَى كتَرَاطُنِ الفُرْسِ |
وقالَ الهَذَلِيُّ :
وماءٍ قد وَرَدْتُ أُمَيْمَ طامٍ |
|
على أَرْجَائه زَجَلُ الغَطَاطِ (٢) |
وقال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ :
لا يُجْفِلُون عن المُضَافِ ولو رَأَوْا |
|
أُولَى الوَعَاوعِ كالغَطَاطِ المُقْبِلِ (٣) |
وأَوْرَدَ الجَوْهَرِيُّ هذا الشّطْرَ الأَخِيرَ ، ونَسَبَه لابْنِ أَحْمَرَ ، وهو غَلَطٌ ، والصّوابُ لأَبِي كَبِيرٍ كما ذَكَرْنا ، وهُوَ مَوْجُودٌ هكذَا في شِعْرِه في الدِّيوانِ. قال الجَوْهَرِيُّ : فمَن رَواه بالضَّمِّ شَبَّهَهُم بسَوَادِ السَّدَفِ ، ومَنْ رَواهُ بالفَتْح شَبَّهَهُم بالقَطَا. قلتُ : واقْتَصَرَ السُّكَّرِيُّ في شَرْحِ الدِّيوَانِ عَلَى الفَتْحِ فقط ، وفَسَّرَه بطائِرٍ يُشْبِهُ القَطَا. وقَوْلُنَا : وهُوَ غَلَطٌ ، نَبَّه عليهِ ابنُ بَرِّيّ في أَمالِيه. وأَنْشَدَهُ لأَبِي كَبِيرٍ ، كما ذَكَرتُ ، وقال نُقَادَةُ الأَسَدِيُّ ، ويُرْوَى لرَجُلٍ من بَنِي مازِنٍ :
إِلاّ الحَمَامَ الوُرْقَ والغَطَاطَا
وقال رُؤْبَةُ :
أَذَلّ أَعْنَاقاً من الغَطَاطِ
والغُطَاطُ ، بالضَّمِّ : أَوّلُ الصُّبْحِ ، كذا وَقَعَ في بَعْضِ أُصُولِ الصّحاحِ ، وفي بعضِهَا : الصُّبْحُ ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ :
يا أَيُّهَا الشّاحِجُ بالغُطَاطِ |
|
إِنّي لَوَرّادٌ على الضِّنَاطِ |
وأَنْشَدَ أَبُ العَبّاسِ :
قَامَ إِلى أَدْمَاءَ في الغُطَاطِ |
|
يَمْشِي بمِثْلِ قائمِ الفُسْطاطِ (٤) |
__________________
(١) في النهاية واللسان : محمرّ الوجه.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ٢٤ في شعر المتنخل.
(٣) ديوان الهذليين ٢ / ٩١ في شعر أبي كبير.
(٤) الرجز في اللسان حطط ونسبه لزياد الطماحي ، وقد روى الأرجوزة ابن بري كاملة في أماليه وفيه :
قام إلى عذراء في الغطاط
وفي المقاييس ٣ / ٣٨٤.
قام إلى حمراء ...