ابنِ فَارسٍ ، ويُقَال : لا تَغْشَ الحُوَاشَةَ ، وقال الشاعرُ :
غَشِيتَ حُوَاشَةً وجَهِلْتَ حَقّاً |
|
وآثَرْتَ الغِوَايَةَ غَيْرَ رَاضِي |
والحَائِشُ : جَمَاعَةُ النَّخْلِ ، لا وَاحِدَ لَهُ ، كما قالُوا لِجَمَاعَةِ البَقَرِ : رَبْرَبٌ ، قَالَ الأَخْطَلُ :
وكَأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ حائِشُ قَرْيَةٍ |
|
دَانٍ جَنَاهُ طَيِّبُ الأَثْمَارِ |
نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ ، قالَ : وأَصْلُ الحَائشِ : المُجْتَمِع من الشَّجَرِ ، نخْلاً كانَ أَو غَيْرَه ، يقال حَائِشُ الطَّرْفاءِ ، وقال شَمِرٌ : الحائِشُ : جَمَاعَةُ كُلِّ شَجَرٍ من الطَّرْفَاءِ والنَّخْلِ وغَيْرِهما.
قُلتُ : وإِنّمَا سُمِّيَ الحائِشَ جَمَاعَةُ النَّخْلِ المُلْتَفِّ المُجْتَمِعِ ، كَأَنَّه لِالْتِفافِه يَحُوشُ بَعْضُه إِلى بعْضٍ.
وقال ابنُ جِنِّي : الحائشُ : اسْمٌ لا صِفَةٌ ولا هو جَارٍ عَلَى فِعْلٍ ، فأَعَلُّوا عَيْنَه ، وهِيَ في الأَصْل وَاوٌ من الحَوْشِ (١).
والحِيشَةُ ، بالكَسْرِ : الحُرْمَةُ والحِشْمَةُ ، لأَنَّه مِمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهَا ، وأَصْلُهَا حِوْشةٌ ، قُلِبت الواوُ ياءً لانْكِسارِ ما قَبْلَها.
ويُقَال : حاشَ لله ، أَيْ تَنْزيهاً لله ، ولا تَقُل : حاشَ لَك ، قِياساً عَلَيْه ، بَلْ يُقَال : حَاشَاك ، وحاشَى لَكَ ، كَما في الصّحاح.
ومن المَجَازِ الحُوشِيُّ ، بالضَّمِّ : الغَامِضُ المُشْكِلُ من الكَلامِ ، وغَرِيبُه ووَحْشِيُّهُ ، ويُقَالُ : فلانٌ يَتَبَّعُ حُوشِيَّ الكَلامِ ، وعُقْمِيَّ الكلامِ. بمَعْنًى وَاحِدٍ ، وكانَ زُهَيْرٌ لا يَتَتَبَّعُ حُوشِيَّ الكَلامِ.
ومن المَجازِ : الحُوشِيُّ : المُظْلِمُ الهَائِلُ من اللَّيالِي ، قالَ العَجّاجُ :
حتّى إِذا ما قَصَّر العشِيُّ |
|
عَنْهُ وقد قابلَهُ حُوشِيُّ |
أَيْ لَيْلٌ حُوشِيٌّ ، أَي عظيمٌ (٢) هائلٌ.
ومن المَجازِ : الحُوشِيّ : الوَحْشِيُّ من الإِبِلِ وغَيْرِها يُقَال : إِنَّه مَنْسُوبٌ إِلى الحُوشِ ، بالضّمّ ، وهُو بِلادُ الجِنِّ ، منْ وراءِ رمْل يَبْرِينَ ، لا يمُرُّ بها أَحَدٌ من الناسِ ، وقِيلَ : هُمْ من بَنِي الجِنِّ ، قال رُؤْبَةُ :
إِلَيْكَ سَارَتْ من بِلَادِ الحُوشِ
وقيل : الحُوشِيَّةُ : إِبِلُ الجِنِّ.
وقيل : هي الإِبِلُ المُتَوَحِّشَةُ.
أَو الحُوشِيَّةُ : منسوبةٌ إِلى الحُوشِ وهي فُحُولُ جِنَّ (٣) ، تَزْعُم العَرَبُ أَنّهَا ضَرَبَتْ في نَعَم ، بَنِي مَهْرَةَ بن حَيْدَانَ ، فنَتَجَت النّجائبُ المَهْرِيَّةُ من تِلْك الفُحُولِ الوَحْشِيَّةِ فنُسِبَتْ إِلَيْهَا ، فهيَ لا تكادُ يُدْرِكُهَا التَّعَب ، ومثلُه قَوْلُ أَبي (٤) الهَيْثَمِ ، قالَ : وذَكَرَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانِيّ : أَنّهُ رَأَى أَرْبَعَ فِقَرٍ عن مَهْرِيَّة عَظْماً وَاحِداً.
وقِيلَ : إِبِلٌ حُوشِيَّةٌ : مُحَرَّماتٌ ، بعِزَّةِ (٥) نُفُوسِهَا.
ومن المَجَاز : رَجُلٌ حُوشُ الفُؤادِ ، أَيْ حَدِيدُه وذَكِيُّهُ ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ :
فأَتَتْ بهِ حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطِّناً |
|
سُهُداً إِذا ما نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ |
كَذا في الصّحاح.
والمَحَاشُ : أَثاثُ البَيْتِ ، وأَصْلُه الحَوْشُ. وهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وضَمَّه.
وقال اللَّيْثُ : المَحَاشُ كأَنَّه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ ، وهم القَوْمُ اللَّفِيفُ الأُشَابَةُ ، وأَنشد بيتَ النّابِغَةِ :
جَمِّعْ مَحَاشَكَ يا يَزيدُ فإِنَّنِي |
|
أَعْددْتُ يَرْبُوعاً لكُمْ وتَمِيمَا |
أَو هُوَ بكَسْرِ المِيم ، من مَحَشَتْهُ النّارُ ، أَي أَحْرَقَتهُ ، لا مِن الحَوْشِ ، وسيأتي في «محش» أَنّهم يَتَحَالَفُونَ عندَ
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قال : فإن قلت : فلعله جار على حاش جريان قائم على قام : قيل : لم ترهم أجروه صفة ، ولا. أعملوه عمل الفعل ، وإنما الحائش البستان بمنزلة الصور ، وهي الجماعة من النخل ، وبمنزلة الحديقة انظر بقيته في اللسان».
(٢) في التهذيب واللسان : مظلم ، هائل.
(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «فحول الجنِّ».
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : ابن الهيثم.
(٥) التهذيب : لعزّة.