قال : وشاهِدُ أَمَضِّنِي قَوْلُ سِنَانِ بنِ محرش السَّعْدِيّ :
وبِتّ بالحِصْنَيْنِ غَيْرَ رَاضِي |
|
يَمْنَعُ مِنّي أَرْقَمِي تَغْماضِي |
مِنَ الحَلُوءِ صَادِقِ الإِمْضَاضِ |
|
في العَيْن لا يَذْهَبُ بالتَّرْحاضِ |
وقال ابنُ دُرَيْدٍ : يُقَال : مَضَّ الخَلُّ فَاهُ ، أَي أَحْرَقَهُ. ومَضَّ الكُحْلُ العَيْنَ يَمضُّها ، بالضَّمِّ والفَتْحِ : آلَمهَا وأَحْرقَهَا ، كأَمَضَّهَا ، وعليه اقْتَصر الجوْهرِيّ ، وسبقَ شاهِدُه في كَلَامِ ابْنِ بَرّيّ : وكُحْلٌ مَضٌّ : مُمِضٌّ. يُقَالُ : كَحَلَه بمُلْمُولٍ (١) مَضٍّ ، أَي حارٍّ ، كَمَا في الصّحاح. وفي اللّسَانِ : كَحَلَهُ كُحْلاً مَضّاً ، إِذا كانَ يُحْرِقُ. ومَضِيضُهُ : حُرْقَتُه. وفي العُبَابِ : مُلْمُولٌ مَضٌّ ، أَي مُحْرِقٌ ، وَصْفٌ بالمَصْدَرِ ، كقَوْلِهِم : ماءٌ غَوْرٌ ، وسَكْبٌ.
وفي الحَدِيثِ : «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ ، رَضِيَ اللهُ عَنْه ، أَحْمَى مِسْمَاراً ليَفْقَأَ به عَيْنَ ابْنِ مُلْجَمٍ ، فقالَ : إِنَّك لَتَكْحُلُ عَمَّكَ بِمُلْمُولٍ مَضٍّ.
ومَضَّتِ العَنْزُ تَمُضُّ وتَمضَّ مَضِيضاً ، إِذَا شَرِبَتْ وعَصرَتْ مَرَمَّتَيْهَا ، أَي شَفَتَيْهَا ، كما في العُبَابِ (٢).
ومَضِضَ ، كفَرِحَ : أَلِمَ من المُصِيبَة. ومن الكَلامِ يَمَضُّ مَضِيضاً. وفي المُحْكَمِ : أَمَضَّهُ جِلْدُه فدَلَكَهُ أَيْ أَحَكَّهُ. ويُقَالُ : امْرَأَةٌ مَضَّةٌ ، إِذا كانَتْ لا تَحْتَمِلُ ما يَسُوءُهَا ، كَأَنَّ ذلِكَ يَمُضُّهَا ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. قال : ومِنْه قولُ الأَعْرَابِيَّةِ حِينَ سُئلَتْ : أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قالَت : البَيْضَاءُ البَضَّة ، الخَفِرَةُ المَضِّة. وفي التَّهْذِيبِ : [المَضَّة] (٣) الَّتِي تُؤْلِمُهَا الكَلِمَةُ اليَسَيرةُ ، أَو الشَّيْءُ اليسِيرُ ويُؤْذِيها.
والمَضَضُ ، مُحَرَّكَةً : اللَّبَنُ الحامِضُ.
والمَضَضُ : وَجَعُ المُصِيبَةِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. وقد مَضِضْتَ يا رجُلُ ، بالكَسْرِ ، تَمَضُّ ، مضَضاً ، ومَضِيضاً ، ومَضَاضَةً ، كجَبَلٍ ، وأَمِير ، وسَحابَة ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ هكذا.
