الكِنَانيّ الجَعْفَرِيّ السُوَيْطِيُّ ، ارتحلَ أَحدُ جُدُودِه منها فنَزَل إِلى رِيفِ مِصْرَ وتَدَيَّرَ بها ، وإِليهم نُسِبت الجَعْفَريّةُ القريَةُ المَشْهُورةُ بالغَرْبِيّة ، وقد تَقَدَّم ذِكْرُها.
[سيط] : سُيُوطُ ، أَو أُسْيُوطُ ، بِضَمِّهما (١) أَهْمَلَهُ الجَمَاعَةُ ، ونَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ هكذا ، بأَو ، لِتَنْوِيعِ الخِلافِ فقَلَّده المُصَنِّف. قال شَيْخُنَا : بل هُمَا ثَابِتَانِ ، وكِلاهُمَا مُثَلَّث ، فهما سِتُّ لُغَاتٍ. وقولُهُم : القِيَاسُ فَعُول بالفَتْحِ كَلامٌ غير مَعْقُول ، إِذا أَسْماءُ الأَماكِنِ ليس فِيهَا قِيَاسٌ يُرْجَعُ إِليه حتى يُعْلَم ، فَضْلاً عن أَنْ يُدَّعَى. وفي كَلامِ المُصَنِّفِ قُصُورٌ من جِهَاتٍ أَوْضَحْناهَا في شَرْحِ الاقْتِراب ، وبَيَّنَّا ما وَقَعَ لشارِحه من الأَوْهَامِ.
قلت : أَمّا المَشْهُورُ على أَلْسِنَةِ العامَّةِ من أَهْلِهَا : سَيُوطُ ، كصَبُور ، وهو الَّذِي أَنْكَرَه شَيْخُنَا ، وعلى أَلْسِنَة الخَاصَّةِ أَسْيُوط ، بالفَتْحِ ، وعلى الأخِيرِ اقْتَصَرَ ياقُوت في مُعْجَمِه.
والتَّثْلِيثُ الَّذِي نَقَلَه شَيْخُنَا فيهما غَرِيبٌ ، وهو ثِقَةٌ فيما يَرْوِيه ويَنْقُله. وقولُه : ة ، عَجِيبٌ من المُصَنِّفِ أَنْ يَجْعَلَ هذِه المَدِينَةَ العَظِيمَةَ قَرْيَةً ، وكأَنَّهُ قَلَّدَ الصّاغَانِيَّ فيما قال ، ولكن في العُباب قَرْيَةٌ جَلِيلةٌ ، فلو قَيَّدها بها على عادَتهِ في بعضِ القُرَى أَصابَ ، والَّذِي في المُعْجَم وغيره : مَدِينَةٌ بصَعِيدِ مِصْرَ ، في غَرْبِيِّ النِّيل ، جَلِيلةٌ كبيرة.
قلتُ : ولها كُورَةٌ مُضَافَةٌ إِليها مُشْتَمِلَةٌ على قُرًى جَلِيلةٍ يَأْتِي ذِكْرُ بَعْضِها في هذا الكِتابِ. ثمّ قال ياقُوتٌ : قال الحَسَنُ بن إِبراهيم المِصْرِيّ : مِن عَمَلِ مِصْرَ أَسيُوطُ ، وبها مَنَاسِجُ الأَرْمَنِيّ والدَّبِيقِيِّ والمُثَلّث (٢) ، وسائرُ أَنواع السُّكَّرِ لا يَخْلُو منه بَلَدٌ إِسلاميٌّ ولا جَاهِلِيٌّ وبها السَّفَرْجَلُ يَزِيدُ في كَثْرَتهِ على كُلِّ بَلَدٍ ، وبها يُعْمَلُ الأُفْيُون ، يُعْتَصَرُ من وَرَق الخَشْخاش الأَسْوَد ، والخَسّ ، ويُحْمَلُ إِلى سائرِ الدُّنيا.
وصُوِّرَت الدُّنْيَا للرَّشِيدِ فلم يَسْتَحْسِنْ إِلاّ كُورَة أَسْيُوط ، وبها ثلاثُون أَلْف فَدَّانٍ في اسْتواءٍ من الأرض لو وَقَعَتْ (٣) قَطْرَةُ ماءٍ لانْتَشَرَت في جَمِيعِهَا لا يَظْمَأُ فيها شِبْرٌ. وكانت إِحْدَى مُتَنَزَّهات أَبِي الجَيْشِ خمَارَوَيْهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ طُولُونَ ، ويُنْسَب إِليها جماعةٌ ، منهم : أَبُو الحَسَن (٤) عَلِيُّ بنُ الخَضِر بنِ عَبْدِ الله الأَسْيُوطِيّ ، توفي سنة ٣٧٢. وغيره.
