[دمط] : دِمْياطُ ، كجِرْيال ، أَهْمَلَه الجَمَاعَةُ ، وهو : د ، م ، مَعْرُوفٌ : أَحَدُ الثُّغُورِ المِصْرِيَّة ، وهي كُورَةٌ عَظِيمَةٌ من كُوَرِ مِصْرَ ، بينَهَا وبينَ تِنِّيسَ اثْنَا عَشَرَ فَرْسَخاً ، ويُقَال : سُمِّيت بدِمْيَاطَ من وَلدِ أَشمن بن مِصْرايمَ بن بنصر بن حام ، ويُقَال : الدّالُ والمِيمُ والطّاءُ أَصلُهَا سُرْيَانيّة ، ومَعْنَاها : القُدْرَة ، إِشَارَة إِلى مَجْمَع العَذْبِ والمِلْح.
ويُقَال : إِنَّ إِدْرِيسَ عَلَيْه السَّلامُ كانَ أَوَّلَ ما نَزَلَ عليه : أَنا الله ذُو القُوَّةِ والجَبَرُوتِ ، أَجْمَعُ بين العَذْبِ والمِلْحِ ، والماءِ والنّار ، وذلِكَ بقُدْرَتي ومَكْنُونِ عِلْمِي.
وقال إِبْرَاهِيمُ بنُ وَصِيف شاه : دِمْيَاطُ : بَلَدٌ قديمٌ بُنِيَ في زَمَانِ قَيْلَمُون بن أَتريب بن قِبْطم بن مِصْرَايم ، على اسْمِ غُلامٍ.
ولَمَّا قَدِمَ المُسْلِمُونَ إِلى أَرْضِ مِصْرَ كان بدِمْيَاطَ الهاموك من أَخوالِ المُقَوْقِس ، فلمّا افْتَتَح عَمْرُو بنُ العاصِ مِصْرَ امْتَنَع الهامُوكُ بدِمْيَاط ، واستَعَدَّ للحَرْبِ ، فأَنْفَذَ إِليه عَمْرٌو المقْدادَ بنَ الأَسْوَدِ في طَائِفَةٍ من المُسْلِمِينَ ، فافْتَتَحَهَا بعد مَكَائدَ وحُرُوبٍ وخُطُوب.
وكان الفَرَنْسِيسُ ، لَعَنَهُ الله ، قد حاصرَ دِمْيَاطَ وأَخَذَهَا من يَدِ المُسْلِمِينَ ، وكانت في يَدِه أَحَدَ عَشَر شَهْراً وسَبْعَةَ أَيّامٍ ، ثمّ تَسَلَّمَهَا المُسْلِمُونَ في آخِرِ دَوْلَةِ المَلِك المُعَظَّمِ عِيسى بنِ أَبِي بَكْر بنِ أَيُّوب ، ولمَّا اسْتَوْلَى المَلِكُ النّاصِرَ يُوسُفُ بنُ العَزِيزِ على دِمَشْقَ حينَ الاخْتِلاف اتَّفَقَ أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ بمِصْرَ على تَخْرِيبِ دِمْيَاط خَوْفاً من هُجُومِ الإِفْرِنج مَرَّةً أُخْرَى ، فسَيَّرُوا إِليها الحَجّارِينَ ، فوَقَعَ الهَدْمُ في أَسْوَارِهَا يومَ الاثْنيْنِ الثَّامِنَ عَشَرَ من شعبان سنة ٦٤٨ حتّى امَّحت آثارُهَا ، ولم يَبْقَ منها سِوَى الجَامِعِ ، وصار في قِبْلِيِّهَا أَخصاصٌ على النِّيلِ ، سَكَنَهَا الضُّعَفَاءُ ، وسَمَّوْهَا المَنْشِيَّةَ.