والمَضُّ : المَصُّ ، أَو هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ. وقال اللَّيْثُ : المَضُّ : مَضِيضُ المَاءِ كما تَمْتَصُّه. ويُقَالُ : لا تَمَضَّ مَضِيضَ العَنْزِ. ويُقَالُ : ارْشُفْ ولا تَمُضَّ إِذا شَرِبْتَ. وفي العُبَابِ : ويَجُوزُ تَمَضَّ ، والأُولَى هي العُلْيَا. وبهمَا
رُوِيَ حَدِيثُ الحَسَنِ يُخَاطِبُ الدُّنْيَا : «خبَاثِ كُلَّ عِيدَانِك قد مَضِضْنَا فوجَدْنَا عاقِبتَه مُرّاً».
خَباثِ ، كقَطامِ ، أَيْ يا خَبِيثَةُ ، جَرَّبْنَاكِ واختبرناك فَوَجَدْنَاك مُرَّةَ العاقِبَةِ.
وقال اللَّيْثُ : المِضُّ ، بالكَسْرِ : أَنْ يقُولَ الإِنْسَانُ بشَفَتِهِ ، وفي العَيْنِ : بطَرَفِ لِسَانِه شِبْهَ لَا ، وهُو هِيجْ بالفَارِسِيَّةِ وأَنْشَد :
سَأَلْتُهَا الوصْل فقالَتْ : مِضِّ |
|
وحَرَّكَتْ لِي رَأْسَهَا بالنَّغْضِ (٤) |
وهو مُطْمِعٌ : يُقَالُ : مِضّ ، مَكْسُورَةً مُثَلَّثَةَ الآخر مَبْنِيَّةً ، ومِضٌّ مُنَوَّنَةً ، وفي الصّحاح : مِضِّ ، بكَسْرِ المِيمِ والضّادِ : كَلِمَةٌ تُسْتَعْملُ بمَعْنَى لَا ، وبَقِيَّةُ الأَوْجُهِ ذَكَرهَا الصَّاغَانِيّ وصاحِبُ اللّسَان ، قال الجَوْهرِيّ : وهِيَ معَ ذلِكَ مُطْمِعَةٌ في الإِجابَةِ. وفي المَثَلِ : «إِنَّ في مِضّ لَمَطْمَعاً» هكَذا في نُسَخ الصّحاح ، ووُجِدَ بِخَطِّ أَبِي سَهْلٍ لَمَقْنَعاً. وفي اللِّسَان : وأَصْلُ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الحاجة فيُعَوِّج شَفَتَيْه فكَأَنَّهُ يُطْمِعُه فِيها. وقَال الفَرَّاءُ : مِضِّ ، كقَوْلِ القَائلِ يَقُولُهَا بأَضْراسِهِ ، فيُقَال : ما عَلَّمَك أَهْلُكَ مِن الكَلامِ إِلاَّ مِضِّ ومِضَّ. وبَعْضُهم يَقُولُ : إِلاَّ مِضّاً ، بوُقُوعِ الفِعْلِ علَيْهَا. ويُقَالُ أَيْضاً : مِيضاً كما سَيَأْتِي كما يُقَال بِضاًّ وبِيضاً ، وقد تَقَدَّمَا. وقال ابنُ دُرَيْدٍ : تَقُولُ العَرَبُ إِذَا أَقَرَّ الرجُلُ بِحَقٍّ عليه مِضِّ ، أَيْ قَدْ أَقْرَرْتَ ، كَلِمةٌ تُقَالُ عِنْدَ الإِقْرَار.
وقال أَبُو زَيْدٍ : إِذا سَأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ حَاجَةً فقال المَسْئُول : مِضّ ، فَكَأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ قَضَاءَهَا. فَيَقُولُ : إِنَّ في مِضّ لَمَطْمَعاً.
وقَالَ ابنُ عَبَّادٍ : المَضُّ بالفَتْحِ : حَجَرٌ في البِئْرِ العَادِيَّةِ يُتْبَعُ ذلِكَ حَتَّى يُدْرَكَ فيه الماءُ ، قالَ : ورُبَّمَا كانَ لَهَا مَضَّانِ. كما فِي العُبَابِ.
__________________
(١) الملمول : المرود الذي يكتحل به.
(٢) العبارة في التهذيب.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) النغض : التحريك. ورواية الشطر الأول في الصحاح : سألت هل وصلٌ فقالت : مضّ