وأَغْمَضَ حَدَّ السَّيْفِ : رَقَّقَهُ ، كغَمَّضَه تَغْمِيضاً ، الأَخيرُ عن الزَّمَخْشَرِيّ.
وكَذَا أَغْمَضَ فُلانٌ فُلاناً ، إِذَا حَاضَرَه فسَبَقَهُ بَعْدَ ما سَبَقَه ذَلكَ ، عن ابْن عَبَّادٍ أَيْضاً ، كما نَقَلَه الصّاغَانِيّ.
ويُقَالُ : إِنَّ المُغْمِضَات ، (١) من الذُّنُوبِ الَّتِي يَرْكَبُهَا الرَّجُلُ وهو يَعْرِفُهَا ، كما في العُبَاب. قُلْتُ : وهو في حَديث مُعَاذٍ : «إِيَّاكُم ومُغْمِضَاتِ (٢) الأُمُورِ» وفي رواية : والمُغْمِضَاتِ منَ الذُّنُوب. وهي الأُمُورُ العَظِيمَةُ الَّتي يَرْكَبُهَا وهو يَعْرِفُهَا ، فكأَنَّه يُغْمِضُ عَيْنَيْه عنها تَعَامِياً (٣) وهو يُبصِرُهَا. قال ابنُ الأَثير ، ورُبَّمَا رُوِيَ بفَتْحِ الميم ، وهي الذُّنُوبُ الصّغار ، سُمِّيَت لأَنَّهَا تَدِقُّ وتَخْفَى فيَرْكَبُهَا الإِنْسَانُ بضَرْبٍ من الشُّبْهَة ولا يَعْلَمُ أَنَّه مُؤَاخَذٌ بارْتِكَابِهَا.
وغَمَّضَت النَّاقَةُ تَغْمِيضاً : رُدَّت ، هكذا في نُسَخِ الصّحاح ، وفي بعضها : ذِيدَتْ ، ومثلُه في الأَسَاسِ ، عن الحَوْض فحَمَلَتْ على الذَّائِدِ مُغَمّضَةً عَيْنَيْهَا فوَرَدَتْ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِأَبي النَّجْمِ ، زادَ الصّاغَانِيُّ : يَصف نَاقَةً :
تَخَبِّطُ الذائدَ إِنْ لم يَزْحَلِ |
|
تَغْشَى العَصَا والزَّجْرَ إِنْ قال حَلِ |
يُرْسِلُهَا التَّغْمِيضُ إِنْ لم تُرْسَلِ
قلت : وبعده :
خَوْصَاءَ تَرْمِي باليَتِيم المُحْثَلِ ويقال : غَمَّضَ فُلانٌ عَلَى هذَا الأَمْرِ ، إِذَا مَضَى وهو يَعْلَمُ ما فيه ، كما في العُبَاب. وغَمَّضَ الكَلامَ : أَبْهَمَهُ وهو خِلافُ أَوْضَحَهُ ، كما في الصّحاح.
وما اغْتَمَضَتْ عَيْنَايَ ، أَي ما نَامَتَا ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيّ.
وقال الأَصْمَعيُّ : يُقَال : أَتَانِي ذلكَ عَلَى اغْتِمَاضٍ ، أَي عَفْواً بلا تَكَلُّفٍ ولا مَشَقَّةٍ ، وهو مَجَاز. قال أَبُو النَّجْم :
والشِّعْرُ يَأْتِينِي على اغْتِمَاضِ (٤) |
|
طَوْعاً وكَرْهاً وعلى اعْتِرَاضِ |
أَي أَعْتَرِضُهُ اعْتِرَاضاً فآخُذُ منه حَاجَتِي ، من غَيْر أَنْ أَكُونَ قدَّمْتُ الرَّوِيَّةَ فيه.
وانْغِمَاضُ الطَّرْفِ : انْغِضَاضُهُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانِيُّ. والمُصَنِّفُ لم يَذْكُر انْغِضَاضَ الطَّرْفِ في مَوْضِعِهِ ، فهو إِحَالَةٌ على غَيْر مَذْكُور.
وقال اللَّيْثُ : جَاءَ رَجُلٌ بصَدَقَةٍ من حَشَفِ التَّمْرِ فأَلْقَاهُ في خِلَالِ الصَّدَقَةِ ، فأَنْزَلَ الله تَعَالَى : وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ (٥) أَي لا تُنْفِقْ في قَرْضِ رَبِّكَ خَبِيثاً ، فإِنَّك لو أَرَدْتَ شِرَاءَهُ لَمْ تَأْخُذْهُ حَتَّى تُغْمِضَ فيه ، أَي تَحُطَّ من ثَمَنِهِ. وقَال الزَّجَّاجُ : أَي أَنْتُمْ لا تَأْخُذُونَهُ إِلاّ بوَكْسٍ ، فكَيْفَ تُعْطُونَهُ في الصَّدَقَةِ.
وقال الفَرَّاءُ : لَسْتُم بآخِذِيهِ إِلاَّ عَلَى إِغْمَاضٍ أَو بِإِغْمَاضٍ.
ويَدُلُّك على أَنَّهُ جَزَاءٌ أَنَّكَ تَجِدُ المَعْنَى : إِنْ أَغْمَضْتُمْ بَعْدَ الإِغْمَاضِ أَخَذْتُمُوهُ. وقَرَأَ البَرَاءُ بنُ عازِبٍ ، رَضِيَ الله عنهُ ، والحَسَنُ البَصْرِيُّ ، وأَبُو البَرَهْسَم : إِلاَّ أَنْ تَغْمِضُوا فيه بِفَتْحِ التّاءِ ، وقد سَبَقَ معناه.
* وممَّا يُسْتَدْرَك عليه :
ما غَمَضْتُ ، ولا أَغْمَضْتُ ، ولا اغْتَمَضْت ، أَي ما نمْتُ.
لُغَاتٌ كُلُّهَا.
واغْتَمَضَ البَرْقُ : سَكَنَ لَمَعَانهُ ، وهو مَجَازٌ ، كالنَّائِم تَسْكُنُ حَرَكَاتهُ ، قال :
أَصاحِ تَرَى البَرْقَ لَمْ يَغْتَمِضْ |
|
يَمُوتُ فُوَاقاً ويَشْرَى فُوَاقَا |
وأَغْمَضَ طَرْفَه عَنّي وغَمَّضَه : أَغْلَقَه. وأَغْمَضَ المَيِّتَ وغَمَّضَهُ ، إِغْمَاضاً وتَغْمِيضاً. وتَغْمِيضُ العَيْنِ : إِغْماضُهَا.
وغَمَّضَ عَلَيْه وأَغْمَضَ : أَغْلَقَ عَيْنَيْه. أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ لحُسَيْن بن مُطَير الأَسَديِّ :
__________________
(١) ضبطت في التكملة بضم ففتح فميم مشددة مكسورة. ومثلها في اللسان في حديث معاذ.
(٢) ضبطت عن النهاية ، وضبطت في اللسان بتشديد الميم.
(٣) النهاية : «تعاشياً» وتعاشى : تجاهل. قاموس.
(٤) في التهذيب : على اغتماضي.
(٥) سورة البقرة الآية ٢٦٧.