فَرِيساً (١) ومَغْشِيًّا علَيْه كأَنَّهُ |
|
خُيُوطَةُ مَارِيٍّ لَوَاهُنَّ فَاتِلُهْ |
وأَنْشَدَ الصّاغَانيُّ للشَّنْفَرَى :
وأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَمَا انْطَوَت |
|
خُيُوطَةُ مَارِيٍّ تُغَارُ وتُفْتَلُ |
قلتُ : ومثلُ هذَا : وَقَع الحافِرُ على الحافرِ ، لا أَنَّ أَحَدَهما أَخَذَ من الثّانِي ، فإِنَّ التَّشْبِيهَ بخُيُوطَةِ مارِيٍّ معْنًى مطروقٌ للشُّعَرَاءِ ، كما حَقَّقَه الآمِدِي في المُوَازِنَةِ.
والخَيْط من الرَّقَبَة : نُخَاعُهَا ، يُقَال : جَاحَشَ فُلانٌ عن خَيْطِ رَقَبَتِه ، أَي دَافعَ عن دَمِه. كذا في اللِّسَانِ والعُبَابِ والصّحاحِ ، وهو مَجَازٌ.
والخَيْط : جَبَلٌ م مَعْروفُ.
والخَيْط : الخِيَاطَةُ ، هكَذَا في النُّسخ ، والصّوابُ الخِيَاطُ ، بلا هاءٍ ، كما في العُبَابِ ، يقال : أَعْطِنِي خِيَاطاً ونِصَاحاً ، أَي خَيْطاً ، وَاحِداً ، قاله أَبو زَيْدٍ ، ومنه الحَدِيثُ : «أَدُّوا الخِيَاطَ والمِخْيَطَ» أَرادَ بالخِيَاط هُنَا : الخَيْطَ ، وبالمِخْيَط : الإِبْرَة.
والخَيْطُ : انْسِيَابُ الحَيَّةِ علَى الأَرْضِ ، وقد خاطَ الحَيَّةُ ، وهو مَجَازٌ.
ومن المَجَازِ : الخَيْطُ : الجَماعَةُ ، وفي الصّحاح : القَطِيعُ من النُّعَامِ ، وفي اللِّسان : وقد يكون من البَقَرِ.
والخَيْطُ : القطْعَةُ من الجَرَادِ ، كالخَيْطَى ، كسَكْرَى ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والخِيْطُ ، بالكَسْرِ فِيهما ، أَي في النَّعَام والجَرَادِ ، ذكر ابنُ دُرَيْدٍ الفتحَ والكَسْر في النَّعَام ، وكان الأَصْمَعِيُّ يَخْتَارُ الكَسْرَ ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ. وفي العُبَاب : قال لَبِيدٌ يَذْكُرُ الدِّمَنَ :
وخِيطاً من خَوَاضِبَ مُؤْلِفَاتٍ |
|
كأَنَّ رِئالَها وَرقُ الإِفالِ (٢) |
قلتُ : ونَسَبَه ابنُ بَرّيّ لشُبَيْلٍ ، ج : خِيطَانٌ ، بالكَسْر ، وأَخْيَاطٌ أَيْضاً ، قاله ابنُ بَرِّيّ ، وأَنْشَدَ ابن دُرَيْد :
لمْ أَخْشَ خِيطَاناً من النَّعَامِ
ومن المَجَاز : نَعَامَةٌ خَيْطَاءُ بَيِّنَةُ الخَيَطِ ، أَي طَوِيلَةُ العُنُقِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والخِيَاطُ والْمِخْيَطُ ، ككِتَابٍ ومِنْبَرٍ : ما خِيطَ بهِ الثَّوْبُ ، وهما أَيضاً : الإِبْرَةُ ، ومنه قولُه تعالَى : (حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ) الْخِياطِ (٣) أَي في ثَقْبِ الإِبْرَة ، قال سِيبَوَيْه : المِخْيَطُ ، ونَظِيرُه مّما يُعْتَمَلُ بهِ مَكْسُورُ الأَوّل ، كانَتْ فيهِ الهاء أَو لم تَكُنْ ، قال : ومِثْلُ خِيَاطٍ ومِخْيَطٍ ، سِرَادٌ ومِسْرَدٌ ، وقِرَامٌ ومِقْرَمٌ. وقَوْلُه : والمَمَرُّ والمَسْلَكُ ، ظاهِرُ سِيَاقِه أَنَّه مَعْطُوفٌ على ما قَبْلَه ، فيكونُ الخِيَاطُ والمِخْيَطُ بهذا المَعْنَى ، وهو وَهَمٌ ، والصَّوابُ : والمَخِيطُ ، أَي كمَقِيلٍ : المَمَرُّ والمَسْلَكُ ، كما هو في اللِّسَانِ والعُبَاب على الصَّوابِ ، وكَأَنَّ في عبَارَة المُصَنّف سَقطاً ، فَتَأَمَّل.
وهو خَاطٌ ، من الخِيَاطَةِ ، عن أَبِي عُبَيْدَة ، كما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ ، ووَقَعَ في التَّكْمِلَةِ : عن أَبِي عُبَيْدَة ، ونَسَبَهُ فِي اللِّسَان إِلى كُرَاع ، وخائِطٌ ، وخَيّاطٌ.
وثَوْبٌ مَخِيطٌ ومَخْيُوطٌ ، وقد خَاطَهُ خِيَاطَةً ، وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ :
هَلْ في دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيطِ |
|
وَذِيلَةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ (٤) |
وكان حَدُّه مَخْيُوطاً ، فَليَّنُوا الياءَ كما لَيَّنُوها في خَاطٍ ، والْتَقَى سَاكِنَانِ : سُكُونُ الياءِ ، وسُكُون الواو ، فقالوا : مَخِيطٌ ، لالْتِقَاءِ السَاكِنَيْن ، أَلْقَوْا أَحَدَهُمَا. وكذلِك : بُرُّ مَكيِل ، وأَصلُه مَكْيُول ، قال الجَوْهَرِيّ : فمن قال مَخِيطٌ بَنَاهُ على النَّقْصِ ، لنُقصانِ الياءِ في خِطْتُ ، والياءُ في مَخِيط هي وَاوُ مَفْعُول انْقَلَبَتْ يَاءً ؛ لسُكُونها وانْكِسَارِ ما قَبْلَها ، وإِنّمَا حُرِّكَ مَا قَبْلَها لسُكُونها وسُكُونِ الوَاوِ بعد سُقوطِ الياءِ ، وإِنّما كُسِرَ ليُعْلَم أَنَّ السَّاقِطَ ياءٌ. ونَاسٌ يَقُولُون : إِنَّ الياءَ في مَخِيطٍ هي الأَصْلِيَّة ، والذِي حُذِفَ وَاوُ مَفْعُولٍ ، ليُعْرَفَ
__________________
(١) عن الديوان وبالأصل «قريساً» بالقاف.
(٢) في التهذيب : قواضب بدل خواضب.
(٣) سورة الأعراف الآية ٤٠.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : رجوب ، أي غرارة والوذيلة قطعة من السنام. والأطيط صوت الأمعاء من الجوع».