وفي اللِّسَانِ : هو شُكْرُ الله على ما أَنْعَمَ وأَفْضَلَ وأَعْطَى ، وفي الصّحاحِ والمُحْكَم : غَبَطْتُه بِمَا نالَ أَغْبِطُهُ غَبْطاً وغِبْطَةً فاغْتَبَطَ هو ، كقَوْلِكَ مَنَعْتُه فامْتَنَعَ ، وحَبَسْتُهُ فاحْتَبَسَ ، قال الشّاعِرُ :
وبَيْنَمَا المَرْءُ في الأَحْيَاءِ مُغْتَبِطٌ |
|
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعَاصِيرُ |
أَي هو مُغْتَبِطٌ ، أَنْشَدَنِيه أَبُو سعِيدٍ بكَسْرِ الباءِ ، أَي هو مَغْبُوطٌ ، كما في الصّحاحِ.
قلتُ : وهو قولُ عُشِّ بنِ لَبِيدٍ العُذْرِيّ ، ويُروَى لحُرَيْثِ بنِ جَبَلَةَ العُذْرِيِّ ، ورَوَاهُ المَرْزُبَانِيُّ لجَبَلَةَ بنِ الحارِثِ العُذْرِيِّ ، ووُجِدَ بخطِّ أَبِي سَعِيدٍ السُّكَّرِيِّ في أَشْعَارِ بَنِي عُذْرَةَ :
...مُغْتَبِطٌ |
|
إِذْ صارَ رَمْساً تُعَفِّيهِ الأَعَاصِيرُ |
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : يَجُوزُ هو مُغْتَبَطٌ ، بفَتْحِ الباءِ ، وقد اغْتَبَطْتُه ، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ ، وقد تَقَدَّم لهذا البَيْتِ ذِكْرٌ في «ع ص ر» وقِصَّةٌ ، فراجِعْه.
* ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه :
رَجُلٌ مَغْبُوطٌ ومُغْتَبِطٌ : في غِبْطَةٍ ، ومُغْتَبَطٌ أَيضاً.
والإِغْبَاطُ : مُلازَمَةُ الرُّكُوبِ ، وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ :
حَتَّى تَرَى البَجْبَاجَةَ الضَّيّاطَا |
|
يَمْسَحُ لَمَّا حالَفَ الإِغْبَاطَا |
بالحَرْفِ من سَاعِدِهِ المُخَاطَا
وقال ابنُ شُمَيْلٍ : سَيْرٌ مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ ، أَي دائمٌ لا يَسْتَرِيحُ ، وقد أَغْبَطُوا على رُكْبَانِهِم في السَّيْرِ ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرِّحَالَ عَنْهَا لَيْلاً ولا نَهَاراً ، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ :
في ظِلِّ أَجَّاجِ المَقِيظِ مُغْبِطِه
وقال اللَّيْثُ : فَرَسٌ مُغْبَطُ الكاثِبَة ، كمُكْرَمٍ ، إِذا كان مُرْتَفِعَ المَنْسِجِ. وهو مَجَازٌ ، شُبِّه بصَنْعَةِ الغَبِيط ، وفي الأَسَاس : كأَنّ عليه غَبِيطاً ، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ لِلَبِيدٍ :
ساهِمُ الوَجْهِ شَدِيدٌ أَسْرُهُ |
|
مُغْبَطُ الحارِكِ مَحْبُوكُ الكَفَلْ |
ومن سَجَعاتِ الأَسَاسِ : طَلَبُ العُرْفِ من الطُّلاّب ، كغَبْطِ أَذْنابِ الكِلَاب.
وتَقُولُ : أُكْرِمْتَ فاغْتَبِطْ ، واستكرمْتَ فارْتَبِطْ.
وَأَصَابَتْه حُمَّى مُغْبِطَةٌ ، كما يُقَال : مُطْبِقَةٌ ، وهو مَجَازٌ ، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
خَوَّى قَلِيلاً غَيْرَ ما اغْتِبَاطِ
ولم يُفَسِّرْه ، قال ابنُ سِيدَه : عِنْدِي أَنَّ مَعْنَاه : لم يَرْكَنْ إِلى غَبِيطٍ من الأَرْضِ وَاسِعٍ ، وإِنَّمَا خَوَّى على مَكَانٍ ذِي عُدَوَاءَ غيرِ مُطْمَئِنٍّ.
واسْتَدْرَكَ شَيْخُنا : غَبَطَ ، إِذا كَذَبَ ، نَقْلاً عن ابْنِ القَطّاعِ. قلتُ : راجَعْتُه في كتاب الأَبْنِيَة له فوَجَدْتُ فيه كما قال شَيْخُنا ، غيرَ أَنَّه تَقَدَّم في «ع ب ط» هذا المَعْنَى بعَيْنِه ، فلعلَّه تَصَحَّفَ على ابْنِ القَطّاع ، إِذ انْفَرَدَ به ، ولم يَذْكُرْه غيرُه ، فيُحْتَاجُ إِلى نَظَرٍ وتَأَمُّلٍ.
وغِبْطَةُ بِنْتُ عَمْرٍو المُجَاشِعِيَّةُ ، بالكَسْر ، رَوَتْ عن عَمَّتِهَا أُمِّ الحَسَن عن جَدَّتِهَا عن عائِشَةَ.
[غرنط]
غَرْناطَةُ ، كصَمْصامَةٍ ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللَّسَانِ ، وقال : ياقُوت والصّاغَانِيُّ : هو د ، بالأَنْدَلُس ، وعليه اقتَصَر في التَّكْمِلَة ، وقال في العُبَابِ : أَو هُوَ لَحْنٌ والصَّوابُ كما قاله بَعْضُهُم أَغَرْنَاطَةُ بزِيادَةِ الأَلِفِ ، وحَذْفُها لغةٌ عَامِّيَّةٌ (١). قال شَيْخُنَا : ولا لَحْنَ ، فقدْ سُمِّيَت البَلْدَةُ بهما ، ومَعْنَاها : الرُّمّانَةُ بالأَنْدَلُسِيةِ ، وفي العُبَابِ : بلُغَةِ (٢) عَجَمِ الأَنْدَلُسِ. قال شَيْخُنَا : قال الشقنديّ أَمّا غَرْنَاطَةُ فإِنَّهَا دِمَشْقُ بلادِ الأَنْدَلُسِ ، ومَسْرَحُ الأَبْصَارِ ، ومَطْمَحُ الأَنْفُس. وقال غَيْرُهُ : لو لم يَكُنْ لها إِلاّ ما خَصَّها الله به من المَرْجِ الطَّوِيلِ العَرِيضِ ، ونَهر شنيل (٣) لكَفاها ، ولهم فِيهَا تَصانِيفُ وأَشْعَارٌ كثيرٌ ، كقَوْلِ القائِلِ :
غَرْنَاطَةٌ ما لَهَا نَظِيرٌ |
|
ما مِصْرَ ما الشّامُ ما العِرَاقْ |
ما هِيَ إِلاّ العَرُوسُ تُجْلَى |
|
وتِلْكَ من جُمْلَةِ الصَّداقْ |
__________________
(١) وهذا ما نقله ياقوت في معجمه عن ابن بجكم.
(٢) في معجم البلدان «بلسان».
(٣) في معجم البلدان : سنجل.