وفي الكَلِمَات القُدْسِيَّة : «إِن أَغْبَطَ أَوْلِيَائي عِنْدي لَمُؤْمِنٌ حَفِيفَ الحَاذِ ، ذُو حَظٍّ من الصَّلاةِ أَحسَنَ عِبَادَة رَبِّه وأَطاعَه في السِّرِّ ، وكان غامِضاً في النَّاس ، لا يُشَارُ إِلَيْه بالأَصَابع ، وكانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فصَبَرَ عَلَى ذلِك».
والغَامِضُ : الحَسَبُ الغَيْرُ المَعْرُوفِ جَمْعُه : أَغْمَاضٌ ، كصَاحبٍ وأَصْحَابٍ. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ والصَّاغَانِيّ لرُؤْبَةَ :
بِلالُ يا بنَ الحَسَبِ الأَمْحَاضِ |
|
لَيْسَ بأَدْناسٍ ولا أَغْمَاضِ (١) |
ويُقَال : إِنَّه جَمْعُ غَمْضٍ.
والغَامِضُ : الغَاصُّ (٢) من الخَلَاخِل في السّاقِ ، وقد غَمَضَ في السّاقِ غُمُوضاً : غَضَّ. وفي اللّسَان : غاصَ. والغَامِضُ مِنَ الكُعُوبِ : ما وَارَاهُ اللَّحْمُ. ومن السُّوقِ : السَّمِينُ.
وغَمَضَ يَغْمِضُ ، من حَدّ ضَرَبَ ، من قَوْلهمْ غَمَضَ عنه في البَيْعِ أَو الشِّرَاءِ يَغْمِضُ ، إِذَا تَسَاهَل عليه ، كأَغْمَضَ ، كَذَا في العُبَاب والصّحاح. ومن الباب الأَوَّلِ قِرَاءَةُ الجَمّاعَة (إِلاّ أَنْ) تُغْمِضُوا (فِيهِ) (٣) كما سَيَأْتي قَريباً.
وفي الحَديث : «لم تَأْخُذْه إِلاَّ على إِغْمَاضٍ» الإِغْمَاضُ : المُسَامَحَةُ والمُسَاهَلَة.
ويقال : غَمَضَ عَنْه ، إِذا تَجَاوَزَ.
وغَمَضَ في الأَمْرِ (٤) ، هكذا في سَائِر الأُصُول ، وهو غَلَطٌ ، والصَّوابُ كما في نَوَادِرِ اللّحْيَانيّ غَمَضَ في الأَرْضِ يَغْمِضُ ويَغْمُضُ ، من حَدّ نَصَرَ وضَرَبَ ، غُمُوضاً ، إِذا ذَهَبَ فيها ، إِلى هُنَا نَصّ النَّوَادر ، وسارَ ، وهو بمَعْناه. وفي الأَسَاسِ واللّسَان : غَابَ ، بَدَلُ : سارَ ، وهو نَصُّ اللِّحْيَانيّ أَيْضاً في اللّسَان (٥).
وغَمَضَ السَّيْفُ في اللَّحْمِ يَغْمُضُ ، من حَدّ نَصَرَ : غَابَ عن ابْنِ عَبّادٍ. وفي الأَسَاس : ضَرَبْتُه بالسَّيْفِ فغَمَضَ في اللَّحْمِ غَمْضَةً.
ودَارٌ غَامِضَةٌ : غَيْرُ شَارِعَةٍ ، وقد غَمَضَتْ تَغْمُضُ غُمُوضاً ، قالَهُ اللَّيْثُ. وفي اللِّسَان : إِذَا لَمْ تَكُنْ على شَارِعٍ. وفي الأَسَاسِ : وهي الَّتي تَنَحَّتْ عن الشَّارِع.
وما اكْتَحَلْت غَمَاضاً ، بالفَتْح ويُكْسَر ، ولا غُمْضاً ، بالضَّمِّ ، ولا تَغْمَاضاً ، ولا تَغْمِيضاً ، بفَتْحِهما ، ذَكَرَهُنَّ الجَوْهَرِيّ ، ولم يَذْكُرِ الصَّاغَانِيُّ الأَخِيرَ. وزاد ابنُ سِيدَه ولا إِغْمَاضاً ، بالكَسْرِ ، وأَهمَلَه الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ ، أَي ما نِمْتُ. وقال ابنُ بَرّيّ : الغُمْضُ والغُمُوضُ والغِمَاضُ : مَصْدَرٌ لِفِعْل لم يُنْطَقْ به ، مثل الفَقْر ، قال رُؤْبةُ :
أَرَّق عَيْنَيْك عَنِ الغِمَاضِ |
|
بَرْقٌ سَرَى في عَارِضٍ نَهَّاضِ |
ويُقَالُ : ما لي في هذا الأَمْر غَمِيضَةٌ ، وغَميزَة ، أَي عَيْبٌ ، كما في العُبَاب والصّحاح.
واغْمِضْ (٦) لي فيمَا بِعْتَنيِ ، هو من حَدّ ضَرَبَ في سائر النُّسَخ ، والصَّوَاب أَغْمِضْ ، كأَكْرِمْ ، كما هُوَ مَضْبُوطٌ في الصّحاح والعُبَاب ، وغَمِّضْ ، من باب التَّفْعِيل ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ وابنُ سِيدَه ، كأَنَّكَ تُريدُ الزِّيادَةَ منه لرَدَاءَتِهِ والحَطِّ من ثَمَنِهِ ، فاستعمل التَّغْمِيض هُنَا في غَيْرِ النَّوْمِ.
يقال : أَغْمَضَ في السِّلْعَةِ ، إِذَا اسْتَحَطَّ من ثَمَنِهَا لرَدَاءَتِهَا ، ويَقُولُ الرَّجُل لبَيِّعِهِ : غَمِّضْ لي في البِيَاعَة ، مثل أَغْمِضْ لي ، أَيْ زِدْنِي ، لمَكَانِ رَدَاءَتِهِ ، أَو حُطَّ لي من ثَمَنِه. وقال الزَّمَخْشَرِيّ : هو مَجَازٌ. وقال ابنُ الأَثِيرِ : يقال : أَغْمَضَ في البَيْع يُغْمِضُ ، إِذَا اسْتزادَهُ من المَبِيعِ واسْتَحَطَّه من الثَّمَنِ فوَافَقَهُ عليه. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لِأَبِي طالِبٍ :
هُمَا أَغْمَضَا لِلْقَوْمِ في أَخَوَيْهِمَا |
|
وأَيْدِيهِمَا من حُسْنِ وَصْلِهِمَا صِفْرُ |
قال : وقال المُتَنَخِّل الهُذَلِيّ :
يَسُومُونَه أَنْ يُغْمِضَ النَّقْدَ عِنْدَهَا |
|
وقد حَاوَلُوا شِكْساً عليها يُمَارِسُ |
__________________
(١) في التهذيب : لسن بنحسات ولا أَغماضِ
(٢) في القاموس : العاضُّ.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٦٧.
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أَخرى : وفي الأَرض.
(٥) الذي في اللسان : «ذهب فيها» وفي الأَساس : إِذا ذهب وغاب.
(٦) في القاموس : وأَغْمِضْ.