فيه ، فهو
يَبْغِيهِ الغَوَائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحالِ
، ويَجْتَهِدُ في إِزالَتِها عنه بَغْياً وظُلْماً. وكذلِكَ قولُه تعالى : (أَمْ
يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وفي الحَدِيثِ : «على مَنَابِرَ من نُورٍ
يَغْبِطُهم أَهلُ الجمع» وفي حَدِيثٍ آخر : «يَأْتَي
على النّاسِ زَمَانٌ
يُغْبَطُ الرَّجُلُ
بالوَحْدَةِ كما يُغْبِطُ اليَوْمَ أَبُو العَشرَة» يَعنِي : أَنّ الأئِمّةَ في
صَدْرِ الإِسْلام يَرْزُقون عِيَالَ المُسْلِمِين وذَرارِيَّهم من بَيْت المالِ
فكانَ أَبو العَشرَةِ
مَغْبُوطاً بكَثْرَةِ ما
يَصِلُ إِلَيْهِ من أَرْزَاقِهم ، ثمّ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ أَئِمَّةٌ يَقْطَعُونَ
ذلِكَ عَنْهُم ، فيُغْبَطُ الرَّجُلُ بالوَحْدَةِ ؛ لِخِفَّةِ المَؤُونَة ، ويُرْثَى
لصاحِبِ العِيَالِ.
فهو غَابِطٌ من قَوْمٍ
غُبُطٍ ، ككُتُبٍ ، هكَذا في أُصُول القامُوسِ ، والصّوابُ : كسُكَّرٍ ، كما
في اللَّسَانِ ، وأَنْشَدَ :
والنَّاسُ بَيْنَ شامِتٍ وغُبَّطِ
وفي
الحَدِيثِ ، أَي حَدِيثِ
الدُّعَاءِ : «اللُّهُمَّ غَبْطاً لا هَبْطاً» ، أَي
نَسْأَلُكَ
الغِبْطَةَ ونَعُوذُ بك أَن
نَهْبِطَ عن حالِنَا ، ذَكَرَه أَبو عُبَيْدٍ في أَحادِيثَ لا يُعْرَفُ
أَصْحَابُها ، ومنه نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ ، وقِيلَ : مَعناه : اللهُمَّ ارْتِفاعاً
لا اتِّضاعاً ، وزيادةً من فَضْلِك لا حَوْراً ولا نَقْصاً ، أَو أَنْزِلْنَا
مَنْزِلَةً
نُغْبَطُ عليها ، وجَنَّبْنا مَنازِلَ الهُبُوطِ والضَّعَةِ. وقِيلَ :
مَعْنَاه : نَسأَلُك
الغِبْطَةَ ، وهي
النِّعْمَةُ والسُّرُورُ ، ونَعُوذُ بكَ من الذُّلِّ والخُضُوعِ.
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على الدّابَّةِ ، كما في التَّهْذِيبِ ، وفي الصّحاحِ : على ظَهْرِ
البَعِيرِ : أَدَامَهُ ولم يَحُطَّهُ عنه ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ
للرّاجِز :
وانْتَسَفَ
الجَالِبَ من أَنْدابِهِ
|
|
إِغْبَاطُنا المَيْسَ على أَصْلابِهِ
|
قلتُ : الرَّجَزُ
لحُمَيْدٍ الأَرْقَطِ يَصِفُ جَمَلاً شَدِيداً ، ونَسَبَه ابنُ
بَرِّيّ لأَبِي النَّجْمِ.
ومن المَجَازِ : أَغْبَطَت السَّمَاءُ ، إِذا
دامَ مَطَرُها واتَّصَل.
وقال أَبو
خَيْرَةَ : أَغْبَطَ علينا المَطَرُ ، وهو ثُبُوتُه لا يُقْلِعُ ، بعضُهُ على
أَثرِ بَعْضٍ.