وهذا السُّورُ هو الَّذِي كانَ بَنَاه المُتَوكِّل. ثُمّ إِنَّ المَلِكَ الظَّاهِرَ بِيبَرْس رحِمهُ الله تعالَى لما استَبَدَّ بمَمْلَكَةِ مِصرَ أَخْرَجَ عِدَّة حَجَّارِين مِن مِصْرَ في سنة ٦٥٩ لرَدْمِ فَمِ بَحْرِ دِمْيَاطَ ، فمَضَوْا من القَرَابِيص وأَلْقَوْها في بَحْرِ النِّيلِ الَّذِي يصُبُّ في شَمَالِيّ دِمْيَاط في بَحْرِ المِلْح ، حتى ضَاقَ وتَعَذَّر دُخولُ المَرَاكِب منه إِلى دِمْيَاط إِلى الآن. قال ابنُ وَصِيف شاه : وأَمّا دِمْيَاطُ الآن فإِنَّها حَادِثَةٌ بعد تَخْرِيبِ مَدِينَتِها ، وما بَرِحَتْ تَزْدَادُ إِلى أَن صارَتْ بلدةً كبيرةً ذاتَ حَمّاماتٍ وجَوامِعَ وأَسواقٍ ومَدارِسَ ومَساجِدَ. ودُورُهَا تُشْرِفُ على النِّيلِ. ومن وَرائِهَا البَسَاتِينُ ، وهي أَحْسَنُ بِلادِ الله مَنْظَراً ، وقد أَخْبَرَنِي الوَزِيرُ يَلْبُغا السالِمِيُّ ، رَحِمَهُ الله ، أَنَّهُ لم يَرَ في البِلادِ التي سَلَكَهَا من سَمَرْقَنْدَ إِلى مِصْرَ أَحْسَنَ من دِمْيَاطَ ، فظَنَنْتُ أَنَّه يَغْلُو في مَدْحِها إِلى أَنْ شاهَدْتُها ، فإِذا هي أَحْسَنُ بَلْدَةٍ وأَنْزَهُه. انتهى مع الاخْتِصَار.
وقد نُسِبَ إِلى دِمْيَاطَ جُمْلَةٌ من المُحَدِّثِين ، وكذا إِلى قُرَاهَا ، كتِنِّيسَ ، وتُونَة ، وبوار ، وقسيس ، ومنهم : الإِمَام الحافظ شَرَفُ الدِّينِ عبدُ المُؤْمِن بنُ خَلَفٍ التُّونِيُّ الدِّمْيَاطِيّ ، صاحبُ المُعْجَمِ ، وهو في سِفْرَيْنِ ، عندي حَدَّثَ عن الزَّكِيِّ المُنْذِرِيِّ ، وأَبِي العَبَّاس القُرْطُبيّ شارِح مُسْلِم ، والعزّ بن عَبْد السَّلامِ ، والجَمَال محمَّد بن عَمْرُون ، والعَلَم اللُّورَقِيّ ، شَارِحاً المُفَصَّل ، والصّاغَانِيّ صاحِب العُبَاب ، وعليّ بن سَعِيدٍ الأَنْدَلُسِيّ صاحبِ المُغْرِب ، وياقُوت الحَمَوِيّ صاحِبِ مُعجمِ البُلْدَان ، وابنِ الخَبّاز النَّحْوِيّ ، والصَّاحبِ بنِ العَدِيم مؤرّخ حَلَب ، وغيرهم ، حَدَّثَ عنه أَبُو طَلْحَةَ محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ يُوسُفَ الحراديّ شيْخُ المُسْنِدِ المُعَمَّرِ ، محمَّدِ بن مُقْبِلٍ الحَلَبِيّ ، وأَسانِيدُنا إِليه مَشْهُورَةٌ ، وفي الدّفَاتِر مَسْطُورَة.
وقد سَمِعتُ الحَدِيثَ بدِمْيَاطَ على شَيْخِها العلاَّمةِ الأُصُوليِّ المُحَدِّث أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى بنِ يُوسُفَ الشّافِعيّ ، كان أَحْفَظَ أَهْلِ زَمَانِه ، قِرَاءةً عليه بجامِعِ البَحْر ، وبالزّاوِيَةِ المَعْرُوفَةِ بمَسْجِد زُرَارَةَ بنِ عَبْدِ الكَرِيم ، حَدَّث عن أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بنِ محمّد الدِّمْياطيّ وغيره ، تُوُفِّيَ في ٦ شعبان سنة ١١٧٩.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه من هذِه المادّة : دَمَاطُ ، كسَحَاب (١) : قَرْيَةٌ من أَعْمَال الغَرْبِيَّة ، ومنها الشَّمْسُ مُحَمَّد بنُ محمّد بن عبدِ القُدُّوس الدَّمَاطِيّ ، حدَّثَ عن ابنِ عَمِّه الشِّهَابِ أَحْمَدَ بن عليِّ بنِ عبدِ القُدُّوس نَزِيل المَدِينَةِ المُنَوَّرة ، على ساكِنها أَفْضَلُ الصَّلاة والسّلام.
[دندط] : * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
دُنْدَيْط ، بِضَمِّ الدّال الأُولى وفتح الثَانِيَة : قريةٌ بمصر.
__________________
(١) قيدها ياقوت دُماطُ وضبطها بالقلم.