فيهِمَا ، حكاه يَعْقُوبُ ونَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وفي العُبَابِ : حَكاهُما يَعْقُوبُ. ويُقَالُ سُرَيْطٌ وضُرَيْطٌ ، كزُبَيْرٍ فيهما ، ويُقَال : سِرِّيطَى وضِرِّيطَى كخِلِّيفَى ، فيهِما ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ ويقال سُرَيْطَاءُ وضُرَيْطاءُ مَضْمُومَتَيْن مُخَفَّفَتَيْن مَمْدُودَتَيْنِ.
ولو قال : كمُرَيْطاءَ ، كان أَحْسَن ، مع أَنَّه أَخَلَّ بالضَّبْطِ ، فإِنَّهُ لم يَذْكُر أَنَّهُمَا بالمَدّ. ويُرْوَى : الأَخْذُ سَرَطَانٌ ، مُحَرَّكةً ، ويُرْوَى سَلَجَانٌ ، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه ، والقَضَاءُ لَيّانٌ ، وهذِه كُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ قد تَكَلَّمَتِ العَرَبُ بها ، والمَعْنَى فيها كلِّهَا : أَنْتَ تُحِبُّ الأَخْذَ وَتَكْرَهُ الإِعْطَاءَ. وفي الصّحاحِ : أَي يَسْتَرِطُ ما يَأْخُذُ من الدَّيْن ويَبْتَلِعُه (١) ، فإِذا طُولِبَ لِلقَضَاءِ وفي الصّحاحِ : فإِذا تَقَاضَاه صاحِبُهِ أَضْرَط به. قال شَيْخُنَا : أَي عَمِلَ بفِيهِ مثلَ الضُّرَاطِ ، وهو الَّذِي تُسَمِّيه العَامّةُ الفَصَّ ، يَسْتَعْمِلُونه على أَنواعٍ.
والسَّرَطان ، مُحَرَّكةً : دَابَّةٌ نَهْرِيَّةٌ ، وفي الصّحاحِ : من خَلْقِ المَاءِ ، زادَ في اللِّسَانِ : تُسَمِّيه الفُرْسُ مُخّ. وهو كَثِيرُ النَّفْعِ. قال الأَطِبّاءُ : ثَلاثَةُ مَثاقِيلَ من رَمادِهِ مُحْرَقاً في قِدْرِ نُحَاسٍ أَحْمَرَ بماءٍ أَو شَرَابٍ أَو مع نِصْفَ زِنَتِه من (٢) جِنْطِيانَا ، عَظِيمُ النَّفْعِ من نَهْشَةِ الكَلْبِ الكَلِب. قلتُ : جِنْطِيَانَا (٣) : نَبَاتٌ يُشْبِهُ وَرَقُه الذِي في أَصْلهِ وَرَقَ الجَوْزِ ولِسَانَ الحَمَل ، ولونُه أَحْمَرُ ، وثَمَرَتُه في أَقْمَاعِه ، وأَصْلُه مطَاولٌ يُشَبَّه بأَصلِ الزّراوَنْدِ يَنْبُت في الجِبَال والظِّلِّ والنَّدَى ، قالوا : إِذا شُرِبَ منه نصفُ دِرْهَم إِلى مِثْقَالٍ قد عُجِنَ بعَسَلٍ ومَاءٍ فاترٍ ، نَفَع من نَهْشِ الهَوَامِّ ، ويُضَمَّدُ به مع العَسَلِ في مَوْضِعِ اللَّسْعَةِ. وعَيْنُه إِذا عُلِّقَتْ على مَحْمُومٍ بغِبٍّ شُفِيَ. ورِجْلُه إِنْ عُلِّقَتْ على شَجَرَةٍ سَقَطَ ثَمَرُها بلا عِلَّةٍ. هذا هو السَّرَطَانُ الّذِي يَتَوَلَّد في الأَنْهَار.
وَأَمَّا البَحْرِيُّ منه فحَيَوانٌ مُسْتَحْجِرٌ يدْخَلُ مُحْرَقُه في الأَكْحالِ ، لِقَلْعِ البَيَاضِ ، وفي السَّنُونَاتِ فتَشُدُّ اللِّثَة.
والسَّرَطَانُ : بُرْجٌ في السَّمَاءِ ، وهو البُرْج الرابع ، سُمِّيَ به لكَوْنِه يُشْبِهُه في الصُّورَةِ.