ومن المَجَازِ :
أَيْضاً : أَغْبطَتْ عَلَيْه الحُمَّى ، إِذا دامَتْ ، وقِيلَ : أَي لَزِمَتْه
، وهو من وَضْعِ الغَبِيطِ على الجمَلِ. قال الأَصْمَعِيُّ : إِذا لم تُفَارِق
الحُمَّى المَحْمُومَ أَيّاماً قِيل :أَغْبَطَتْ عليه ، وأَرْدَمَت ، وأَغْمَطَت بالمِيمِ أَيْضاً. قال
الأَزْهَرِيُّ : والإِغْبَاطُ يكون لَازِماً ووَاقِعاً كما تَرَى.
وقال ابنُ
هَرْمَةَ يَصِفُ نَفْسَه :
ثَبْتٌ إِذا
كانَ الخَطِيبُ كَأَنَّهُ
|
|
شَاكٍ يَخافُ
بُكُورَ وِرْدٍ مُغْبِطِ
|
ويُرْوَى : «مُغْمِط»
بالمِيمِ.
وفي الأَسَاسِ : أَغْبَطَت عليه الحُمَّى : كَأَنَّهَا ضَرَبَتْ عليهِ الغَبِيطَ لِتَرْكَبَه كما تقولُ : رَكِبَتْه الحُمَّى ، وامْتَطَتْه
، وارْتَحَلَتْه.
ومن المَجَاز : أَغْبَطَ النَّبَاتُ ، إِذا
غَطَّى الأَرْضَ وكَثُفَ وتَدَانَى حتى كَأَنَّه من
حَبَّةٍ وَاحِدَةٍ. وأَرْضٌ
مُغْبَطَةٌ ، إِذا كانَتْ
كذلِك ، وهو بالفَتْحِ ، أَي عَلَى صِيغَة المَفْعُولِ لا فَتْح أَوَّلِه ، كما
يَتَبَادَرُ إِلى الذِّهْنِ ، رواه أَبو حَنِيفَةَ.
وفي
الحَدِيثِ ، أَي حديثِ
الصَّلاةِ «أَنَهُ صلىاللهعليهوسلم
جاءَ وهُمْ يُصَلُّون في جماعَةٍ فجَعَلَ يُغَبِّطُهم».
قال ابنُ
الأَثِيرِ : هكَذا رُوِيَ
مُشَدَّداً ، أَي يَحْمِلُهم على
الغَبْطِ ، ويَجْعَلُ
هذا الفِعْلَ عِنْدَهُم مِمَّا
يُغْبَطُ عليه. قال : وإِنْ
رُوِيَ بالتَّخْفِيفِ فيَكُونُ قد
غَبَطَهُم لِسَبْقِهِم وتَقَدُّمِهِم
إِلى الصَّلاةِ ، كذا في
النِّهَايَةِ.
والغَبْطُ ، بالفَتْح
ويُكْسَرُ : القَبَضَاتُ المَحْصُودَةُ المصْرُومَةُ من الزَّرْعِ ، ج غُبُوطٌ ، ويُقَال : غُبُطٌ ، بضَمَّتَيْنِ.
وقال الطّائفِيُّ
: الغَبُوطُ : هي القَبضَاتُ الَّتَي إِذا حُصِدَ البُرُّ وُضِعَ قَبْضَةً
، قَبْضَةً الوَاحِدُ
غَبْطٌ ، وقال أَبُو
حَنِيفَةَ : الغُبُوطُ :القَبَضاتُ المَحْصُودَةُ المُتَفَرِّقَةُ من الزَّرْع ،
وَاحدُهَا غَبْطٌ على الغالِب.
والغَبِيطُ كأَمِيرٍ : الرَّحْلُ ، وهو للَّنسَاءِ يُشَدُّ عَليه الهَوْدَجُ ،
كما في الصّحاحِ ، قال امْرُؤُ القَيْسِ :
تَقُولُ وقد
مَالَ الغَبِيطُ بِنَا معاً
|
|
عَقَرْتَ
بَعِيرِي يا امْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ
|
وقيل : هو المَرْكَبُ الَّذِي هو مِثْلُ أُكُفِ
البَخَاتِيِّ ، قالَ
__________________