قلتُ : وقد دَخَلْتُهَا مرَّتَيْن ، وشَاهَدْتُ من عَجَائِبها ، وهي في سَفْحِ الجَبَل الغَرْبِيِّ المُشْتَمِلِ على أَسْرَارٍ وغَرَائِبَ ، أُلِّف فيها الكُتُب. ولهذَهِ المَدِينَةِ تارِيخٌ حَافِلٌ في مجلَّدَيْن ، أَلَّفهُ الحَافِظُ جلالُ الدِّين عبدُ الرَّحْمن بنُ أَبي بَكْرٍ الأَسْيُوطِيُّ خاتِمَةُ المُتَأَخّرِين في سائر الفُنُون ، وقد تَقَدَّم ذِكْرُه في «خ ض ر» فراجِعْهُ.
وسِيَاطٌ ، ككِتَابٍ مُغَنٍّ مَشْهُورٌ ، قال الصّاغَانِيُّ : فإِن جَعَلْتهُ جَمْع سَوْطٍ فمَوْضِعُ ذِكْرِه التَّرْكِيب الذي قَبْلَه.
فصل الشين المعجمة مع الطاء
[شبط] : الشَّبُّوطُ ، كتَنُّورٍ : نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، ويُضَمُّ ، عن اللَّيْثِ ، كما في العُبَابِ ، وفي اللِّسَانِ : عن اللِّحْيَانِيِّ ، قال : وهي رَدِيئَةٌ ، كالقَدُّوسِ والقُدُّوسِ والذَّرُّوحِ والذُّرُّوحِ ، والسَّبُّوح والسُّبُّوح ، والوَاحِدَةُ بهاءٍ ، وقد تُخَفَّفُ المَفْتُوحَةُ ، أَي يُقَال : الشَّبُوطَةُ ، حكَاهُ ابنُ سِيدَه عن بَعْضِهِم ، قال : ولَسْتُ منه على ثِقَةٍ : سَمَكٌ وفي الصّحاحِ : ضَرْبٌ من السَّمَكِ ، وزادَ اللَّيْثُ دَقِيق الذَّنَبِ عَرِيضُ الوَسَطِ لَيِّنُ المَسِّ ، صَغِيرُ الرَّأْسِ ، كأَنَّه بَرْبَطٌ ، وإِنَّمَا يُشَبَّهُ البَرْبَطُ إِذا كان ذا طُولٍ ليس بعَرِيضٍ بالشَّبُّوطِ. والجَمْعُ : شَبَابِيطُ ، ويُقَالُ : قَرَّبُوا إِلَيْهِمِ شَبَابِيطَ كالبرَابِيطِ ، قال الشّاعِرُ :
مُقْبِلٌ مُدَبِرٌ خَفِيفٌ ذَفِيفٌ |
|
دَسِمُ الثَّوْبِ قَدْ شَوَى سَمَكَاتِ |
مِنْ شَبابِيطِ لُجَّةٍ وَسْطَ بَحْرٍ |
|
حَدَثَتْ من شُحُومها عَجِرَات |
وهُوَ أَعْجَمِيٌّ.
وشِبْيَوْطٌ ، ككِدْيَوْنٍ : حِصْنٌ بأُبَّدَةَ ، من أَعمالِ الأَنْدَلُسِ ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.
ونَقَلَ أَبُو عُمَرَ في «يَاقُوتَة الجَلْعَم» : شُبَاط وسُبَاط ،
__________________
(١) في معجم البلدان «أسيوط» : بالفتح ثم السكون وياء مضمومة. وفي ترجمة سيوط بفتح أوله وآخره طاء.
(٢) عن معجم البلدان «أسيوط» وبالأصل «الديبقي» وفي المعجم : «الدبيقي المثلث».
(٣) في معجم البلدان : لو وقعت فيها قطرة.
(٤) في اللباب ومعجم البلدان : أبو علي الحسن بن علي بن الخضر ..