والسَّرَطانُ : وَرَمٌ سَوْدَاوِيُّ يَبْتَدِيُّ مِثلَ اللَّوْزَةِ وأَصْغَر ، فإذَا كَبِرَ ظَهَرَ عليه عُرُوقٌ حُمْرٌ وخُضْرٌ شَبِيهٌ بأَرْجُلِ السَّرَطانِ ، يُقَال : إِنَّه لا مَطْمَعَ في بُرْئه ، وإِنَّمَا يُعَالَجُ لِئَلاَّ يَزْدَادَ على ما هُوَ عَلَيْهِ. وفي الصّحاحِ : السَّرَطانُ : داءٌ يَأْخُذ في رُسْغِ الدّابَّةِ يُيَبِّسهُ حَتّى يَقْلِبَ حافِرَه ، هذا وَقَعَ فِي نُسَخِ الصّحاحِ والعُبَابِ ، والصَّوابُ : حافِرَها ، وفي المُحْكَمِ : السَّرَطانُ : داءٌ يَأْخُذُ النّاسَ والدَّوابَّ. وفي التَّهْذِيبِ : هو دَاءٌ يَظْهَرُ بقَوَائِمِ الدَّوَابِّ ، وقِيل : هو دَاءٌ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ في حَلْقِهِ ، دَمَوِيٌّ يُشْبِه الدُّبَيْلَة.
ومن المَجَازِ : السَّرَطَانُ : الشَّدِيدُ الجَرْيِ من الخَيْلِ ، كأَنَّه يَسْرَطُ الجَرْيَ سَرْطاً ، عن ابنِ دُرَيْدٍ.
والسَّرَطانُ : العَظِيمُ اللَّقْمِ الجَيِّدُه من الرِّجَالِ ، كالسِّرْطِيطِ ، بالكَسْرِ ، وهذِه عن ابْنِ دُرَيْدٍ. وقوله : والشَّدِيدُ الجَرْيِ ، مُقْتَضَى سِيَاقِه أَنْ يَكُونَ من مَعَانِي السَّرَطانِ ، فإِنْ كَانَ كذلِكَ ، فهو تَكْرارٌ مع ما قَبْلَه فتَأَمَّلْ ، ولعَلَّه : الشَّدِيدُ الجَرْي بالنَّعْتِ ، كالسُّرَطِ (٥) ، كصُرَدٍ ، فِيهِما ، أَي في العَظِيمِ اللَّقْمِ والشَّدِيدِ الجَرْيِ ، يُقَال : فَرَسٌ سُرَطٌ ، كَأَنَّه يَسْرَطُ الجَرْيَ سَرْطاً ، ورَجُلٌ سُرَطٌ : جَيِّدُ اللَّقْمِ.
وقال ابنُ عَبّادٍ : رَجُلٌ سُرَطٌ مُرَطٌ ، أَي سريعُ الاسْتِراطِ.
والسِّرَاطُ ، بالكَسْرِ : السَّبِيلُ الواضِحُ ، وبه فُسِّر قولُه تعالَى : اهْدِنا السِّرَاطَ المُسْتَقِيم (٤) أَي ثَبِّتْنَا على المِنْهَاجِ الوَاضِح ، كما قالَهُ الأَزْهَرِيُّ ، وإِنَّمَا سُمِّيَ به لأَنَّ الذّاهِبَ فيه يَغِيبُ غَيْبَةَ الطَّعَامِ المُسْتَرَط وقِيلَ : لأَنَّه كان يَسْتَرِطُ المارَّة لكَثْرَة سُلُوكِهم لَاحِبَهُ. قلتُ : فعلى الأوَّلِ كأَنَّه يَبْتَلِعُ السّالِكَ فيه ، وعلى الثّانِي يَبْتَلِعُه السّالِكُ ، فتأَمَّل. والصّادُّ والزّايُ لُغَتَانِ فيه ، والصَّادُ أَعْلَى ، للمُضَارَعَةَ وإِنْ كانَت السِّينُ هي الأَصْل ، قال الفَرّاءُ : والصّادُ لغةُ قُرَيْشٍ الأَوَّلِين الَّتِي جاءَ بها الكِتَابُ ، وعامَّةُ العَرَبِ يَجْعَلُهَا سِيناً ، وبه قَرَأَ يَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ ، وفي العُبَابِ رُوَيْس. وقولُ من قالَ : الزِّراط ، بالزّاي المُخَلَّصَة ، وبه قَرَأَ بَعضُهُم ، وحَكَاهُ الأَصْمَعِيُّ ، وهو خَطَأٌ ، إِنَّمَا سَمِعَ المُضَارعَةَ فتَوَهَّمَها زاياً.
قالَ : ولم يَكُن الأَصْمعيُّ نحوياً فيُؤْمَنَ على هذا. خَطَأٌ ، فإِنَّهُ قد رُوِيَ ذلِكَ عن أَبِي عَمْرٍو أَنَّه قَرَأَ «الزِّراطَ» بالزّاي
__________________
(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : فيبتلعه.
(٢) كذا بالأصل اعتبر لفظة «من» من القاموس ، وهي ليست منه.
(٣) في تذكرة داود : جنطيانا اسم يوناني مأخوذ من اسم جنطيان أحد ملوك اليونان ، قيل لأنه أول من عرفها. قال : بالفارسية كوسد والعجمية بشلشكة.
(٥) بالمطبوعة المصرية : كالصُّرَطِ.
(٤) سورة الفاتحة الآية ٦ كتبت بالصاد ، والأصل السين وبها قرأ يعقوب.